المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني
يشهد موظفو أمانة عمّان الكبرى تصعيداً في حراكهم الاحتجاجي، رداً على قرار إدارة الأمانة بفصل المكافآت والعلاوات عن الراتب الإجمالي، فيما يخشى الموظفون من أن يؤثر القرار سلباً على واقعهم المعيشي ورواتبهم التقاعدية.
قرار أمانة عمّان سيُلحق الضرر بأكثر من 20 ألف موظفا وموظفة في الأمانة، وسيؤثر على رواتبهم التقاعدية مستقبلا؛ لأن نسبة المكافآت والعلاوات من رواتبهم الإجمالية تصل إلى نحو 35 بالمئة، وفق ما يقوله موظفو أمانة عمّان في حديثهم لـ"المرصد العمّالي الأردني".
ويؤكدون أنهم مستمرون في المطالبة بتراجع إدارة الأمانة عن القرار، ويعتزمون الاستمرار في تصعيد إجراءاتهم الاحتجاجية الأسبوع المقبل، بعد أن نفذوا في أوقات سابقة سلسلة من الاحتجاجات منذ أن أعلنت الإدارة عن القرار.
خطوات جدية واستمرار التصعيد
سمير الحديد، وهو أحد موظفي أمانة عمان الكبرى، يؤكد أن القرار سيؤثر على حياته المعيشية بشكل واضح ومباشر، وسيؤدي إلى تقليص دخله الشهري، ما سيصعّب عليه تغطية احتياجاته الأساسية والتزاماته اليومية وأسرته، وسيؤثر سلباً على استقراره الأسري والمعيشي.
ويوضح الحديد لـ"المرصد العمالي" أن القرار لا ينعكس فقط على حياته اليومية، بل يُهدد مستقبله المهني والتقاعدي، وأن فصل العلاوات والمكافآت عن الراتب الإجمالي يعني تقليص مستحقاته التقاعدية في المستقبل، ما يتركه أمام تحديات مالية عند التقاعد في وقت حاجته للدعم المالي ويزيد من شعوره بعدم الأمان الوظيفي.
ويطالب الإدارة بإعادة النظر في القرار وأخذ ظروفهم المعيشية بعين الاعتبار، وإدراك أن الموظفين هم جزء أساسي من نجاح عمل الأمانة، وأن اتخاذ قرارات تمس باستقرارهم المالي سيؤثر حتماً على أدائهم العام.
ويقترح الحديد أن تتجه الأمانة إلى حلول بديلة يمكن اتباعها بعيداً عن رواتب الموظفين، من خلال تخفيض النفقات التشغيلية غير الضرورية أو تقليص المخصصات لبعض المشاريع غير العاجلة، بما يحقق توفيراً في الميزانية دون المساس بمستحقات الموظفين.
كما ويقترح توجيه الاستثمارات إلى مبادرات ترفع من كفاءة العمل وتقلل من التكاليف على المدى البعيد؛ ما يُسهم في تحسين الوضع المالي للأمانة مع الحفاظ على حقوق العاملين.
فيما يؤكد دعمه لأي إجراء يساعد في تحسين الوضع المالي للأمانة، في الوقت ذاته يرفض أن يكون ذلك على حساب حقوقه الأساسية وزملائه. ويأمل أن تعود الإدارة إلى طاولة الحوار لمناقشة الحلول الممكنة والواقعية لتحقيق التوازن بين مصالح الأمانة وحقوق الموظفين.
ويعتزم الحديد وزملائه اتخاذ خطوات جدّية للدفاع عن حقوقهم، بدءاً من التوعية بحقوقهم وإيصال رسالتهم بوضوح للإدارة والجهات المعنية، ومواصلة العمل ضمن الأطر القانونية المتاحة، والاستمرار بتنظيم احتجاجات سلمية لإيصال موقفهم بشكل مؤثر، وأن استمرار المطالبة بحقوقهم هو السبيل الوحيد للتراجع عن القرار.
اتحاد النقابات: القرار مرفوض وحقوق العاملين أولاً
فيما، يقول رئيس الاتحاد العام لنقابات عمّال الأردن خالد الفناطسة في حديثه لـ"المرصد العمّالي الأردني" إن الاتحاد يُعبّر عن رفضه المساس بحقوق العاملين وأبلغ أمانة عمان بموقفه هذا.
ويطالب الاتحاد بالعودة عن القرارات التي تتقاطع وحقوق العمّال، وأن تؤخذ مصالح وحقوق العاملين بالمقام الأول؛ فالعمّال هم لبنة أساسية في الأمن الاجتماعي الذي يجب أن يتوفر للعمّال.
ويشير الفناطسة إلى أن الاتحاد لن يتوانى في إيجاد حلول مع أي طرف من أطراف النزاع أكانت أمانة عمان أو أي طرف آخر، بعيداً عن تعطيل المصالح والإنتاج ودون التنازل عن حقوق العمّال، والأمانة عندما تمد يدها فالاتحاد يرحب بذلك لتحقيق المصالح المطلوبة.
ويشدد على ضرورة الالتزام بما نص عليه قانون العمل بالعمل الإضافي والعمل المرن والإجازات بأنواعها وساعات العمل اليومية، وشمول العاملين بكافة العلاوات في إجمالي الراتب الخاضع للضمان الاجتماعي، وعدم إجبار العاملين بنظام المياومة والتقاعد المبكر دون رغبة منهم، وعدم اللجوء لهيكلة الموظفين بحجة الترشيق والترشيد لما فيه مس بالأمن الوظيفي للعاملين.
ويطالب بصرف زيادة لكافة العاملين في نظام المياومة بواقع 30 دينار شهريا بدل غلاء معيشة، وصرف بدل خطورة عمل بقيمة 30 دينار شهريا بسبب الظروف الصعبة التي يتعرض لها العاملين في الميدان صيفا وشتاء.
كما يطالب بإعادة العمل في صندوق الخدمات الاجتماعية في النقابة على أن تكون إدارته والإشراف عليه بالاشتراك بين الطرفين، وصرف كافة المبالغ التي تم اقتطاعها من العمال للصندوق من تاريخ إيقاف العمل فيه، وتحويل اشتراكات العاملين في عضوية النقابة من تاريخ إيقافها حيث أنها حق مكتسب للنقابة.
أمانة عمّان: القرار لا يؤثر على الموظفين
بدوره يصرح الناطق الإعلامي باسم أمانة عمّان الكبرى ناصر رحامنة في حديثه إلى "المرصد العمّالي الأردني" إن القرار جزء من إجراءات تنظيمية وإدارية ومتطلبات رقابية تقوم بها الأمانة.
ويوضح أن القرار لا يوجد له أي تأثير على جميع الموظفين والعاملين في نظام المياومة الأجور اليومية والذي يصل عددهم إلى أكثر من 20 ألف موظفا وموظفة، ولا يؤثر بأي شكل من الأشكال لا على الموظفين ولا حتى على الموازنة.
خبير: القرار "غامض" والمكافآت والعلاوات ضرورة
فيما يوضح الخبير في التأمينات الاجتماعية والناطق السابق لمؤسسة الضمان الاجتماعي موسى الصبيحي أن القرار قد يؤثر سلباً على حقوق العاملين، والمكافآت والعلاوات التي يتقاضاها الموظفون يجب أن تُدرج ضمن أجورهم الخاضعة للضمان الاجتماعي، نظراً لأهمية ذلك في تعزيز منافعهم التأمينية وتحسين رواتبهم التقاعدية المستقبلية.
ويستشهد الصبيحي بحالة أحد موظفي الأمانة الذي يبلغ إجمالي دخله الشهري من الراتب والمكافآت حوالي 830 ديناراً، بينما تم اقتطاع 30 ديناراً فقط للضمان الاجتماعي ويجب اقتطاع 54 ديناراً. فيما الأجر الخاضع فعلياً للضمان كان أقل من الإجمالي بحوالي 44 بالمئة.
ويطالب الصبيحي مؤسسة الضمان الاجتماعي بالتحرك الفوري للتحقق من صحة المعلومات والقرار الصادر عن الأمانة عمان بعد أن وصفه بـ"الغامض"، للتأكد من ضمان حقوق العاملين وشمول مكافآتهم وعلاواتهم ضمن الأجر الإجمالي الخاضع للضمان وفقاً لأحكام القانون.
"العمل": النزاع العمّالي أمام مندوب التوفيق
بدورها، تقول وزارة العمل في تصريح خاص إلى "المرصد العمّالي الأردني" إن قرار فصل المكافآت والعلاوات تم لغايات تنظيمية، ويتم تفصيلها في قسيمة الرواتب فقط لجميع الموظفين، ومن تنطبق عليهم أحكام قانون العمل رقم (8) لسنة 1996 وتعديلاته دون الانتقاص من الرواتب الخاضعة لأحكام مؤسسة الضمان الاجتماعي، وهذا طلب ديوان المحاسبة.
وحول إمكانية التدخل لحل النزاع العمّالي بشكل ودي، تكشف الوزارة أن النزاع قائم حالياً أمام مندوب التوفيق في الوزارة بين أمانة عمان الكبرى والنقابة العامة للعاملين في البلديات وأمانة عمّان الكبرى، حول العديد من المطالب العمّالية من ضمنها العلاوات وسيتم التفاوض بشأنها.
وتوضح الوزارة أن الضمانات التي تقدمها لحماية المتضررين من القرار متضمنة في تعريف "الأجر" بقانون العمل، وهو "كل ما يستحقه العامل لقاء عمله نقدا أو عينا مضافاً إليه سائر الاستحقاقات الأخرى أيا كان نوعها إذا نص القانون أو عقد العمل أو النظام الداخلي أو استقر التعامل على دفعها باستثناء الأجور المستحقة عن العمل الإضافي".
وتلفت الوزارة إلى أن قانون العمل وفّر الحماية اللازمة لأجور العاملين، وتتضمن المادة 47 منه الحالات التي يجوز حسم أي مبلغ من أجر العامل، فيما أنشأت الوزارة منصة حماية لتقديم الشكاوى والانتهاكات التي يتعرض له أي العامل بما فيها الأجر أو الانتقاص من حقوقه وفق أحكام القانون.
وتشير الوزارة إلى أن مديرية التفتيش التابعة للوزارة تشرف على تطبيق أحكام قانون العمل في جميع أنحاء المملكة ويوجد لدى الوزارة سلطة الأجور، تؤدّي دوراً هاماً لجهة حل الشكاوى المتعلقة بالأجور على وجه السرعة.
ما هو النزاع العمّالي؟
إجراءات النزاع العمّالي تتم في الوساطة بين طرفي النزاع، النقابات العمالية من جهة وأصحاب العمل أو نقابات أصحاب العمل من جهة أخرى وفق إجراءات التوفيق المنصوص عليها في المواد (120-132) من قانون العمل رقم (8) لسنة 1996 وحدد القانون مراحل النزاع. وفقاً لما صرحت به وزارة العمل.
فيما، تبدأ أولاً مرحلة مندوب التوفيق ومدته 21 يوماً وفي حال عدم التوصل إلى حل في المفاوضات المباشرة بين أطراف النزاع العمّالي الجماعي يحال النزاع العمّالي الجماعي إلى مندوب التوفيق الذي يسميه وزير العمل، بحيث يبذل مندوب التوفيق جهده لتقريب وجهات النظر بين الطرفين خلال مدة 21 يوماً.
وفي حال التوصل إلى حل يتم توقيع عقد عمل جماعي بين الطرفين ويتم إيداع نسخة منه لدى وزارة العمل، وإذا تعذر التوصل إلى حل يقدم مندوب التوفيق تقريرا للوزير يتضمن أسباب عدم التوصل إلى حل للانتقال إلى المرحلة التالية.
وبعدها تأتي مرحلة تدخل الوزير بالنزاع لتقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع، ولم يحدد القانون مدة زمنية لهذه المرحلة حال عدم التوصل إلى حل، ويُحال النزاع إلى مرحلة مجلس التوفيق ومدته 21 يوماً يقوم الوزير بإحالة النزاع إلى مجلس التوفيق.
وعليه يتشكل مجلس التوفيق ويتكون من رئيس المجلس يسميه الوزير ويقوم طرفي النزاع بتسمية ممثليه في تشكيلة المجلس بعدد مماثل، إذا توصل إلى تسوية رفع تقرير للوزير مرفقا به التسوية التي تم التوصل إليها سواء جزئية أو كلية.
وحال لم يتوصل مجلس التوفيق إلى تسوية النزاع، عليه أن يقدم للوزير تقريرا يبين فيه أسباب النزاع والإجراءات التي اتخذها لتسويته والأسباب التي أدت إلى عدم إنهائه للإنتقال إلى مرحلة المحكمة العمّالية ومدتها 30 يوماً.
والمحكمة العمّالية هي محكمة مشكلة من المجلس القضائي الأعلى وتتكون من ثلاثة قضاة نظاميين ويكون مقرها وزارة العمل وتعقد جلساتها في وزارة العمل وتنظر في النزاع العمالي خلال 30 يوماً من إحالة الوزير النزاع إلى المحكمة ويكون قرارها قطعياً غير قابل للطعن أمام أي جهة أخرى وذلك لكي يحسم النزاع ولا يطول أمده أمام القضاء.
وكانت إدارة أمانة عمّان الكبرى قررت في تشرين أول الماضي عبر كتاب رسمي، حصل "المرصد العمّالي الأردني" على نسخة منه، بصرف جميع مكافآت الموظفين والعاملين بأجور يومية بقسيمة منفصلة عن قسيمة الراتب الإجمالي اعتبارا من 1 تشرين الثاني الحالي.