أحمد عوض
أحسن مجلس الأعيان صنعا أمس الأول عندما توقف عند قرار لجنة العمل والتنمية الاجتماعية القاضي بتمرير تعديلات قانون الضمان الاجتماعي كما جاءت من مجلس النواب، وإحالة الملف إلى لجنة مشتركة من اللجنتين القانونية والعمل والتنمية الاجتماعية لدراسته مرة أخرى.
هذه ليست المرة الأولى التي يتوقف فيها مجلس الأعيان عند بعض القوانين وتعديلاتها بغرض تحسينها، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، خصوصا وأن غالبية أعضاء المجلس هم من رجالات الدولة السابقين، ويمتلكون الخبرة والحساسية حيال آثار بعض القوانين على المجتمع.
التعديلات التي أجرتها الحكومة على قانون الضمان الاجتماعي ومررها مجلس النواب أخيرا، تضمنت تعديلات تراجعية وذات آثار سلبية على بعض جوانب الحمايات الاجتماعية وعلى استدامة صندوق الضمان الاجتماعي.
المخالفات التي قدمها الأعيان خالد كلالدة وخالد رمضان وإحسان بركات على قرار لجنة العمل والتنمية الاجتماعية للمجلس، كان لها الأثر الإيجابي في إثارة المخاوف لدى بعض أعضاء المجلس، ما دفع العين رجائي المعشر وبتأييد من العين عبد الإله الخطيب إلى طلب تحويله إلى لجنة مشتركة لإعادة دراسته (العمل والقانونية)، وهي خطوة بالاتجاه الصحيح. قانون الضمان الاجتماعي من القوانين الأكثر أهمية في أي دولة، فمنظومة الضمان الاجتماعي تشكل العمود الفقري لمنظومة الحماية الاجتماعية، وقد خطا الأردن خطوات ملموسة باتجاه تعزيزها خلال العقود القليلة الماضية، بحيث أصبح لدينا واحد من أفضل قوانين الضمان الاجتماعي في دول المنطقة.
وسنة بعد أخرى، كانت التعديلات تذهب بتجاه زيادة التأمينات الاجتماعية، وزيادة أعداد المشتركين، وكانت منظومة الضمان الاجتماعي تسير بخطوات ثابتة نحو تقديم تغطيات شاملة، إلى أن بدأت التعديلات التراجعية في عام 2019، عندما تم السماح بتقديم تأمينا جزئيا على فئة الشباب دون سن 28 عاما.
وفي التعديلات الأخيرة المنظورة حاليا، توسعت الحكومة في تعديلاتها التراجعية لتسمح بتطبيق التأمينات الجزئية للشباب دون سن 30 عاما. ولم تكتف التعديلات بهذا، بل ذهبت إلى ربط دفع الحكومة لاشتراكات أبناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بمعدلات النمو الاقتصادي، وهذا يشكل تخليا عن مسؤوليتها حيال أكثر فئات العاملين احتياجا للدعم والمساندة.
التعديلات أعلاه ستؤثر سلبا على تشجيع الشباب على الانخراط في سوق العمل، وستدفعهم أكثر وأكثر للمطالبة بالعمل في القطاع العام، باعتباره يوفر شروط عمل أفضل من القطاع الخاص، وسيشكل سابقة في تشجيع الاستثمار والقطاع الخاص على حساب الحمايات الاجتماعية، وسيؤدي إلى حصول المشتركين على رواتب تقاعدية منخفضة. وكذلك سيؤثر تخلي الحكومة عن دفع كامل التزاماتها الخاصة بالعسكريين باعتبارها رب عمل إلى التأثير سلبا على استدامة صندوق الضمان الاجتماعي.
اللجنتان (القانونية والعمل المشتركة) أمامها مسؤولية وقف التعديلات التراجعية على القانون، والطلب من الحكومة دراسة أثر هذه التعديلات على الحمايات والوضع المالي لصندوق الضمان الاجتماعي، من أجل الحفاظ على منظومة الضمان الاجتماعي التي شكلت قصة نجاح كبيرة للأردن علينا أن نحافظ عليها.
صحيفة الغد الأردنية، 2023/3/14