الرئيسية > ما هي ظروف العاملين بمهنة الخردة وكيف تساهم بالتشغيل؟

ما هي ظروف العاملين بمهنة الخردة وكيف تساهم بالتشغيل؟

الثلاثاء, 10 كانون الثاني 2023
النشرة الالكترونية
Phenix Center
ما هي ظروف العاملين بمهنة الخردة وكيف تساهم بالتشغيل؟
المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني 
تلاقي مهنة جمع وبيع الخردة "السكراب" إقبالا من بعض الشباب الأردني، وعلى الرغم من أنها مهنة غير منظمة وإمكان تعرض العاملين فيها إلى إصابات، فقد توفر مصدر دخل جيّد، لا يقل عن 500 ديناراً شهرياً.

بيئة العمل وما يتعرض له العاملون، تستدعي الحاجة إلى تنظيم المهنة، وتوفير الحمايات الاجتماعية اللازمة لهم مثل التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، من قبل الجهات المعنية مثل وزارتي العمل والتنمية الاجتماعية ومؤسسة الضمان الاجتماعي. 

ويرى بعض العاملين بالمهنة في أحاديثهم إلى "المرصد العمّالي الأردني"، أن المهنة تحتاج إلى تنظيم، لتحسين ظروف عملهم وتجنب تعرضهم لمضايقات. في حين لا يعتقد بعضهم الآخر أنها تحتاج إلى تنظيم، ويفضلون بقاءها على حالها.

يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش إنها واحدة من المهن التي تؤثر في المجتمع، وتمثل أحد مصادر الدخل لأفراده، وتسهم في تنظيف البيئة، من خلال إعادة تدوير ما جمع من خردة، واستخدامها مرة أخرى في منتجات جديدة.

وفي حديثه إلى "المرصد العمّالي الأردني"، يوضح عايش أنه من الصعب تقدير أو الوصول إلى رقم يتعلق بأعداد العاملين في هذه المهنة، "فالأمر يحتاج إلى بيانات ومعلومات متعلقة بطبيعة العاملين في المهنة، والدخل المتأتي منها وحجم النشاط الاقتصادي وقيمته".

لولا المهنة أين ستذهب الخردة؟
يعمل عامر الكيلاني منذ خمسة وعشرين عاما في جمع وبيع الخردة، ويجني أجرا شهريا متفاوتا، "أحياناً أحصل على دخل لا يقل عن 500 دينار، وأحيانا أخرى يصل الدخل إلى ألف دينار". 

ما شجع الكيلاني على العمل في هذه المهنة، أنها وفرت له ولأسرته المكونة من ثمانية أفراد دخلا جيدا، إلى جانب الحفاظ على البيئة من خلال إعادة تدوير الخردة وتحويلها إلى أشكال جديدة واستخدامها مرة أخرى، ويسأل: "بدون هذه المهنة أين ستذهب كل كميات الخردة هذه؟".

ويعتمد الكيلاني في شرائه الخردة على الوزن، "أقدّر سعرها وأتفق مع البائع على سعر معين لأشتريها، ومن ثم أبيعها التجار بسعر آخر.. سعر الخردة يعتمد على نوع المعدن والأسعار تختلف من حين لآخر".

في السابق، كان الكيلاني يتنقل في سيارة البيك أب بين المحافظات لشراء الخردة من الناس، وحينها كان يتعرض إلى العديد من الصعوبات، "بعض الأشخاص يبيعون أدوات مسروقة، وإن لم يكن لدي ما يثبت أنني اشتريتها أتعرض للمساءلة من الشرطة ويسجل عليّ قيد، يجب أن يكون هناك أوراق تثبت شرائي الخردة".

أما في الوقت الحالي، فقد اختلفت طبيعة عمله، وأصبح يستخدم الإعلانات عبر منصات التواصل الاجتماعي، "أنشر الإعلان عبر الموقع، والأشخاص يتصلون بي، أذهب للمكان المتفق عليه واشتري الخردة، أحيانا يكون تعاملي مع مصانع ولديها كميات كبيرة من الخردة".

ويطالب الكلاني بتنظيم المهنة والتعاون مع وزارة العمل، "عندما تصبح المهنة منظمة، أذهب إلى أي مكان ولا أتعرض لأي مضايقات، في بعض الأحيان يكون تعاملي مع شركات ومصانع وأحتاج إلى أوراق رسمية، وإذا نظمت المهنة يصبح عملي مرخصا".

إبقاء المهنة على حالها
بينما لا تختلف الصعوبات التي تواجه أبو زيد، الذي يعمل في المهنة منذ عشرة أعوام، عن تلك التي كانت تواجه الكيلاني، فهو يتنقل بين المحافظات وينادي على من لديه خردة، يقوم بوزن الخردة وتقدير سعرها، وبعد جمع أنواع مختلفة من الخردة يبيعها للتجار بسعر أعلى.

ويوضح أنه استطاع من خلال عمله توفير مصدر دخل جيّد له ولأسرته المكونة من خمسة أفراد، "البيك أب الذي أعمل عليه تضمنته من أحد أقاربي، بمبلغ أدفعه له كل شهر وهذا المبلغ يعتمد على عملي، ويقدَّر الأجر الذي أحصّله 600 ديناراً شهرياً، ناهيك عن كلفة الديزل التي تصل إلى 30 دينارا يومياً".

غير أنه لا يرى أن عمله يحتاج إلى تنظيم ويفضل أن تبقى المهنة على حالها بدلاً من أن تتدخل الجهات الرسمية وتخرّب عملهم، "عملنا في هذا المجال حُر، ولا أرى أننا بحاجة لأن يكون تحت مظلة حكومية".

إصابات عمل ولا حمايات اجتماعية 
كثير من العاملين في مهنة جمع وبيع الخردة، يتعرضون لإصابات أثناء عملهم وتنقلهم، منها إصابات لا تستدعي الذهاب إلى المستشفى، ومنها إصابات ينتج عنها كسور، فبعض المواد والأدوات تكون خطرة وحادّة ما يسبب جروحا وخدوشا، وبعض الأدوات تكون ثقيلة وعند وقوعها على العاملين تسبب لهم كسورا. ولا يملك العاملون أي نوع من أنواع الحمايات الاجتماعية.
ولأن معظم العاملين في هذه المهنة غير مشمولين بالضمان الاجتماعي، فهم لا يستطيعون تلقي العلاج والعناية الطبية اللازمة على حساب الضمان حتى ولو لم يكن لديهم تأمين صحي.

يقول الكيلاني إنه تعرض لجروح وإصابات بسيطة، وتعالج على حسابه الخاص، "ليس لدي تأمين صحي ولا حتى ضمان اجتماعي، ولو كان لديّ لكان الوضع أفضل". بينما يقول أبو زيد إنه يستطيع تدبير أموره والعلاج بدون الحاجة لتأمين صحي.

ويؤكد عايش أن العمل في جمع وبيع الخردة أحيانا يكون خطراً، فبعض أنواع الخردة خطرة وكيميائية وإشعاعية، ويقول: "آن الأوان لتأمين الحماية للعاملين بالمهنة، وإدماجهم في الدورة الاقتصادية بمعناها الشامل، بما يضمن إعطاءهم تأمينا صحيا وشمولهم بالضمان الاجتماعي ومتابعة عملهم، وهنا نتحدث عن مهنة لا تخضع للقوانين والأنظمة، والعاملون فيها خارج إطار التنظيم القانوني".

ويدعو عايش إلى أن تتبنى الجهات المختصة مثل وزارتي العمل والتنمية الاجتماعية ومؤسسة الضمان الاجتماعي وأمانة عمان الكبرى والبلديات ومؤسسات المجتمع المدني، هذا النوع من المهن غير المنظمة، بحيث يكون هناك تفكير في حماية العاملين فيها، وأن يسلط الإعلام الضوء على هذه المهن، ويناقش أوضاع العاملين فيها واحتياجاتهم.

تصنف ضمن "الاقتصاد الدائري" 
ويعرّف موقع هارفارد للأعمال "الخردة" بأنها "مواد متبقية من تصنيع المنتج أو استهلاكه قابلة لإعادة التدوير، مثل أجزاء السيارات ولوازم البناء والمواد الفائضة عن الصناعة، وأن الخردة لها قيمة نقدية وبخاصة المعادن".

ويفيد الموقع أن الخردة تجمع في ساحة واسعة إما لصهرها وإعادة إنتاجها، أو لتعرض على العملاء ليشتروا حاجتهم منها بوحدات كبيرة حسب الوزن، وغالباً يتم البيع بالجملة وبأسعار تقل كثيراً عن أسعار شراء القطع المماثلة بالتجزئة، ويُطلب من المشترين توفير الأدوات والأيدي العاملة.

ويلفت عايش إلى أن القائم بالعمل هو نفسه البائع والمسوّق وهو نفسه الذي يتابع نشاط العمل، وعلى المستوى العالمي، وأن الخردة تعتبر أحد مصادر التدوير في العملية الاقتصادية، وتجارة الخردة هي تجارة ضخمة، تسهم في تنظيف البيئة من المواد والأدوات التي قد تؤثر على الصحة العامة وعلى البيئة ومصادر المياه كما تشوه المنظر العام للأرض، "لو ألقينا نظرة على الشوارع والطرق وأسطح المنازل في المدن الأردنية، لوجدناها ملأى بالفوضى وأنواع من الخردة وشكلها لا يسر، وهناك إمكانية أن تؤثر على المباني".

وبناءا على ذلك، يمكن تصنيف مهنة بيع الخردة ضمن "الاقتصاد الدائري"، بحيث يمكن الاستفادة من الخردة وإعادة تدويرها واستخدامها من جديد، إلى جانب قدرتها على توفير فرص عمل. ويعرّف هذا الاقتصاد بأنه "نموذج يستهدف تقليل المهدور من المواد والسلع والطاقة والاستفادة منها قدر الإمكان، بحيث يتم خفض الاستهلاك والنفايات والانبعاثات".

ويمكّن الاقتصاد الدائري من الاستفادة قدر الإمكان من جميع المواد الخام والموارد بأشكالها المختلفة، وإطلاق عمليات إعادة التدوير والاستخدام والتصنيع التي من شأنها توفير فرص عمل، بدلاً عن أنماط الهدر وإلقاء النفايات والمخالفات.

بينما يشير تقرير صادر عن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية في تشرين الثاني عام 2021، إلى أنّ قطاعات المياه والسياحة والزراعة والصناعة والطاقة و"إدارة النفايات"، تمتلك فرصا كبيرة لتوليد وظائف لائقة ومستدامة ومباشرة، حال اعتمدت على مصادر الطاقة البديلة والمتجددة وتقنيات التدوير.

ويبين التقرير الذي جاء بعنوان "الأردن يمتلك فرصا واسعة لتوليد فرص عمل جديدة من خلال الاقتصاد الأخضر"، أن الأردن  يتخلص مما يعادل 2.7 مليون طن من النفايات الصلبة البلدية، وما يعادل 2745 طنا من النفايات الطبية، و45 ألف طن من النفايات الصناعية الخطرة، موزعة على 20 مكب في المملكة بطريقة الطمر التي توفر 6 فرص عمل فقط لكل ألف طن، في حين تخلق إعادة التدوير 36 فرصة أخرى لذات الكمية.