عمّان، 18 كانون أول 2024
طالب المرصد العمّالي الأردني بضرورة إلغاء نظام الكفالة للعمال المهاجرين في الأردن، واستبداله بنظام آخر يتمتع بالمرونة ويضمن حقوقهم ضمن المعايير الدولية، وحريتهم في السفر والتنقل والعمل واختيار صاحب العمل.
وأوضح المرصد في البيان أن المنظومة التشريعية للعمال المهاجرين في الأردن تفتقر إلى الحماية الكافية لهم، حيث أن هناك العديد من الاستثناءات الواردة في بعض القوانين والأنظمة والقرارات تُشكل تمييزا ضد العمّال المهاجرين، وتشكل أرضية ومدخلا لاتساع رقعة الانتهاكات ضدهم.
جاء ذلك في بيان أصدره المرصد العمّالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين الذي يصادف 18 كانون أول من كل عام.
وأكد البيان أن العمالة المهاجرة في الأردن تتعرض للعديد من الانتهاكات والتمييز، منها: قرارات الحد الأدنى للأجور التي تُطبق على الأردنيين فقط، واستثناء عاملات المنازل من الانتفاع من الحماية الاجتماعية في إطار منظومة الضمان الاجتماعي بالرغم من شمول فئة العاملين في المنازل تحت مظلة قانون العمل الأردني، إلى جانب العديد من الممارسات على أرض الواقع ضد قطاعات واسعة من العمالة المهاجرة، بسبب نظام الكفالة الذي يُعتبر أكبر مشكلة يواجهونها.
وبين أن نظام الكفالة يربط مصائر العمال المهاجرين وجميع معاملاتهم بشرط وجود صاحب العمل (الكفيل)، ما يعني أن حريتهم في التنقل والسفر واختيار جهة العمل إضافة إلى الأجور والإجازات وعدد ساعات العمل تكون مُقيدة بمزاج الكفيل.
وأشار البيان إلى أن العديد منهم يتعرضون أحيانا للضغط والتهديد من قبل الكفلاء بالتبليغ عنهم لتسفيرهم أو وقف الكفالة حال لم يقوموا بالعمل المطلوب منهم، وهو ما يعتبر شكلا من أشكال العبودية والاستغلال.
ورأى المرصد في البيان أن ربط كل شيء بإرادة وموافقة الكفيل (صاحب العمل) يؤدي إلى تقييد حقوق العامل المهاجر وعدم احترام حريته، لذلك يجب أن يكون العامل طرفا رئيسا في عملية التعاقد بينه وبين صاحب العمل، ويمتلك إرادة في إلغاء عقد العمل حين يريد.
وبخصوص عدد العمال المهاجرين الحاصلين على تصاريح عمل، أشار البيان إلى أن عددهم يُقارب 350 ألف عاملا، وسط تقديرات بأن مجمل أعداد العاملين المهاجرين في الأردن يصل إلى أكثر من مليون عاملا، ما يشير إلى أن معظم العمّال المهاجرين في الأردن غير حاصلين على تصاريح عمل ويعملون بشكل غير منظم.
وتوقع المرصد العمالي في البيان أن أعداد العمالة غير الأردنية في الأردن قد تنخفض خلال السنوات القليلة المقبلة، بسبب تغيير النظام السياسي في سوريا أخيرا، حيث تم فتح أبواب عودة اللاجئين السوريين في جميع أنحاء العالم إلى وطنهم سوريا، وبدأوا يرسمون طريق عودتهم إلى مدنهم وبلداتهم التي هُجّروا منها لسنوات طويلة.
ولفت البيان إلى الإجراءات الحكومية الأخيرة المتمثلة بالتعديلات المقترحة على قانون العمل، حيث تتضمن تكريسا لصلاحيات وزير العمل بتسفير أي عامل غير أردني يعمل دون تصريح عمل وفقا للتشريعات النافذة، دون اللجوء الى السلطة القضائية.
ورأى البيان أن قرار التسفير يجب أن تصدره جهة قضائية وليس من الوزير مباشرة باعتباره سلطة تنفيذية، لأنّ القضاء هو صاحب السلطة في الحكم وإصدار القرار، والأقدر على اتخاذ قرارٍ يحمّل مسؤولية عدم توفر تصريح عمل لمرتكبيه، سواء العامل أم صاحب العمل، ويضمن عدم تعرض العامل للظلم.
كما أن العديد من العمال الوافدين (المهاجرين) لا تُجدد تصاريحهم بسبب أصحاب عملهم الذين لا يجددونها تهرباً من دفع الرسوم المترتبة على ذلك، ما يضع العامل وحده عرضة لخطر التسفير بدون الحصول على محاكمة عادلة تتقصى فيها الجهات القضائية حيال قيامه بالمخالفة أو غيرها، ما يتطلب ضرورة اتخاذ إجراءات عادلة قبل اتخاذ قرار التسفير بحقه من عدمه.
وشدد البيان على إعادة النظر بالمنظومة التشريعية المتعلقة بالعمّال المهاجرين، وبخاصة نظام الكفالة عن طريق استبداله بنظام يتمتع بالمرونة ويضمن للعمّال المهاجرين حقوقهم ضمن المعايير الدولية، ويكون للعامل المهاجر حرية السفر والتنقل والعمل واختيار صاحب العمل، ويكون طرفا رئيسا في عملية التعاقد بينه وبين الكفيل، ويمتلك إرادة في إلغاء عقد العمل حين يريد ضمن شروط معينة.
وأوصى البيان بضرورة تنظيم وضبط سوق العمل في الأردن لوضع حد للفوضى الكبيرة التي يعاني منها سوق العمل حيث اتساع رقعة العمالة المهاجرة غير النظامية -التي لا تحمل تصاريح عمل-، وتضر بمصالح العمال الأردنيين من جهة وتفتح الباب أمام وقوع العديد من الانتهاكات ضدهم، وذلك من خلال تأسيس "سياسة الهجرة" لتنظيم العمالة المهاجرة في الأردن.