الرئيسية > "الفينيق" يعرض نتائج دراسة حول واقع إدماج ذوي الإعاقة في مصانع الألبسة الأردنية

"الفينيق" يعرض نتائج دراسة حول واقع إدماج ذوي الإعاقة في مصانع الألبسة الأردنية

الثلاثاء, 29 تموز 2025
النشرة الالكترونية
Phenix Center
عرض مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية نتائج دراسة أعدّها حول واقع إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في مصانع الألبسة الأردنية، والتي كشفت عن وجود فجوات مؤسسية، وتقييدات في البنية التحتية، وعوائق اجتماعية تحول دون تشغيل ذوي الإعاقة في هذا القطاع، رغم وجود تشريعات وطنية داعمة.

جاء ذلك خلال جلسة حوارية نظمها المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بالشراكة مع منظمة العمل الدولية، أمس، بعنوان "تعزيز دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع صناعة الألبسة في الأردن"، بهدف تبادل الخبرات، وعرض أفضل الممارسات الدولية في مجال دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع، ومناقشة التحديات التي تعيق هذا الدمج.

وأكد ممثلون عن جهات رسمية، مثل وزارة العمل، حرصهم على رفع مستوى معايير التشغيل وتحسين بيئة العمل في المصانع، إلى جانب تعزيز الرقابة على أي ممارسات تمييزية أو انتهاكات محتملة، لا سيما فيما يتعلق بالتزام أصحاب العمل بالمعايير المرتبطة بالحوافز الممنوحة ضمن "القائمة الذهبية".

وتأتي الجلسة تتويجًا لجهود برنامج "عمل أفضل" لتحسين ظروف العمل، وتعزيز حقوق العمال والعمل اللائق، وتعزيز القدرة التنافسية لقطاع الملابس في الأردن، الممول من قبل حكومة كندا، من خلال تعزيز الوعي المؤسسي، وتطوير الأدوات، وتطبيق أفضل الممارسات لخلق بيئات عمل أكثر شمولًا وإنصافًا للأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع صناعة الألبسة الموجه للتصدير.

وأظهرت الدراسة، التي شملت 1054 عاملاً وعاملة من ذوي الإعاقة، أن أوضاع العاملين في قطاع الألبسة في الأردن معقدة، وتستلزم جهودًا متضافرة من جميع الأطراف المعنية، وأن وجود إطار قانوني فعّال والامتثال لقوانين الحصص ومكافحة التمييز أمر أساسي، لكن التحديات تمتد أيضًا إلى قضايا البنية التحتية والتصورات الاجتماعية والثقافية تجاه العمال من ذوي الإعاقة.

وبيّنت الدراسة أن العديد من مصانع الألبسة تتعاون مع وزارة العمل، على الرغم من عدم استيفائها لنسبة الحصة المقررة (4%)، بهدف الالتزام بها مستقبلًا، ما دفع الوزارة لإطلاق "القائمة الذهبية" للمصانع المستفيدة من الحوافز الضريبية، مقابل الامتثال لمعايير معينة، من بينها تشغيل ذوي الإعاقة.

وأكدت الدراسة أن فرص تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع الألبسة لا تزال محدودة، رغم وجود تشريعات ناظمة، مثل المادة (13) من قانون العمل، التي تُلزم المنشآت التي يزيد عدد العاملين فيها على 25 شخصًا بتشغيل ما لا يقل عن 4% من الأشخاص ذوي الإعاقة. كما أشارت إلى أن نسبة كبيرة من العاملين من ذوي الإعاقة يشغلون وظائف لا تتناسب مع مهاراتهم، ما يعزز الصور النمطية السائدة ويحد من دورهم في تطوير القطاع، في وقت تفتقر فيه العديد من المصانع إلى الترتيبات التيسيرية الأساسية، كتصميمات المباني المناسبة، والمصاعد، وخطط الطوارئ، ووسائل التواصل لذوي الإعاقات السمعية والبصرية.

وأظهرت الدراسة أيضًا ضعف الوعي العمالي والنقابي بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وغياب التدريب المتخصص الموجّه للإدارات والموظفين حول قضايا الدمج، إلى جانب رصد مظاهر تمييز غير مباشر في الأجور والفرص الوظيفية.

وتواجه هذه الفئة تحديات إضافية تتعلق بالسلامة المهنية، خصوصًا في الوظائف المصنّفة ضمن "المهن الخطرة"، ما يبرز الحاجة إلى مراجعة بيئة العمل وتطويرها لتكون أكثر شمولًا وأمانًا، بحسب ما أوصت به الدراسة.

ومن بين التوصيات التي خلصت إليها الدراسة: تطوير مبادئ توجيهية ودليل إرشادي لتوفير المشورة الفنية، وتعزيز قدرات مفتشي وزارة العمل، وإطلاق حملات توعية، واعتماد سياسات تحظر العنف والتحرش داخل المصانع، إلى جانب إشراك الأشخاص ذوي الإعاقة في صياغة سياسات الموارد البشرية.

كما استعرض مركز الفينيق، خلال الجلسة، محتوى الدليل الإرشادي الذي طوّره لتعزيز تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع، والذي خضع لتجريب فعلي في عدد من المصانع، إضافة إلى عرض نتائج زيارات المتابعة التي أجراها للمصانع المشاركة في التدريب على تطبيق الدليل.

من جهتها، أكدت مساعدة الأمين العام للشؤون الفنية في المجلس الأعلى، غدير الحارس، أهمية إعداد دراسة "تقييم أوضاع العمال ذوي الإعاقة في مصانع الألبسة الأردنية"، مشيرة إلى أن هذه الدراسة تمثل خطوة مهمة ضمن جهود وطنية متواصلة لضمان تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة وفتح آفاق سوق العمل أمامهم بصورة عادلة ومستدامة.

فيما قالت المنسقة القُطرية لمنظمة العمل الدولية في الأردن، أمل موافي، إن عمل المنظمة في قطاع الألبسة الأردني يعكس الرسائل الأساسية الصادرة عن القمة العالمية حول الإعاقة التي عُقدت مؤخرًا في ألمانيا، وإعلان عمّان – برلين، مشددة على ضرورة الانتقال من الالتزام النظري إلى التطبيق العملي، والاستثمار في الحلول التي تضمن الإدماج الكامل للأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل.

واستعرضت ضابط ارتباط تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في وزارة العمل، سمية الزعبي، أبرز جهود الوزارة في التفتيش على المنشآت ورصد المخالفات، والتحقق من إجراءات السلامة المهنية في بيئة العمل لذوي الإعاقة.

وبيّنت الزعبي أن هناك حملات تفتيش دورية تنفذها فرق التفتيش على المنشآت الخاصة للتحقق من الالتزام بنسبة تشغيل 4%، مؤكدة أن الوزارة لا تسعى فقط إلى توسيع دمج ذوي الإعاقة، بل إلى إدراج ذلك ضمن الخطط العامة والرؤى والخطط الفرعية لمديريات التشغيل في الوزارة، خاصة في المناطق النائية والأقل حظًا.

وأضافت أن هناك توسعًا في تشغيل ذوي الإعاقة في تخصصات مختلفة، مثل الصناعات التحويلية والإلكترونيات، لافتة إلى أن الوزارة كانت دائمًا تتحفظ على معايير السلامة المهنية في بيئة العمل، والتي أصبحت حاليًا جزءًا لا يتجزأ من معايير الحوافز في "القائمة الذهبية"، حيث أصبح تشغيل ذوي الإعاقة بندًا أساسيًا فيها.

وأوضحت أن دور مفتشي العمل في التفتيش على مصانع الألبسة فيما يخص أوضاع ذوي الإعاقة هو دور رقابي بمستوى عالٍ، حيث يربط المفتشون كاميرات مراقبة متصلة بغرفة تحكُّم مركزية في الوزارة.

بدوره، أكد نائب رئيس النقابة العامة للعاملين في صناعة الغزل والنسيج والألبسة، خالد العمراني، إيمان النقابة بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل اللائق، وسعيها المستمر لتضمين حقوقهم في الاتفاقيات الجماعية، وتعزيز دمجهم في بيئة العمل.

وأشار إلى أن الإحصائية التي أوردتها دراسة مركز الفينيق حول عدد العاملين والعاملات من ذوي الإعاقة في مصانع الألبسة لم تشهد زيادة منذ عام 2022.

كما أكدت المدير التنفيذي في مصنع "كلاسيك فاشن"، آن تيريزا، أن دمج الأشخاص ذوي الإعاقة لن يحدث بين عشية وضحاها، لكنه لن يحدث أبدًا إن لم نبدأ الآن، مؤكدة ضرورة استيفاء أصحاب العمل لكافة متطلبات الدمج ضمن بيئات عمل شاملة.

من جهته، شدد ممثل المجلس الأعلى، رأفت الزيتاوي، على أهمية تعزيز الصورة الإيجابية للأشخاص ذوي الإعاقة، باعتبارهم جزءًا من التنوع البشري، مؤكدًا أن الإعاقة ليست عجزًا بل اختلافًا في القدرات، ويجب أن تنعكس هذه الفلسفة على المناهج التدريبية، وأنظمة العمل، وسياسات التوظيف، داعيًا إلى إشراك ذوي الإعاقة في صنع القرار ووضع السياسات في المؤسسات.