عمّان، 9 كانون أول 2024
عَقِبَ الإعلان رسمياً، فجر اليوم الأحد، عن تغيير النظام السياسي في سوريا، فُتحت أبواب عودة اللاجئين السوريين في جميع أنحاء العالم إلى وطنهم سوريا، وبدأوا يرسمون طريق عودتهم إلى مدنهم وبلداتهم التي هُجّروا منها لسنوات طويلة.
في ذات الوقت، تعهدت المعارضة السورية التي سيطرت على سوريا، صباح اليوم، بإعادة جميع اللاجئين والمهجّرين إلى ديارهم.
في الأردن، أبدى لاجئون سوريون في أحاديث منفصلة لـ"مركز الفينيق" استعدادهم ورسم مخططاتهم للعودة إلى بلدهم، وبخاصة بعد الأمل الذي تجدد لديهم في استعادة حياتهم الطبيعية في بلدهم سوريا، إلا أن معظمهم أبدى تريثه إلى حين استقرار الأوضاع الأمنية هناك.
عبد الإله سعده، أحد اللاجئين السوريين، البالغ من العمر 39 عاما، ويعمل في مجال الصناعات الغذائية، يقول إن جل تفكيره حاليا هو العودة إلى بلده، وبخاصة أن لديه أملاكٌ في ريف دمشق يريد استعادتها ليعيد بناء حياته من جديد.
فرحة عبد الإله بقرب عودته إلى وطنه تكاد لا توصف، فهو يريد استرجاع حياته وعمله الذي فقده بعد تهجيره، إلا أنه يرى في الوقت ذاته أن العودة فورا في ظل عدم استقرار الأوضاع الأمنية في سوريا قد تكون مخاطرة غير آمنة.
ويوضح بالقول: "الوقت الحالي ليس مناسبا للعودة، فما تزال الأوضاع غير مستقرة هناك، ولا نعلم من الذي سيتولى الحكم في سوريا، وما الإجراءات التي ستُتخذ حيال عودتنا، لذا سأنتظر بضعة أشهر حتى يستقر الوضع الأمني، وبعدها سأبدأ بتجهيز عودتي إلى وطني".
في حين يؤكد محمد المحيميد، وهو لاجئ سوري يبلغ من العمر 25 عاما، أيضا ويعمل في صالون حلاقة، أن العودة إلى بلده أصبحت حالياً من ضمن أولوياته هو وعائلته، خصوصا وأن جميع أقربائهم متواجدون في سوريا.
ويوضح محمد لـ"مركز الفينيق" بالقول: "جميع أقربائنا في سوريا، ولدينا محال تجارية هناك".. ويستكمل حديثه: "حينما أعود سأفتتح صالون حلاقة كمشروع خاص بي، وهذا كان حلمي قبل أن أُهجّر من بلدي".
حلم محمد كحلم آلاف اللاجئين السوريين الذين هُجّروا من بلدهم وضاعت طموحاتهم التي عملوا على تحقيقها لسنوات، ليتجدد لديهم الأمل أخيرا في استرجاع حياتهم الطبيعية التي فقدوها.
ويتفق محمد مع بقية اللاجئين السوريين، الذين تواصل معهم "مركز الفينيق"، بأن العودة حاليا وبشكل فوري قد تكون غير آمنة، وأنه سينتظر هو وعائلته حتى تستقر الأوضاع في سوريا، وتُصبح عودتهم سهلة وآمنة.
أما مالك خريس، وهو أحد اللاجئين في مخيم الزعتري البالغ من العمل 31 عاما، يقول إن العودة إلى بلده أصبحت مسألة وقت لا أكثر، وأنه سينتظر فقط إجراءات عودتهم من الحكومة المقبلة في سوريا.
ويوضح خريس، خلال حديثه إلى "مركز الفينيق"، أن حياة اللجوء في المخيم أصبحت "قاسية"، حيث لا تجديد للكرفانات التي يسكنون فيها، وتكرر انقطاع الكهرباء والمياه، وقلة فرص العمل، ناهيك عن تقليص خدمات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في المساعدات النقدية والعينية. ويرى أنه لا يوجد مبرر حاليا للبقاء في الأردن، وبخاصة أن لديه منزلٌ في سوريا يريد استرجاعه ليعيش حياة كريمة هو وأسرته.
وبالنسبة إلى اللاجئات السوريات، فتقول إحداهن، وتعمل في مجال الزراعة بالأغوار الشمالية، إنها كانت تحلم دائما بالعودة إلى سوريا، خصوصا وأن لديها هي وأخواتها أراضٍ زراعية في ريف دمشق يُردن استعادتها لفتح مشاريع زراعية فيها.
وتوضح أن العمل في الزراعة بالأردن غير مُجدٍ وغير مبرر، حيث يوجد صعوبات في العمل وظروفه، وخاصة الأجور المتدنية، ولا يوجد أمان وظيفي، ويتعرضن في كثير من الأحيان للاستغلال من قبل أصحاب العمل، وقالت "تغير النظام في سوريا أرجع لنا الأمل في استعادة حياتنا وكرامتنا التي فقدناها طيلة السنوات التي مضت".
وأجمع غالبية السوريين الذين تواصل معهم "مركز الفينيق" في مخيمي الزعتري والأزرق شمالي الأردن، على رغبتهم بالعودة إلى مدنهم وبلداتهم في سوريا، واستعادة حياتهم، وقد عبروا عن سعادتهم بالتغيرات السياسية التي حدثت في سوريا، وأنهم كانوا يحلمون منذ سنوات بالعودة إلى بلدهم، ويستعيدوا حياتهم الطبيعية، إلا أنهم عبروا في الوقت ذاته عن رغبتهم بالانتظار لعدة أشهر لتستقر الأوضاع الأمنية هناك.
ورصدت وسائل أعلام، صباح اليوم، عشرات اللاجئين السوريين ممن دخلوا الأردن بمركباتهم يغادرون المملكة عبر معبر جابر الحدودي، عائدين إلى بلدهم عَقِبَ إعلان تغيير النظام في سوريا، ليسترجعوا حياتهم وأعمالهم التي تركوها هناك.
وعبّر السوريون الذين غادروا الأردن منذ صباح اليوم عن امتنانهم وشكرهم للمملكة الأردنية وشعبها على استضافتهم وفتح أبوابها لهم.
فيما أعلنت السفارة السورية في الأردن أنه وفي ضوء التطورات الأخيرة التي تشهدها سوريا، فإنها مستمرة بالعمل وتقديم الخدمات القنصلية لأبناء الجالية السورية في الأردن لتسهيل عودتهم إلى وطنهم.