الرئيسية > العمل بالأجواء الباردة.. عدم التزام بشروط السلامة يهدد العمال بالمخاطر

العمل بالأجواء الباردة.. عدم التزام بشروط السلامة يهدد العمال بالمخاطر

الثلاثاء, 07 شباط 2023
النشرة الالكترونية
Phenix Center
العمل بالأجواء الباردة.. عدم التزام بشروط السلامة يهدد العمال بالمخاطر
المرصد العمالي الأردني – أحمد الملكاوي 
في الوقت الذي تتحول منشآت إلى العمل عن بعد، وعمال آخرون يطلبون الحصول على إجازاتهم السنوية تزامناً مع الموجة الباردة التي تشهدها المملكة هذه الأيام وتصاحبها كميات من الأمطار الغزيرة والثلوج والرياح القوية قبلها وأثناءها، نجد أن أكثر المتضررين في هذه الأجواء هم عمال المياومة والعاملون والموظفون الذي يتطلب عملهم الوجود في الميدان أكبر وقت ممكن، كفنيي الكهرباء والتمديدات الصحية التابعين لشركات المياه المسؤولة، وغيرهم من عمّال البلديات المتمتعين بنوع من الحمايات الاجتماعية وعلاوات الخطورة.

إلّا أنّ المعاناة تلفّ عمال المياومة الذين لا يتمتعون بذلك، فلا اشتراكات في الضمان الاجتماعي تحميهم في حال إصابة العمل بهذه الأجواء، ولا يحصلون على أجر غير أجورهم اليومية، وبخاصة من الكهربائيين والعاملين في التمديدات والإنشاءات ممن يضطرون للعمل في هذه الأجواء.

ومثال ذلك "محمود"، وهو شاب سوري يعمل في مواقف اصطفاف السيارات (فاليت) ويحصل على أجرٍ قدره 15 ديناراً لعمل يجاوز الثماني ساعات يومياً يبدأ قبل الثامنة صباحاً وقد يستمر أياماً حتى السادسة أو السابعة مساءً بدون أن يتغير أجره.

رغم إصابته بالإنفلونزا الموسمية والزكام، إلا أنه توجه صباح الاثنين والثلاثاء إلى عمله المعتاد في عمّان للحصول على أجره اليومي بحكم أنه يساهم بإعالة عائلته المكونة من والديه وخمسة إخوة.

وحرمان محمود من أجره اليومي يعني بقاء العائلة بدون طعام كافٍ لهم وتدفئة تخفف وطأة البرد عليهم..   فوالده الخمسيني عامل تمديدات صحية بات عمله يقصر على إصلاحات التمديدات الخفيفة للجيران والمعارف، بأجر زهيد، يعمل يوماً ويتعطل أسبوعاً.

يقول محمود إنّ عمله بالتأكيد بدون إجازات سنوية أو مرضية وبدون اشتراك في الضمان الاجتماعي أو تأمين صحي، ممنياً النفس بالحصول على وظيفة أخرى منظمة بشكل أكثر يحصل فيها على أجر شهري ثابت بإجازات مرضية وسنوية ويحفظ له أجره اليومي عند استخدامها.

تقتصر أدوات الوقاية من البرد التي يعطيها صاحب الموقف لمحمود على سترة بلاستيكية واقية من الأمطار، وقد تسرب جزء منها إلى باقي ملابسه، غير أن هذه السترة لا تقي من البرد وبخاصة برودة الأطراف، فهو لم يقدم إليه قفازات أو حتى ملابس ثقيلة مناسبة للطقس البارد، وبلا غرفة أو كوخ عند مدخل الموقف، فعادة ما يبقون واقفين في العراء لخدمة السيارات وأصحابها..

غالباً ما يصل محمود إلى منزل ذويه بعد انتهاء ساعات الدوام في الشتاء مبللاً، ويضطر للمكوث أمام المدفأة حتى تجف ملابسه.

من جهته يقول أبو منير وهو أحد المقاولين في مهنة (القصارة) الإنشائية، إنّ عملهم في الأجواء الباردة والصقيع والموجات الباردة قد يقصر على الورشات الاضطرارية داخل المنازل، وغالباً ما يتجنبها أصحاب المنازل والمقيمون فيها ويؤجلون صيانتها إلى أوقات الجو الدافىء.

ويبين أبو منير لـ"المرصد العمالي الأردني" أن صعوبة العمل في الورشات الشتوية يتمثل في أنّ طبيعة عملهم تكون قبل إضافة شبابيك أو أبواب للمنازل، فيتعرضون للبرد الشديد ويضطر العمال لارتداء ملابس ثقيلة تعيق حركتهم وتحد من سرعة الإنجاز معظم الأحيان، لذلك لا ينجزون كثيرأ خلال فصل الشتاء.

ويتطلب ذلك من العمال أنفسهم ارتداء سترات واقية من المياه الباردة التي يستخدمونها طوال عمل (الخلطة الاسنمتية) وأحذية بلاسيتكية بسيقان طويلة تحمي أقدامهم وسيقانهم من البلل، إلّا أنّ الغريب في ذلك أنّ العمال هم من يشترون هذه المعدات بحكم أنهم عمال مياومة لا يتبعون لمقاول أو شركة أو إدارة منظمة وتقصر تعاملاتهم على العمل مع مقاولين بشكل شبه يومي.

 أما عاملة الزراعة يسرى فترى أنّ معاناتهم لا تختلف عن ظروف عملهم في الصيف، فبالرغم من أنّ أجواء البيوت البلاستيكية جيدة وحرارتها مناسبة للعاملين بناء على ما يناسب المزروعات، إلأّ أن هناك صعوبة في توفير وسائط النقل من وإلى المزارع إضافة إلى الانتقال من بيت بلاستيكي إلى آخر.

توضح يسرى أنّ التنقل بين البيوت البلاستيكية، يعني أن الأحذية سيملؤها الطين الذي لا يزول بسهولة، فضلأ عن الأجر اليومي الذي لا يتغير رغم تقلب الظروف الجوية وزيادة المعيقات اليومية، فمثلاً؛ تحصل العاملة على أجر مقداره دينار وربع الدينار للساعة الواحدة علماً بأنّ عدد الساعات قد لا يجاوز الست ساعات بسبب الظروف الجوية وقِصر النهار، وبدون تقديم وجبة إفطار أيضاً.

ويتطلب عاملي وعاملات الزراعة لإتمام مهامهم ارتداء ملابس مناسبة للطقس وأحذية شتوية بالإضافة إلى بعض القفازات لمسائل القطف والتعشيب وإزالة الورق المجاور للثمار.

ما يزال الكثير من العاملين والعاملات في مختلف القطاعات، يعانون ظروف عمل صعبة في الشتاء، حيث لا يحصل جميعهم على أدوات وفق معايير العمل اللائق الدولية للعمل في الأجواء والأماكن الباردة، وما يزالون ينتظرون استجابة أصحاب الأعمال لحمايتهم من التعرض للأمراض الشتوية وإصابات العمل وآلام الأطراف والعظام.

وبحسب دليل المبادىء الأساسية للسلامة والصحة المهنية في بيئة العمل الصادر عن منظمة العمل الدولية، يحدث الإحساس بالبرودة عندما تنخفض درجة حرارة الجو المحيط، حيث أنّ تأثير البرودة على جسم الإنسان يحدث نتيجـة عـدم اسـتعمال وسـائل الوقايـة مـن التجمـد فـي أثنـاء العمـل مـع أماكـن التبريـد عموما.

ويفيد الدليل أنّ الإنسان يتعرض لتلف أنسجة الأطراف مثل الساعدين واليدين والساقين والأنف والذقن وأكثر الأنسجة تأثراً الجلد والعضلات.

وعند التعرض للبرد، يحدث انكماش في الأوعية المحيطة بالجلد مما يقلل كمية الدم المار فيها، ويوقع إصابات مثل الالتهابات الجلدية.

ويدعو التقرير إلى الالتزام بأدوات الوقاية من البرد كارتداء ملابس واقية وعازلة وجافة، والاستبدال الفوري للملابس الرطبة، وضرورة ارتداء القفازات في حال الأعمال اليدوية.

كذلك، فإنّه يجب، وفقاً للدليل، عند إصابة أي جزء من جسم العامل أن يتم تدفئته فوراً بتيار هواء ساخن، وتوفير أماكن دافئة بالقرب من العاملين.