المرصد العمالي الأردني – مراد كتكت
يعاني مئات العمال المهاجرين بمصنع للألبسة بمنطقة سحاب جنوب عمّان ظروفا صعبة، فهم بلا رواتب منذ أشهر وبلا تصاريح عمل (أي أن وجودهم في البلاد غير قانوني)، ناهيك عن ظروف سكنهم غير الملائمة، إذ يعانون من نقص شديد بالمياه.
أما العمّال الأردنيون في المصنع فمعاناتهم تقصر على عدم صرف رواتبهم منذ 8 أشهر، ما اضطرهم في نهاية المطاف إلى ترك المصنع.
ووفق مصدر مُطّلع على القضية، خلال حديثه إلى "المرصد العمّالي"، فإن عدد العمال المهاجرين في المصنع يصل إلى 750 عاملا من جنسيات مختلفة تتنوع بين هنود وسيرلانكيين وبنغااليين ونيباليين، فيما يصل عدد العمال الأردنيين إلى نحو 250 عاملا.
ويبين المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه لكونه غير أردني، أن المصنع متوقف عن العمل منذ فترة، بسبب أزمة مالية يمر بها، وهو ما أدى إلى تأخر صرف رواتب العمّال.
ويشير إلى أن العمّال الأردنيين نفذوا اعتصاما قبل أسابيع أمام المصنع للمطالبة بمستحقاتهم، إلا أن أحدا لم يُقابلهم ويسمع معاناتهم سوى الشرطة التي كانت متواجدة في المكان حينها.
ويوضح أن جميع العمال المهاجرين في المصنع لديهم أسرٌ في بلدانهم ويصرفون عليهم عن طريق تحويل مبالغ مالية إليهم كل شهر.
ويقول إن استمرار توقف رواتبهم يُهدد معيشة أسرهم، خصوصا وأن الجهات المعنية وبخاصة وزارة العمل قصُر دورها على تحرير مخالفات مالية فقط بحق مدير المصنع.
كما أن سفارات بلدان العمّال لم تستطع حل القضية حتى الآن، رغم أنها تتابع ظروف رعاياها مع حكوماتها باستمرار، وفق المصدر.
أما بخصوص تصاريح عملهم التي يرعاها المصنع، فيؤكد المصدر أن جميع العمال المهاجرين في المصنع انتهت تصاريح عملهم منذ العام الماضي، ما يعني أن وجودهم في الأردن غير قانوني.
وذكرت صحف هندية قبل أيام معاناة هؤلاء العمّال وبخاصة ما يتعلق بانتهاء تصاريح عملهم، إذ قالت إنهم لا يستطيعون الخروج من سكنهم ولا المطالبة بحقوقهم خشية إمساك الشرطة بهم ومخالفتهم، فوجودهم غير قانوني حاليا.
وبينت إحدى الصحف نقلا عن شهادات بعض العمّال الهنديين، أن العمال طلبوا من إدارة المصنع إعادتهم إلى بلدانهم، إلا أن الإدارة رفضت ذلك لأسباب غير معروفة، ما يعني أنها تحتجز العمال بلا عمل وبلا رواتب.
ولا تقصر الانتهاكات عند هذا الحد فحسب، وإنما يعاني العمال ظروفا صعبة في سكنهم، إذ ذكرت صحيفة هندية أخرى نقلا عن العمال أن جودة خدمات إقامتهم التي يقدمها المصنع انخفضت بشكل كبير.
إذ يعانون من نقص شديد في المياه في سكنهم، وقلة وجبات الطعام التي يقدمها المصنع لهم، ناهيك عن الانقطاع المتكرر للكهرباء ولساعات طويلة.
من جهتها، تقول النقابة العامة للعاملين في الغزل والنسيج إنها تواصلت مع العمال واستمعت إلى مشاكلهم ومعاناتهم.
وبينت النقابة لـ"المرصد العمالي" أنها تتابع القضية أولا بأول مع وزارة العمل وإدارة المصنع، وأكدت أن جميع حقوق العمال محفوظة وستعمل على تحصيلها بأقرب وقت ممكن.
وكان المرصد العمّالي طالب في وقت سابق بإعادة النظر بالمنظومة التشريعية المتعلقة بالعمّال المهاجرين بالأردن من خلال تطوير سياسات وطنية توفر إطارا معياريا شاملاً لهؤلاء العمّال استناداً إلى نهج حقوق الإنسان ومعايير العمل اللائق.
وأكد المرصد أن العمالة المهاجرة تتعرض للعديد من الانتهاكات والتمييز وبخاصة "نظام الكفالة" الذي تُعتبر أكبر مشكلة يواجهونها.
وتكمن المشكلة في هذا النظام بأنّ مصائر العمّال المهاجرين وجميع معاملاتهم مُعلّقة بشرط وجود صاحب العمل -الكفيل-، ما يعني أن حريتهم في التنقل والسفر واختيار جهة العمل إضافة إلى الأجور والإجازات وعدد ساعات العمل تكون مُقيدة بعبثية الكفيل، ناهيك عن أنهم يتعرضون للضغط والتهديد من قبل الكفلاء بالتبليغ عنهم لتسفيرهم أو وقف الكفالة حال لم يقوموا بالعمل المطلوب منهم.
وأوصى المرصد باستبدال نظام الكفالة وتعقيداته بنظام العمل الحر وبما يضمن للعمّال المهاجرين حقوقهم ضمن المعايير الدولية، ويكون للعامل المهاجر حرية السفر والتنقل والعمل واختيار صاحب العمل، ويكون طرفا رئيسا في عملية التعاقد بينه وبين الكفيل، ويمتلك إرادة في إلغاء عقد العمل حين يريد ضمن شروط معينة.