الرئيسية > الأطفال بائعو القهوة السائلة: طفولة محكوم عليها بالاعدام

الأطفال بائعو القهوة السائلة: طفولة محكوم عليها بالاعدام

السبت, 27 كانون الثاني 2018
النشرة الالكترونية
Phenix Center
 الأطفال بائعو القهوة السائلة: طفولة محكوم عليها بالاعدام
المرصد العمالي- مشهد يألفه سائقو عمان، يتمثل بوجود أطفال يلوحون "بصينية" لجذب انتباه المركبات على جوانب الطرق أمام محلات بيع القهوة السائلة، معرضين أنفسهم للخطر نتيجة ركضهم باتجاه السيارات لأخذ طلبات أصحابها، وبذات "الصينية" يوصله له مقابل سعره والقليل من "الفراطة" التي يبقيها البعض له كإكرامية أو "بقشيش".
يقول الطفل عدي الذي لم يتجاوز الـ 12 ربيعاً من عمره "أتقاضى عشرة دنانير يومياً، تساعد في سد احتياجات عائلتي، والدي لا يستطيع وحده التكفل بالمصاريف".
احمد، 15 عاما، يسكن في منطقة عين الباشا ويحضر يومياً الى منطقة دوار المدينة، ليعمل في محل يبيع القهوة السائلة للسائقين، يقول انه، على صعوبة عمله خاصة في الشتاء، الا إنه  يكتسب منه خبرةً في الحياة.
ويضيف بصوت واثق "أنا بصرف على أخواتي وأمي" حيث أن والده توفى قبل 3 أعوام، وأمه ربة منزل ولديه أختين يصغرانه عمراً.
من جهتها تقول الشابة الثلاثينية رشا انه من المثير للاستغراب وجود طفل يقف في الشارع في مختلف الظروف الجوية لتقديم طلبات للسيارات أمام المحلات بدلاً من وجوده في مكانه الطبيعي بالمدرسة، متسائلة أين الجهات المعنية بالرقابة على عمالة الأطفال؟! 
وتضيف رشا أنها يومياً وعند خروجها للعمل تتوقف لشراء القهوة من محل بمنطقة خلدا يوصله لها ذات الطفل الذي يثير شفقتها وخصوصاً في الظروف الجوية الماطرة والباردة، ما يضطرها لترك مبلغ من المال له.
فيما اكتفت السيدة نهى والتي تعمل بشركة يقابلها محل لبيع القهوة حيث تراقب يومياً وجود عدد من الأطفال يعملون لديه بالتناوب بتوجيه رسالة لكل صاحب عمل مفادها "لا تسرقوا الطفولة وتقتلوا ابتساماتهم".
مديرة شؤون الصحة والزراعة في أمانة عمان الدكتورة ميرفت مهيرات تشير إلى انه وبموجب قانون الحرف والصناعات المهنية للأمانة يمنع تشغيل الأطفال، إضافة إلى إن توصيل الطلبات مخالف لتراخيص المهن لهذه المحال.
وبينت مهيرات أنه تم ضبط 102 محل لبيع القهوة السائلة عام 2017 يشغّل أطفالاً.
من جهته أكد مدير التفتيش في وزارة العمل عبدلله الجبور إن الوزارة تقوم بجولات تفتيشية يومية على المناطق لضبط المحلات التي تشغل أطفالاً فيها، حيث يوجه لأصحابها إنذارات ويتم تحويلهم للمحكمة للتوقيع على تعهدات ودفع غرامات مالية بحد أدنى 300 دينار.
ويبين الجبور أنه وفي حال تكرار أصحاب المحلات للمخالفة يتم إغلاق منشأته على الفور، حيث تنفذ المديرية حملات دورية كل ثلاثة أشهر على قطاع معين كالمطاعم والفنادق التي يندرج ضمنها محلات بيع القهوة والذي بلغ عدد المضبوطين عام 2017.
 91 حالة بنسبة 21.7% معتبرا انها من أعلى نسب العمل في القطاعات بعد إصلاح المركبات وأنشطة الخدمة المجتمعية والاجتماعية الشخصية.
وبلغ عدد الأطفال الذين تم ضبطهم في المملكة 419 طفلاً أردني بالإضافة إلى 134 من غير الأردنيين وفقاً لتقرير الزيارات التفتيشية لقسم عمل الأطفال في وزارة العمل لسنة 2017.
عوامل تدفع بالأطفال للعمل 
الخبير في شؤون حماية الأطفال والأسرة الدكتور سيد الرطروط يشير إلى إن هناك عدة عوامل تدفع الأطفال للعمل في محلات القهوة وغيرها، منها تردي الوضع المعيشي لبعض الأسر، إضافة لإيمان البعض بأن الطفل يستطيع العمل وأصبح رجلاً قادراً على حمل المسؤولية.
وهنا يشير الرطروط إلى إن الأوضاع المعيشية للأسر وحاجتها وعوزها هي التي تحكم في بعض الأحيان على الطفولة بـ"الإعدام" بخروجهم إلى العمل والتسرب من المدارس الأمر الذي يؤكد على أهمية إلزامية التعليم الأساسي الواردة بنص القانون الملزم بمسائلة أولياء الأمور الذين يخرجون أطفالهم من المدارس.
من جهة أخرى أوضح الرطروط إن انتشار ظاهرة عمل الأطفال واستمرارها تؤكد على وجود خلل منهجي في عمل الجهات المعنية لمكافحتها إضافة لعدم توافر أرقام دقيقة تظهر حجم العمالة في الأردن لعدة أسباب منها تسجيل بعض حالات العمالة تحت بند التسول.
وحول ازدياد هذه الظاهرة وأسبابها في الأردن يرجع "المرصد العمالي" في ورقة تقدير موقف بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال 2017، ذلك الى عدة عوامل منها داخلية مرتبطة ببنية وطبيعة الواقع الاجتماعي والاقتصادي، إضافة لأسباب خارجية مرتبطة بوجود مئات آلاف اللاجئين السوريين خلال السنوات القليلة الماضية.
فيما أسهمت السياسات الاقتصادية بتفاقم التفاوت الاجتماعي وضعف مؤشرات العدالة الاجتماعية ما أدى لتراجع المستويات المعيشية للأسر الأردنية بازدياد رقعة الفقراء بشكل واضح من خلال المؤشرات التي تبين ارتفاع نسب الفقر من 13% عام 2008 الى نحو 20% عام 2014 بحسب المرصد.
هذا وارتفع عدد الأطفال العاملين في الأردن من العام 2006 وحتى العام 2016 من 33 ألفاً الى 76 ألفاً منهم 45 يعملون في مهن خطرة بحسب دراسة مسحية أعدتها منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة العمل و مركز الدراسات الاستراتيجية.
ويحظر قانون العمل الأردني رقم (8) لسنة 1996، تشغيل الأطفال والأحداث، الذين لم يكملوا 16 من عمرهم، بأي صورة من الصور.
كما حظرت المادة (74) من القانون ذاته، تشغيل الأحداث الذين لم يكملوا 18 من عمرهم في الأعمال الخطرة أو المضرة بالصحة.
وصادق الأردن عام 1991على اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1989 والتي تعرف الطفل 
"بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره".