عمّان، 2 أيلول 2024
أكد المرصد العمالي الأردني أن السياسات الاقتصادية التي طبقتها وما تزال تطبقها الحكومة لم تنجح في تخفيض معدلات البطالة في الأردن، وظلّت عند مستويات عالية مقارنة مع معدلات البطالة التاريخية في الأردن، ومعدلاتها في غالبية دول العالم.
إذ ما يزال معدل البطالة في الأردن ثابتا عند (21.4) بالمئة خلال الربع الثاني من العام 2024، وفق ما أعلنت عنه دائرة الإحصاءات العامة مؤخرا، في حين كان معدل البطالة قبل جائحة كورونا (19.2) بالمئة.
وقال المرصد العمالي التابع لمركز الفينيق للدراسات، في بيان أصدره اليوم الإثنين، إن مؤشرات البطالة للربع الثاني من العام الجاري لا تعكس تغييرا كبيرا على واقع البطالة في الأردن، حيث ما تزال الفجوة كبيرة في معدل المشاركة الاقتصادية بين الذكور والإناث، حيث بلغ للذكور 53.6 مقارنة مع 13.9 بالمئة للإناث.
وبين المرصد العمالي أن هذه المؤشرات تدل على أن الاقتصاد الأردني لا يزال غير قادر على استحداث فرص عمل كافية لخفض معدلات البطالة، بعكس ما أعلنت عنه الحكومة قبل أسبوعين بأن صافي أعداد فرص العمل المستحدثة خلال العام الماضي بلغت 95342 فرصة عمل.
وأوضح المرصد أن أسباب ارتفاع معدلات البطالة تتمثل في عزوف قطاعات واسعة من الشباب والشابات عن العمل في القطاعات الاقتصادية التي تفتقر إلى شروط العمل اللائق وبخاصة تدني مستويات الأجور وغياب الحمايات الاجتماعية.
كما أن سياسات التعليم المُطبّقة أسهمت بشكل ملموس في زيادة معدلات البطالة، حيث الاستمرار في التوسع في التعليم الجامعي الأكاديمي على حساب التعليم المتوسط والتقني والمهني، مع أن سوق العمل يولد وظائف لهذا النوع من الخريجين والخريجات.
وأشار المرصد العمالي إلى أن الحكومة ما تزال تُطبّق هذه السياسات الاقتصادية "غير الناجعة" المعمول بها منذ عقود والتي ضغطت على الاقتصاد والمجتمع وأضعفت معدلات الطلب المحلي، إضافة إلى استمرارها في تطبيق السياسات المالية الانكماشية والسياسات الضريبية "غير العادلة" التي أضعفت قدرات الاقتصاد الأردني على توليد فرص عمل جديدة تُخفّض معدلات البطالة، حيث التوسع في الضرائب غير المباشرة (الضريبة العامة على المبيعات والضرائب المقطوعة والرسوم الجمركية)، ما أدى إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي الشمولي خلال السنوات الماضية.
وأكد المرصد على ضرورة إعادة النظر بالسياسات الاقتصادية المعمول بها، وبخاصة سياسات الأجور المنخفضة، حيث أن تحديد حد أدى منخفض للأجور لم يُسهم في دفع عجلة الاقتصاد الى الأمام، ولا في توسّع الاقتصاد الوطني، ولم يؤدي إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي، التي هي أحد المفاتيح الأساسية لتوفير فرص عمل جديدة.
كما أن مستويات الأجور المنخفضة لم تؤثر فقط على إضعاف الطلب المحلي الذي هو أحد محركات النمو الاقتصادي، بل وساهمت أيضا في رفع معدلات البطالة من خلال اضطرار العاملين إلى العمل بوظائف ومهن إضافية لتأمين دخل إضافي لهم يُمكّنهم من العيش بكرامة في ظل الارتفاعات المتتالية بمعدلات التضخم، وهذه الوظائف كان يمكن أن تكون من نصيب الداخلين الجدد إلى سوق العمل.
وطالب المرصد بإعادة النظر بمستويات الأجور باتجاه رفعها، ومراجعة سياسات التعليم بحيث يُصبح التعليم المتوسط والتقني والمهني موازيا للتعليم الأكاديمي على الأقل، إضافة إلى إعادة النظر بالسياسات الضريبية غير "العادلة"، والتركيز على تأسيس المشاريع الإنتاجية التي تولّد فرص عمل حقيقية في صفوف العاطلين عن العمل وبخاصة الشباب.