الرئيسية > لماذا لا تحتسب كامل الخبرة بالمدارس الخاصة لمن يُعيَّنون بوزارة التربية؟

لماذا لا تحتسب كامل الخبرة بالمدارس الخاصة لمن يُعيَّنون بوزارة التربية؟

الاحد, 05 شباط 2023
النشرة الالكترونية
Phenix Center
لماذا لا تحتسب كامل الخبرة بالمدارس الخاصة لمن يُعيَّنون بوزارة التربية؟
المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني 
يؤثر عدم احتساب جميع سنوات الخبرة للمعلمين الذين ينتقلون للعمل من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية، بعد صدور قرار تعيينهم من قبل وزارة التربية والتعليم، بشكل مباشر على الحقوق العمّالية لعدد كبير من هؤلاء المعلمين.

إذ يؤثر ذلك سلبا على حجم الرواتب في بداية التعيين وعند التقاعد، إلى جانب التأثير على الرُتب المقررة في "نظام رتب المعلمين لسنة 2020"، الذي يشترط سنوات خبرة محددة لكل رتبة من الرُتب، وبناءً على تلك الرُتب يحصلون على العلاوات وفق ما يؤكده معلمون في أحاديثهم إلى "المرصد العمّالي الأردني".

انتقاص الحقوق والجهد والخبرة 
عملت معلمة اللغة الإنجليزية عائشة محمد، في ثلاث مدارس خاصة في العاصمة عمان، على مدار أربعة عشر عاماً، وفي عام 2019 وبعد صدور قرار تعيينها، انتقلت للعمل في مدرسة حكومية.

وعندما انتقلت إلى التدريس الحكومي انخفض راتبها من 650 دينار إلى 360 دينار، ولم يحتسب من الأربعة عشر عاما خبرة، سوى خمس سنوات، "ولعدم احتساب سنوات الخبرة كاملة، هبطت رتبتي درجة".

تقول عائشة لـ"المرصد العمّالي الأردني" إن الراتب الذي انخفض أثّر بشكل سلبي على ظروفها المعيشية، "لدي أسرة وأطفال وسيارة وكلها تحتاج إلى مصاريف، وعلى مستوى الاحتياجات الأساسية والمتطلبات اليومية تغيرت".

وتبين أن ما دفعها للانتقال من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية هو أن الأخيرة مضمونة وفيها أمان وظيفي رغم انتقاص الحقوق؛ "المعلم في القطاع الخاص مهدد دائماً".

وتلفت إلى أن نظام الرُتب يشترط عدد سنوات خبرة محدودة والالتحاق بدورات تدريبية معينة أحياناً لا تكون متاحة، ما يؤدي إلى صعوبة في الحصول على الرُتب، "لم يُعترف بالدورات التدريبية التي التحقت بها خلال الأربعة عشر عاماً في المدارس الخاصة، خضعت لدورة المعلمين الجدد ولست بحاجتها ولدي خبرة كافية".

وتوضح أنها تعمل جاهدة على زيادة راتبها، كي تحصل عند التقاعد على سن 55، على راتب تقاعدي تستطيع من خلاله أن تعيش حياة كريمة وأسرتها.

وتتساءل عائشة "لماذا لا تحتسب سنوات الخبرة كاملة؟ لماذا عندما ننتقل إلى القطاع الحكومي يُنتقص من حقوقنا وجهدنا وسنوات خبرتنا؟".

من معلم إلى معلم مساعد 
أما معلم الرياضيات محمد عبد الرحمن، فلا يختلف ما تعرض له عند تعيينه في مدرسة حكومية بمحافظة إربد، فبعد أن عمل 11 عاماً في المدارس الخاصة وحصل على رتبة معلم، انتقل للعمل في الحكومة لتهبط رتبته إلى معلم مساعد.

يقول محمد لـ"المرصد العمّالي الأردني" إنه واجه صعوبات كبيرة، انخفض راتبه من 950 ديناراً شهرياً إلى 690 ديناراً، ما أثر على مستوى معيشته وأسرته المكونة من خمسة أفراد.

ويشير إلى أن نسبة الاشتراكات الشهرية للضمان الاجتماعي قلّت، وهذا الأمر "يؤثر على الراتب التقاعدي، ويضطرني إلى أن أخدم سنوات أكثر كي أستطيع أن أحصل على راتب تقاعدي جيّد".

ويعتقد أنه يجب إعطاء المعلم مكانة كبيرة وتقدير الجهد الذي يبذله يجعله أكثر عطاءاً وانتماء، وخلاف ذلك يؤثر سلباً عليه وعلى ما يقدمه للطلبة.

ظرفها المعيشي زاد صعوبة
عملت (ن. أ) الحاصلة على شهادة الماجستير في التربية الرياضية، لمدة ثماني سنوات في مدرسة خاصة بمحافظة عجلون، وانتقلت العام الماضي إلى العمل المدارس الحكومية بعد صدور قرار تعيينها.

تقول لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إنها كانت تحصل على راتب مقداره 465 ديناراً شهرياً، وعند انتقالها للعمل في مدرسة حكومية انخفض الراتب إلى 350 ديناراً.

وتوضح أن عدم احتساب سنوات الخبرة كاملة يؤثر سلبا على رُتبتها التي لم تحدد بعد، وكذلك راتبها والعلاوات السنوية، "كل سنة خبرة تزيد خمسة دنانير على الراتب، ما يعني أنه في الثلاث سنوات التي لم تحسب أخسر 15 دينار من الراتب".

وهي تساعد في مصاريف أسرتها المكونة من ثمانية أفراد، "أغطي المصاريف مع والدي، وراتبي نقص 120 دينارا، وهذا وضَعني وأسرتي في ظرف معيشي صعب، ناهيك عن أنني أول ثلاثة أشهر من التعيين بقيت دون راتب إلى حين الحصول على رقم وزاري".

النقابة مظلة قانونية بلا قرار
الناطق باسم نقابة المعلمين نورالدين نديم يقول إن عدم احتساب سنوات الخبرة كاملة ينعكس سلباً على المعلمين الجدد وبخاصة الإناث، من حيث تأخُّر التعيين بسبب تراكم الدور، وتأخر الاستيعاب الوظيفي يؤدي إلى التعيين في عمر متقدم فوق الثلاثين، "تراكم الخبرة والخدمة في القطاع الخاص يكون المعلم حصل تحسين في راتبه".

ويوضح، في حديثه إلى "المرصد العمّالي الأردني"، أنه عند التعيين في الحكومة وبسبب عدم الاعتراف بكامل سنوات الخبرة، يحصل المعلم على راتب أقل من الراتب الذي انتهى منه في المؤسسة التعليمية الخاصة التي كان يعمل فيها.

ويشير إلى أن ذلك يحرمهم من الدرجة الحقيقية التي يستحقونها، وكذلك الترفيع إلى الرتب التي يطمحون إليها ويستحقونها، "يتطلب سنوات خدمة أكثر، وبسبب العمر يكون قد وصل حد التقاعد قبل الترفيع للدرجة الأولى أو مرتبة معلم خبير أو إداري خبير".

ويبين بأن النقابة قامت جهزت ملفا لتلك القضية، للتنسيق مع ديوان الخدمة المدنية ووزارة التربية والتعليم، إلا أنه بسبب الإغلاقات والتوقيفات توقف العمل، "النقابة مظلة مهنية حقيقية ليست ذات سلطة أو صلاحية لاتخاذ قرار، وإنما تطالب وتتابع وتقترح حتى تصل إلى توازن يحافظ على حقوق المعلم ويحقق مصلحة الطلاب والمؤسسات التعليمية".

المشكلة بنظام الخدمة المدنية 
بدوره، يقول الناطق باسم ديوان الخدمة المدنية خالد غرايبة إن نظام الخدمة يحتسب خمس سنوات فقط من الخبرة، مهما طال عدد السنوات، وأن هذا النظام ينطبق على جميع العاملين في القطاع الخاص داخل وخارج المملكة، وكافة قطاعات العمل الخاص بما فيه قطاع التعليم.

ويشير، خلال حديثه لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إلى أنه عند التعيين في القطاع الحكومي، يأخذ بالاعتبار أن يكون العاملون من مشتركي الضمان الاجتماعي، وشهادة خبرة لمن يعمل داخل المملكة مصدقة من وزارة العمل، ولمن يعمل خارج المملكة مصدقة من وزارة الخارجية، وهذا ينطبق على المعلمين.

ويرى بأن ليس جميع العاملين في القطاع الخاص يمتلكون الخبرة الكافية التي تؤهلهم للانتقال إلى العمل في القطاع العام، "سنوات الخبرة في القطاع الحكومي تحتسب كاملة، والقطاع الخاص شريك ويسهم في تقليل أعداد البطالة".

من جانبه يقول مقرر اللجنة القانونية في مجلس النواب النائب صالح الوخيان، في حديثه إلى "المرصد العمّالي الأردني"، إنه لم يجر مناقشة هذه القضية في جلسات المجلس، وفي حال طرحت القضية ستجرى مناقشتها.

في حين يبين مقرر لجنة التعليم والشباب في مجلس النواب النائب محمد محارمة بأن اللجنة تعزم على عقد اجتماع لجميع أعضاء اللجنة وبحضور وزارة التربية والتعليم وممثلين عن المعلمين، لمناقشة هذه القضية والتوصل إلى حلول مشتركة.

وهو يؤكد لـ"المرصد العمالي الأردني" أنه "لا نستطيع الخروج بحلول إلا عندما تتم مناقشة القضية بجوانبها كافة".

المنافع التأمينية تتأثر
في حين يقول خبير التأمينات الاجتماعية، موسى الصبيحي إن عدم احتساب سنوات الخبرة كاملة، يؤثر على سلم الرواتب، وبالتالي يؤثر على المنافع التأمينية التي يمكن أن يستفيد منها المؤمّن عليه، "كلما زادت سنوات الخبرة زاد الراتب، وكانت المنافع التأمينية أكبر".

ويوضح الصبيحي لـ"المرصد العمّالي الأردني" أن عدم احتساب سنوات الخبرة كاملة، يؤثر سلباً على الراتب عند التعيين ويقلل منه بشكل كبير، وهو يؤثر بشكل مباشر على الراتب التقاعدي أيضاً، "على وجه الخصوص الأشخاص الذين يعينون بعد سن الأربعين، يلحقهم ظلم كبير، هؤلاء الأشخاص قاربوا على التقاعد، ويخسرون جزءا كبيرا من رواتبهم".

وينتقد الصبيحي نظام الخدمة المدنية، الذي يلحق الظلم بعدد كبير من العاملين بما فيهم المعلمين، "في هذه الحالة أرى أن البقاء في العمل بالقطاع الخاص أفضل، رغم إشكالية عدم الاستقرار والأمان الوظيفي".