الرئيسية > العاملات ذوات الإعاقة.. تحديات في بيئة العمل وعقبات تعيق إدماجهن بسوق العمل

العاملات ذوات الإعاقة.. تحديات في بيئة العمل وعقبات تعيق إدماجهن بسوق العمل

الثلاثاء, 15 نيسان 2025
النشرة الالكترونية
Phenix Center
العاملات ذوات الإعاقة.. تحديات في بيئة العمل وعقبات تعيق إدماجهن بسوق العمل
المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني 
رغم التشريعات التي تضمن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في بيئة العمل وتمنع التمييز ضدهم، لا يزال العديد منهم وبخاصة النساء يواجهن عقبات تعيق إدماجهن في سوق العمل.

بدءً من قلة الفرص العمل، مرورا بالبنى التحتية غير المهيأة لإعاقتهن وبالتمييز الوظيفي، وصولاً إلى غياب الدعم المؤسسي الكافي لهن، بيد أن التطبيق الفعلي للقوانين والتشريعات هو التحدي الأكبر الذي يواجه العاملات من ذوات الإعاقة.

بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها النساء ذوات الإعاقة الحركية في سوق العمل، رصد "المرصد العمّالي الأردني" سابقاً حالات انتهاكات عمّالية تعرضت لها نساء من ذوات الإعاقة البصرية وغيرهن من ذوات الإعاقات المختلفة. 

كنّ قد واجهن صعوبات تتعلق بعدم تهيئة بيئات العمل، وغياب الترتيبات التيسيرية اللازمة لأداء وظائفهن بفاعلية، إلى جانب التمييز في الأجور والتوظيف والفصل التعسفي، وعدم توفير وسائل مساندة مثل البرامج الناطقة أو لغة الإشارة.

وفي الوقت الذي تكشف فيه وزارة العمل عن تسجيل 11 شكوى قدمتها نساء ذوات إعاقة منذ منتصف العام الماضي، يؤكد المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أن مشاركتهن في سوق العمل محدودة، وهناك غياب واضح لإحصائيات رسمية تبيّن حجم مشاركتهن الاقتصادية والتحديات الوظيفية والعمّالية التي تعيق تقدمهن.

نقص في تهيئة البيئة 
تعمل إيمان في قسم التغليف بأحد المصانع الإنتاجية في محافظة الزرقاء، ورغم إعاقتها الحركية الناتجة عن تشوه خلقي، استطاعت الحصول على فرصة عمل عبر مكتب العمل التابع لوزارة العمل. 

تصف إيمان رحلتها في البحث عن عمل بأنها لم تكن سهلة، وقوبلت بالرفض من شركات كثيرة لاعتقادهم بأنها ستكون غير منتجة، ما دفعها إلى التوجه لمكتب عمل الضليل بالزرقاء، وشرحت وضعها وحاجتها للعمل، وبعدها التحقت في وظيفتها الحالية.

تؤكد إيمان في حديثها لـ"المرصد العمّالي الأردني" أن دمج النساء ذوات الإعاقة في سوق العمل ليس مجرد مطلب، بل هو حق أساسي يجب على الجميع دعمه لضمان فرص متكافئة للجميع.

وتشير إلى أن بيئة عملها جيدة نوعاً ما، لكنها غير مهيأة بالكامل للأشخاص ذوي الإعاقة، وخصوصاً أن المرافق الصحية يصعب استخدامها وبُعد المسافات التي تقطعها للوصول إلى أماكن الاستراحة والتي تستغرق سبعة دقائق، ما يمثل تحدياً لها.

وتلفت إلى أن مستوى الوعي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بما فيهم النساء لا يزال بحاجة إلى تعزيز، وربما القوانين والتشريعات تضمن حماية لهذه الحقوق، لكنها لا تُطبَّق دائماً بشكل عادل للجميع.

لم تحصل إيمان على أي تدريب أو دعم من منظمات المجتمع المدني أو الجهات الحكومية قبل دخولها لسوق العمل، وهو أمر ترَ أنه ربما يكون عائقاً أمام كثير من النساء ذوات الإعاقة اللواتي يبحثن عن فرص مناسبة.

وتطالب صنّاع القرار بضرورة توفير بيئات عمل أكثر تهيئة، تشمل مرافق صحية مناسبة، وأماكن استراحة قريبة، وتغيير النظرة النمطية تجاه قدرات الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل والإنتاج.

تتحدى الإعاقة بكاميرا ولكن!
أما هبة، تتحرك وسط أضواء الحفلات وضجيج الأفراح في العاصمة عمّان بخطوات ثابتة، تحمل كاميرتها الثقيلة، وتبحث عن اللحظة المثالية لتوثيقها بعدستها. رغم أن هبة تعتمد على العكاز أثناء المشي وتعاني من الكساح وانحراف العمود الفقري، فإن ذلك لم يمنعها من اقتحام عالم التصوير.

تقول هبة في حديثها لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إنها واجهت تحديات جسدية ومهنية خلال رحلتها في البحث عن عمل في التصوير الفوتوغرافي، الذي يتطلب مجهوداً بدنياً كبيراً، والتنقل السريع بين زوايا القاعات لالتقاط أجمل اللحظات. 

وتوضح أن بيئة عملها ليست سهلة، وبخاصة أن معظم صالات الأفراح تحتوي على سلالم، ويتطلب عملها الحركة السريعة والتقاط الصور في الوقت المناسب، ومع ذلك تُصر هبة على مواصلة العمل رغم الإرهاق الجسدي.

وتواجه هبة إلى جانب التحديات الجسدية، نظرات الشك وعدم الثقة بقدراتها من بعض أصحاب العمل، فهناك من يعتقد أن الأشخاص ذوي الإعاقة لا يمكنهم العمل بكفاءة، ويفضلون توظيف أشخاص لا يواجهون إعاقات جسدية.

وتؤكد أن بعض أصحاب العمل ما زالوا يرون أن مكان الأشخاص ذوي الإعاقة هو المنزل، بدلاً من توفير بيئات عمل مرنة تتناسب واحتياجاتهم.

لكنها بالمقابل، تجد دعماً جيداً من الأشخاص الذين تعاملوا معها ورأوا نتائج عملها، ومجرد أن يشاهدوا الصور تتغير وجهات نظرهم تماماً، ورغم أنها لم تتعرض لتمييز واضح ضدها، فإنها لاحظت بعض المواقف التي تحمل شكوكاً في قدرتها على القيام بالعمل.

وتؤكد هبة أن النساء ذوات الإعاقة يجب أن يكنّ على دراية بحقوقهن، مثل حقهن في بيئة عمل مهيأة والمساواة في الأجور والحماية من التمييز. وترَ أن القوانين وحدها لا تكفي، فالتحدي الأكبر يكمن في ضعف تطبيقها على أرض الواقع.

وتدعو هبة إلى ضرورة تبني سياسات تدعم دمج النساء ذوات الإعاقة بشكل فعلي، من خلال تحسين بيئات العمل، وتوفير تسهيلات تضمن لهن فرصاً متساوية في سوق العمل، وتوفير بيئات عمل أكثر وصولاً ومرونة، تمنحنهن الفرصة لإثبات قدراتهن.

سبع سنوات من الرفض 
أمّا حنين، قصتها تختلف عن هبة وإيمان، فهي تواجه تحدياً آخر، إذ أنها تبحث عن عمل منذ سبع سنوات مرّت على تخرجها من الجامعة، حاملة شهادة البكالوريوس في علم الحاسوب وشغفاً كبيراً لإثبات نفسها بسوق العمل تتنقل بكرسيها الكهربائي الذي يساعدها على تجاوز إعاقتها الحركية، على أمل أن تجد فرصة تفتح أمامها أبواب المستقبل، لكن الواقع كان قاسياً.

تقول حنين في حديثها لـ"المرصد العمّالي الأردني" إنه على الرغم من تقديمها للعديد من طلبات العمل وإجراء مقابلات مع شركات مختلفة، فإنها كانت تُرفض وتتكرر الإجابات نفسها بعد إجراء المقابلة "لا نحتاج موظفاً بهذا التخصص حالياً" أو "عملنا لا يتناسب مع ظروفك".

لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الرفض فقط، بل شكّل ذلك ضغطاً نفسياً كبيراً عليها، وبدأ الشعور بالإحباط يتسلل إلى حياتها. ومع مرور الوقت، بدأت تتساءل "هل هناك شيء خاطئ في شهادتي؟ هل عليّ تغيير مساري المهني؟" وأخذت الشكوك والتساؤلات تتغلغل في حياتها، لتبدأ معاناتها مع الاكتئاب.

"العمل": 11 شكوى منذ حزيران الماضي
تكشف وزارة العمل الأردنية في تصريح خاص، أنها سجلت 11 شكوى عمّالية من النساء ذوات الإعاقة، وذلك بعد أن أضافت حقل جديد عبر منصة "حماية" الخاصة باستقبال الشكاوى العمّالية، ومن خلال الحقل يُحدد فيه المشتكي إذا كان من ذوي الإعاقة أم لا، وذلك بتاريخ 25 حزيران الماضي. فيما تنوعت الشكاوى وكان أبرزها الاعتراض على إجراء وطلب نسخة من عقد العمل.

وتلفت الوزارة في تصريح إلى"المرصد العمّالي الأردني" أن مؤشر عدد النساء العاملات من ذوات الاعاقة في سوق العمل الأردني غير متوفر لديها. ما تستدعي الحاجة إلى إجراء دراسات متخصصة للتوصل إلى عدد النساء العاملات من ذوات الإعاقة.

وتشير الوزارة إلى أنها تتعامل مع الشكاوى الواردة من خلال تواصل مفتش العمل مع العامل المشتكي للتحقق من المعلومات الواردة في شكوته، وبعدها التواصل مع صاحب العمل أو من ينوب عنه للتأكد من الشكوى لتحصيل الحقوق العمّالية للعامل، وإن تطلبت الشكوى تنفيذ جولة تفتيشية يجري تنفيذها بشكل مفاجئ أو معلن.

وتبيّن الوزارة بأنه في حال لم يلتزم صاحب العمل بتطبيق القانون يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه وفقاً لأحكام قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 وتعديلاته.

المجلس الأعلى: ضرورة توفر معلومات
بدورها، تؤكد رئيسة لجنة المرأة وعضوة مجلس أمناء في المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة روان بركات عدم توفر معلومات حول عدد النساء العاملات من ذوات الإعاقة بسوق العمل الأردني، بيد أن مشاركتهن محدودة وفرصهن في الوصول إلى العمل والاستمرار فيه قليلة، وهناك أسباب كثيرة منها أسباب مجتمعية ومنها أسباب متعلقة بتهيئة بيئة العمل. 

وتوضح في حديثها لـ"المرصد العمّالي الأردني" أن النساء العاملات من ذوات الإعاقة حال واجهن أي معيق يستطعن الرجوع إلى لجنة تكافؤ الفرص والتي يشرف عليها المجلس وتضم عضويتها جهات مختلفة وتحاول اللجنة بدورها التوصل إلى حلول سواء من خلال الترتيبات التيسيرية أو متطلبات إمكانية الوصول.

وتوصي بركات بضرورة إجراء دراسات توفر معلومات متعلقة بإعداد النساء العاملات من ذوات الإعاقة بشكل خاص ومعرفة أماكن عملهن، وتوفير قاعدة بيانات الباحثات عن عمل منهن، وهذه كانت إحدى توصيات القطاع الخاص والمجتمع المدني. 

وتكشف أن المجلس سينفذ لقاء مع اللجنة الوزارية لتمكين المرأة لوضع أهم التحديات والتوصيات المتعلقة بتمكين النساء ذوات الإعاقة اقتصادياً، وجزء من هذه التوصيات ستكون التوصيات التي وضعها القطاع الخاص بالتعاون مع المجتمع المدني العام الماضي، بالإضافة إلى بناء شراكات جديدة مع القطاع الخاص للاستمرار في توظيف مزيد من النساء ذوات الإعاقة.

فيما، تقول إن قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أكد على حق الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام بالعمل وركز على عدم حرمان الأشخاص بما فيهم النساء من العمل بسبب إعاقتهم، وألزم وجود نسبة 4 بالمئة من العاملين بكل منشأة من ذوي الإعاقة.

الإطار التشريعي 
يُكفل حق الأشخاص ذوي الإعاقة- رجالاً ونساءً- في العمل وفقاً للتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الأردن، والتي تؤكد على عدم التمييز في التوظيف وضمان تكافؤ الفرص في بيئات عمل مهيأة وشاملة. 

ورغم أن هذه القوانين تشمل الجميع، فإن النساء ذوات الإعاقة يواجهن تحديات مضاعفة تتطلب تفعيلاً أقوى لهذه التشريعات لضمان حقوقهن الوظيفية بشكل عادل وهو التحدي الأكبر الذي يواجهن العاملات من ذوات الإعاقة.

تنص المادة 13 من قانون العمل الأردني وتعديلاته على إلزام صاحب العمل بإرسال بياناً إلى وزارة العمل يحدد فيه الأعمال التي يشغلها ذوو الإعاقة وأجر كل منهم.

فيما تنص المادة 27 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة عن الأمم المتحدة والتي صادق عليها الأردن عام 2008م على حق الأشخاص ذوي الإعاقة بما فيهم النساء في العمل دون تمييز، وضمان تكافؤ الفرص، وتوفير تسهيلات مناسبة، وحماية حقوقهم في بيئة عمل شاملة ومتاحة.

وتُلزم الفقرة (ه) من المادة 25 من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الجهات الحكومية وغير الحكومية التي لا يقل عدد العاملين والموظفين في أي منها عن 25 ولا يزيد على 50 عاملاً وموظفاً، بتشغيل شخص واحد على الأقل من ذوي الإعاقة، وإذا زاد عدد العاملين والموظفين على 50 عاملاً وموظفاً، تخصص نسبة تصل إلى 4 بالمئة من شواغرها لذوي الإعاقة وفقاً لما تقرره وزارة العمل.

ويُلزم نظام تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، الصادر بمقتضى المادتين 13 و 140 من قانون العمل، كل منشأة يزيد عدد العاملين فيها عن 50 عاملاً  أن تشغل نسبة 4 بالمئة منهم من ذوي الإعاقة. ويُلزم النظام تشغيل شخص واحد من الأشخاص ذوي الإعاقة إذا كان عدد العاملين في المؤسسة أكثر من 25 وأقل من 50 عاملاً.

وتُلزم تعليمات حماية المرأة الحامل والمرضعة وذوي الإعاقة والعمل الليلي، صاحب العمل بتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة وإمكانية الوصول التي تتيح للأشخاص ذوي الإعاقة القيام بالمهام الوظيفية أو العملية والاستمرار والترفيع فيهما، إضافة إلى مراعاة المؤهلات العلمية والخبرات العملية عند تشغيل عامل من الأشخاص ذوي الإعاقة وتحديد الأجر المخصص لهذا العمل دون تمييز قائم على أساس الإعاقة.