دعت منظمات مجتمع مدني إلى ضرورة تكثيف الجهود لإيجاد أدوات قياس إنفاذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل UPR، وبخاصة التي صدرت عن الدورة الرابعة والأخيرة للاستعراض.
وكشفت المنظمات، خلال جلسة تشاور وطنية عقدها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية وهيئة تنسيق المجتمع المدني "همم" بالتعاون مع شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، عن توجهها لإطلاق منصة لقياس مؤشرات إنفاذ توصيات الاستعراض بدوراته الأربعة.
وقال مدير مركز الفينيق أحمد عوض إن المشاورات الوطنية التي تعقدها منظمات المجتمع المدني حول الاستعراض الدوري الشامل سيصار إلى رفع مقترحاتها ونتائجها إلى مكتب التنسيق الحكومي لحقوق الإنسان، وشدد على أهمية تعزيز الشراكة بين المجتمع المدني والحكومة حيال إنفاذ توصيات الاستعراض.
وقبلت الحكومة مؤخرا 8 توصيات جديدة للاستعراض الدوري الشامل، وأضيفت إلى سجل التوصيات المقبولة، ليصبح العدد الإجمالي 204 توصيات مقبولة من مجمل 279 توصية تلقاها الأردن في الاستعراض.
بدورها، قالت مدير مركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز إن آلية الاستعراض الدوري الشامل تحمل العديد من جوانب القوة، أهمها ما تكشفه من توجهات سياسية للدولة عند قبول توصيات بعينها أو الإحاطة علما بغيرها، منوهةً إلى أن قبول بعض التوصيات وبخاصة الدقيقة منها يعني خطوة على "المسار" ولا تعني بالضرورة التغيير الفوري.
ولفتت عبد العزيز إلى قبول الحكومة بتوصية تتعلق بمراجعة قانون الجرائم الإلكترونية الجديد مؤخرا، مشيرة إلى أنها جاءت في وقت لاحق من الاستعراض ومن التوجيهات الملكية التي أوصت بمراجعة القانون، وشكّل قبولها خطوة مهمة.
وبالنسبة للتوصيات المقبولة حديثا وبخاصة تيسير عمل الجمعيات والمجتمع المدني، بينت عبد العزيز أن هناك تقدما في هذا المجال لجهة تخفيف الضغوطات عن الجمعيات بشأن القضايا الإجرائية والتمويلية، وشددت في الوقت ذاته على أن يكون مقترنا بحق ممارس مستمر ولا يتعلق بمسؤول تنفيذي محدد أو وزير بعينه.
وأوضحت بالقول: "إن التوصية المتعلقة بالجمعيات والمنظمات غير الحكومية والتمويل الأجنبي خففت من المغالاة بقضية التمويل".
من جهته، كشف مدير مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان عاصم ربابعة عن العمل على إنشاء منصة لرصد إنفاذ توصيات حقوق الإنسان، منوها إلى أنه ما يزال هناك غياب لمأسسة آلية وطنية تجمع بين الحكومة والمجتمع المدني لرصد إنفاذ التوصيات.
وبين ربابعة أن المنصة التي يجري العمل عليها ستعتمد على ربط التوصيات بخطوات إجرائية تنفيذية وخطوات مقترحة، وأكد على استعداد منظمات المجتمع المدني بالمساهمة في إنفاذ هذه التوصيات مع الحكومة في حدود اختصاصاتها وإمكانياتها.
ورأى أن هناك العديد من التوصيات المكررة والمفصلية التي لم يقبل بها الأردن حتى الآن، مثل المصادقة على البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، كما أشار إلى أن المملكة أجرت ثلاث تعديلات على المادة 208 من قانون العقوبات المتعلقة بالتعذيب لم تطابق اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادق الأردن عليها.
ونبه ربابعة إلى ضرورة "رصد التقدّم المحرز" في مسار الاستعراض الدوري الشامل، وربطه بخطوات واقتراحات عملية محددة، منوها إلى الأردن سيناقش تقريره الدوري أمام لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة في شهر تشرين الثاني "نوفمبر" المقبل.
أما مديرة مركز "وعي" للتدريب تغريد الدغمي، فقالت إن الاستعراض يُظهر مدى احترام الدول لحقوق الإنسان، وهو فرصة لتبادل الخبرات والسعي للحصول على الدعم الفني والمالي في إطار التوصيات التي ترد من كل دولة بالشراكة مع المجتمع المدني، بدلا من أن يكون الاستعراض أداة دبلوماسية.
ودعت الدغمي إلى إقرار وتعاون المجتمع المدني والحكومة بوضع "خطة تنفيذ قوية لتوصيات الاستعراض"، والتشبيك مع السلطة التشريعية.
وبالعودة إلى عوض، بين أنه على الرغم من الموافقة على العديد من التوصيات التي دعت إلى تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنها تسلك مسارا عكسيا من خلال سياساتها، وضرب تعديلات قانون العمل ونظام الموارد البشرية للعاملين في القطاع العام الذي صدر مؤخرا مثالين على ذلك.
ورأى عوض أن معظم التعديلات التي طرأت على قانون العمل خلال السنوات الماضية تعتبر تراجعية وانتقصت من حقوق العمال، وأوضح بالقول: "إن التزامات الأردن حيال الاتفاقيات الدولية وآلياتها أهم من اشتراطات اقتصادية قد يفرضها صندوق النقد الدولي.
ودعا عوض إلى تكاتف جهود المجتمع المدني حيال متابعة إنفاذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل من خلال المتابعة ذات الطابع اليومي وليس الموسمي، ورأى بأنه من الضرورة أن تصل الحكومة إلى قناعة بأن المجتمع المدني شريكا لها وليس منافسا.