الرئيسية > عاملون بقطاع الألبسة يفقدون عملهم وأجرهم.. وما تبقى منهم مهدد

عاملون بقطاع الألبسة يفقدون عملهم وأجرهم.. وما تبقى منهم مهدد

الاربعاء, 18 كانون الثاني 2023
النشرة الالكترونية
Phenix Center
عاملون بقطاع الألبسة يفقدون عملهم وأجرهم.. وما تبقى منهم مهدد

المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني 

ما يواجهه قطاع الألبسة والأحذية من تحديات كبيرة، بما فيها تراجع إقبال المواطنين على شراء الألبسة، أثّر سلبا بشكل مباشر على العاملين في القطاع، فبعضهم فقد عمله وبعضهم الآخر انخفض الأجر الذي يحصّلّه.

وإلى ذلك، يمكن القول إن تفاوت الأجور بين الإناث والذكور والعمل لساعات طويلة، وعدم شمول بعض العاملين في القطاع بالحمايات الاجتماعية اللازمة، مثل التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، هي من أبرز التحديات التي تواجه العاملين في القطاع.

في حين، هناك تحديات متعلقة بالقطاع نفسه، تؤثر على المستثمرين وأصحاب العمل والمحلات، وبالتالي على العاملين، ومنها: الأعباء الضريبية المفروضة على القطاع، وعدم وجود قانون ينظم عمل التجارة الإلكترونية التي باتت تنافس محلات الألبسة، إلى جانب تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين وإقبالهم على شراء الألبسة.

تُهدد تلك التحديات ما يُقارب 68 ألف عامل، بفقدان العمل أو تقليص الأجر، الأمر الذي يفتح الباب، على المدى المتوسط، على زيادة أعداد العاطلين عن العمل، الذين بلغت نسبتهم 32.1 بالمئة خلال الربع الثالث من عام 2022، وفق أرقام دائرة الإحصاءات العامة.

يؤكد عاملون بمحلات بيع الألبسة والأحذية، في أحاديثهم إلى "المرصد العمّالي الأردني"، أن الأجور التي يحصلون عليها انخفضت كما أن قيمتها تآكلت مع ارتفاع تكاليف المعيشة نتيجة التزايد المضطرد في ارتفاع الأسعار، وأنهم قلقون من أن يفقدوا وظائفهم في ظل الظروف المعيشية الصعبة.

في حين يقول نقيب تجّار الألبسة والأقمشة والأحذية، سلطان علّان، في حديثه إلى "المرصد العمّالي الأردني"، إن التحديات التي تواجه القطاع في آخر خمس سنوات، أدت إلى تسريح عدد كبير من الموظفين.

ويوضح أن النقابة تحاول إيجاد حلول للتحديات التي تواجه القطاع وتوعية التجار والعاملين، إلى جانب السعي لدى الحكومة لتخفيف الإجراءات التي تُقيد عملهم، "إلا أن قدرة النقابة محدودة".


انخفض الأجر فتركت العمل دون تردد

كانت مريم (22 عاماً) تعمل في أحد محلات الأحذية في سوق مدينة إربد، المعروف باسم "سوق البخارية"، ومنذ شهرين تركت العمل، لعدة أسباب منها؛ انخفاض الأجر، وساعات العمل الطويلة التي كانت تقضيها بترتيب الأحذية دون بيعها.

تقول مريم لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إنها كانت تحصل على أجر مقداره 240 ديناراً شهريا، وتعمل بواقع عشر ساعات في اليوم، دون أن تحصل على أيٍّ من أنواع الحمايات الاجتماعية مثل التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، "أنا طالبة جامعية كنت أعمل أيام العطل الرسمية، لتعويض اليومين اللذين أذهب فيهما إلى الجامعة".

وتشير إلى أن الناس يأتون إلى المحل، يتفرجون ويقيسون الأحذية دون أن يشتروا، "كنت أنفض الغبار المتراكم على الأحذية لعدم شرائها، هذا ما يجعلني أبذل جهدا أكبر بدون أي مقابل مادي".

وتبيّن مريم بأن عملها كان يغطي الأقساط الفصلية لدراستها الجامعية، "كنت أجمع ما أحصّله لدراستي وبعد أن قل الأجر إلى 200 دينار، تركت العمل الذي دام عامين، والآن أبحث عن عمل آخر لتأمين الأقساط الجامعية".

وتشير إلى أنها تعرضت خلال عملها إلى عنف نفسي من قبل صاحب المحل، ومحاولات تحرش في أثناء تنقلها من وإلى مكان العمل، "الأمر الذي دفعني بدون تردد إلى ترك العمل وبخاصة بعد تخفيض الأجر".


من سبعة عمّال إلى ثلاثة في المحل 

يشعر ثروت الصمادي بالقلق من أن يفقد عمله في ظل الأوضاع الصعبة، "خلال الفترة الماضية، أكثر من عشرة محلات في السوق أغلقت أبوابها، وهناك من يعتزم إغلاق محله، "كثير من الأشخاص أصبحوا بلا عمل، كنّا سبعة أشخاص نعمل في المحل والآن تقلص عددنا إلى ثلاثة فقط".

وهو يعمل منذ سبعة أعوام في أحد محلات الألبسة المتواجدة في سوق مدينة عجلون، ويقول لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إن الراتب الذي يحصل عليه انخفض عما كان عليه في السابق، "كنت أتقاضى 300 ديناراً شهريا، وحالياً أحصل على 260 دينارا".

ويوضح الصمادي أن راتبه انخفض نتيجة تراجع إقبال المواطنين على شراء الألبسة، بينما ساعات العمل بقيت كما هي، "أعمل من الثامنة صباحا وحتى الرابعة مساءً، وأحصل على يوم عطلة في الأسبوع، ولدي اشتراك ضمان اجتماعي من خلال عملي".

ويؤشر الصمادي إلى أن أجره الذي انخفض أثر على ظروفه المعيشية، فلديه أسرة مكونة من ثمانية أفراد وينفق عليها، "عندي طالبان في الجامعة وأدفع تكاليف تعليمهما على حسابي، وراتب تقاعد الجيش، يذهب كاملاً لتسديد أقساط القروض".

ويوضّح أن الراتب لا يكفيه وأسرته، "أشتري بالدَّين كي أستطيع أن أغطي المصاريف الشهرية، والوضع صعب جداً، كل السلع مرتفعة، وهذا ما يزيد من الأعباء المعيشية علينا".


الناس يجولون ولا يشترون

بينما أم محمد، التي تعمل في أحد محلات بيع الألبسة في سوق عجلون منذ نحو عشرة أعوام، وهي صاحبة المحل أيضاً، تقول لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إنه منذ سنوات ظهر فرق واضح في حجم إقبال الناس على شراء الألبسة.

في السابق، كانت أم محمد تشتري البضاعة من التاجر كل يوم، وفي الوقت الحالي تشتريها كل أسبوع أو أسبوعين، "تراجعت المبيعات بشكل كبير، الناس يجولون في المحل ولا يشترون، ما أثر على عملي ودخلي".

وتوضح أن لديها التزامات، فهي تدفع فواتير الماء والكهرباء وأجرة المحل 350 ديناراً شهرياً، إلى جانب قيمة الاشتراكات الشهرية للضمان الاجتماعي، وفي المقابل لا تحصل على مردود مالي كاف، "بعض الأشهر أضطر إلى الشراء بالدَّين ليبقى المحل واقفا على رجليه".

وتسترسل بأنها في البداية اعتقدت أن الخلل في البضاعة، فقامت بتحسين جودة البضاعة، "أدركت لاحقا أن الناس أصبحت تشتري عندما تضطر، والسوق حركته فترت على الجميع، وبعض الناس اتجهت إلى التسوق الإلكتروني، ففكرت بتقديم خدمة التسوق الإلكتروني، إلا أنني سأميت حركة المحل على أرض الواقع".


تحديات القطاع تؤثر على العاملين

عدد محلات الألبسة والأقمشة والأحذية في المملكة يُقارب 13800 محل، والأغلب هي محلات لبيع الألبسة، بينما يُقدر عدد العاملين بتلك المحلات بنحو 68 ألف عامل وصاحب عمل، وتُقدر نسبة العمالة غير المسجلة في الضمان الاجتماعي بنحو 40 بالمئة، وفق ما يؤكده علّان لـ"المرصد العمّالي الأردني".

ويشير علان إلى أن 98 بالمئة من العاملين في القطاع هم من العمالة الأردنية، "باقي العمالة هي مهاجرة، ويقصر عملها في مجال التحميل والتنزيل".

ويُرجع علّان تراجع القطاع إلى المنافسة الشديدة مع الطرود البريدية، وعدم وجود توازن في رسوم الضرائب، إذ يبلغ الحد الأعلى للعبء الضريبي المفروض على الطرود البريدية 10 بالمئة، بينما تصل الأعباء الضريبية على قطاع الألبسة ما يُقارب 35 بالمئة.

ويلاحظ علّان أن ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين وعدم القدرة على استقطاب القوة الشرائية الخارجية، المتمثلة بسياحة التسوق بسبب مجموعة من الإجراءات، هي من التحديات التي أدت إلى تراجع القطاع.

وينبّه إلى عدم وجود قانون ينظم التجارة الإلكترونية، "الأردن يكاد يكون البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي ليس لديه قانون أو نظام لتنظيم التجارة الإلكترونية".

وفيما يخص ظروف العاملين في القطاع، يوضح أن الأجر لا يتناسب وعدد ساعات العمل، "تحديد ساعات وأوقات الدوام والإغلاق، من المطالب الرئيسية التي يطالب بها كل من العاملين وأصحاب العمل".

ويقترح علّان تنظيم التجارة الإلكترونية والمساواة بين الطرود البريدية والتجارة التي تمر عبر المراكز الجمركية، وضرورة ربط مواسم التنزيلات بمهرجانات التسوق وتنظيمها خلال فترات التنزيلات بما فيها فترتي التنزيلات الصيفية والشتوية.

وفي سياق آخر، وعلى ضوء تعرض إحدى الحالات "مريم" لعنف نفسي وتحرش، هناك علاقة مباشرة بين التحرش الذي يحدث في الأماكن العامة والخاصة وانسحاب النساء من العمل، إذ تظهر دراسة صادرة عن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية في تشرين الثاني 2021، وجاءت بعنوان "سلامة المرأة في العمل"، أن نحو 10 بالمئة من النساء اللواتي انسحبن مـن العمـل كان انسحابهن بسبب التحرش الجنسي، أو الخوف من التعرض له، وبذلك يكون هذا النوع من العنف هو أحد محددات تدني مشاركة المرأة من سوق العمل.

وكانت وزارة العمل أعلنت مطلع تشرين الأول الماضي، البدء بإجراءات المصادقة على اتفاقية "مناهضة العنف والتحرش في عالم العمل 2019 / 190"، التي تعتمد سياسات لمكافحة التحرش الجنسي، وتشجع اعتمادها لضمان بيئة عمل آمنة للنساء.

وعرّفت الاتفاقية "190" التحرش والعنف بأنه "نطاق من السلوكيات والممارسات غير المقبولة أو التهديدات المرتبطة بها، سواء حدثت مرة واحدة أو تكررت، التي تؤدي، أو يحتمل أن تؤدي إلى إلحاق ضرر جسدي، نفسي، جنسي، أو اقتصادي، وتشمل العنف والتحرش على أساس النوع الاجتماعي".