الرئيسية > معلمات المدارس الخاصة يتعرضن لعنف متعدد الأشكال والأطراف

معلمات المدارس الخاصة يتعرضن لعنف متعدد الأشكال والأطراف

الثلاثاء, 06 كانون الأول 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
معلمات المدارس الخاصة يتعرضن لعنف متعدد الأشكال والأطراف
المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني 
تتعرض معلمات في مدارس خاصة إلى أشكال متعددة من العنف؛ منه النفسي واللفظي. وهو عنف متعدد المصادر، إذ يقع من عدة أطراف؛ الإدارة والطلاب وأولياء أمورهم، ما يجعل كثيرا من المعلمات يؤثرن السلامة بالاستقالة والانسحاب من مهنةالتدريس.

تؤكد معلمات في مدارس خاصة، تحدث إليهن "المرصد العمّالي الأردني"، أنهن يتعرضن لسوء المعاملة والسب والشتم من قبل إدارات المدارس، وأولياء الأمور والطلاب أيضاً، وأن عملهن يفتقر إلى التقدير والشعور بالرضا الوظيفي، ناهيك عن أن الانتهاكات العمّالية تزيد من العنف الواقع عليهن.

 ويؤكد خبراء تربويون لـ"المرصد العمّالي الأردني" أن الانتهاكات العمّالية الواقعة على المعلمات، تقود بشكل دائم إلى أشكال متعددة من العنف، ما يستدعي تفعيل الرقابة على المدارس الخاصة، وتفعيل القوانين وتطبيقها بشكل جيّد.

وفق تقرير صادر عن وزارة التربية والتعليم عام 2021، فإن عدد المعلمات في المدارس الخاصة للعام الدراسي (2020-2021) يُقارب 39 ألف معلمة، وشكلن (89.7 بالمئة) من مجموع معلمي المدارس الخاصة. 

بالتزامن مع إعداد التقرير، أرسلت إحدى المعلمات لـ"المرصد العمّالي الأردني"، نص استقالتها من العمل في إحدى المدارس الخاصة، وقد جاء في نص الاستقالة تعرضها لأشكال مختلفة من العنف، منها النفسي واللفظي، إلى جانب تعرضها لانتهاكات عمّالية صارخة.

تقول (م. ي) إن من أسباب تقديم استقالتها، هو عدم احترامها من قبل أولياء أمور الطلبة والإدارة والطلاب أيضاً، "لا زلت أتذكر عندما اتصلت بي والدة إحدى الطالبات وأثر ما حدث على نفسيتي، كان كلامها جارحا تسبب في أذيتي، وذلك لتأخر المدرسة في طباعة دوسية المحادثة لابنتها، حينها قالت لي أنني آخذ نقودهم بدون مقابل".

وتوضح أنها لم تكمل فصلا دراسيا واحدا في المدرسة، غير أن ما تعرضت له خلال الفصل من عبء نفسي كبير، جعلها تقدم استقالتها، "نصاب الحصص مرتفع، أقوم بتدريس 28 حصة في الأسبوع، والطلاب يقللون الأدب على المعلمات، والإدارة تفتح لهم المجال، وهذا ما يقلل من المجهود الذي أقدمه".

وتلفت إلى أن تصرفات الطلاب خلال الحصص مسيئة، إذ يقومون بإصدار أصوات حيوانات وصفير خلال الشرح، والإدارة لا تسمح لي باتخاذ أي إجراء، "دائماً تقول الإدارة الأهم نفسية الطلاب لو سمحتِ، لا نسمح أن يرجعوا إلى المنزل زعلانين، أما المعلمة فلتذهب إلى الجحيم!"

وتستدرك بالقول أنها في أحد الأيام رجعت إلى المنزل عند الساعة الثانية والنصف ظهراً، وفي حوزتها (135 ورقة) لغة إنجليزية بحاجة إلى تدقيق، وبقيت حتى الثالثة من صباح اليوم التالي تعمل على تدقيقها، ما أدى إلى تأخرها عن الدوام ومعاقبتها".

وتذهب إلى أن مديرة المدرسة وبعد تقديمها الاستقالة هددتها بأنه يترتب عليها شرط جزائي وعليها دفع رواتب ثمانية أشهر، وأنها تستطيع أن تأتي بمعلمة لغة إنجليزية كل يوم.

وتكشف أن من تعطي الطلاب منهاج اللغة الإنجليزية معلمتان وثلاث، وهذا ما يشتت أفكارهم ويجعلهم يضيعون بين أساليب تدريس مختلفة، "لا أعلم كيف يقبل أولياء الأمور بذلك، من المفترض أن أحضر اجتماعات أولياء الأمور وأضعهم في صورة ما يحدث، لكن بسبب التعامل السيء لا أحضر تلك الاجتماعات".

أما (ص. ع) فتعمل منذ عام 2012 معلمة في إحدى المدارس الخاصة بمحافظة الزرقاء، تقول لـ"المرصد العمّالي الأردني" إنه "من ناحية نفسية ومعنوية، الشعور بالتقدير والاحترام لكل شي أقدمه هو ما يزيد عطائي، والعكس هو الواقع".

وتوضح أن التعليم مهنة متعبة جسدياً وتحتاج لمجهود فكري أثناء الدوام وخارج أوقات الدوام، "إعطاء الحصص ومتابعة الطلاب أثناء الدوام، والتخطيط والتحضير خارج أوقات الدوام، يؤثر على وقتي ويقلل فرص مشاركتي مع العائلة وجلوسي معهم".

وتؤشر إلى أن المعلمات في المدارس الخاصة يتعرضن لعنف لفظي من الطلاب والأهل وحتى الإدارة، "المواقف كثيرة، أحدها في إحدى المدارس المعروفة التي كنت أعمل فيها، تعرضت لعنف لفظي وشتمني أحد آباء الطلاب، ونبهته أنني سأطلب الأمن، وكان رد الإدارة أنني لم أستوعب غضبه، ولم أسايره!، وحينها أنهوا خدماتي على الفور".

وتلفت إلى أن العملية التعليمية أصبحت مجرد صفقات تجارية لا أكثر في القطاع الخاص، "برأيهم يجب المحافظة على الأهل لأنهم يدفعون، أما المعلمة فنستطيع استبدالها بأي وقت وبراتب أقل".

وتقترح (ص. ع) فرض رقابة أكثر على سلوك وتعامل أصحاب المدارس الخاصة، ورفع رواتب المعلمين والمعلمات بما يتناسب ومجهودهم وخبراتهم، "رغم أن أقساط أغلب المدارس مرتفعة، فإن الرواتب متدنية، إذ أحصل على 330 دينار، وخبرتي تجاوز ثمانية أعوام". 

من جانبه، يقول نور الدين نديم الناطق الإعلامي السابق باسم نقابة المعلمين الأردنيين لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إن المعلمات يتعرضن لعدة أشكال من العنف، "منها الاستغلال المادي بإجبارهن تحت ضغط الحاجة للقبول برواتب متدنية، والتوقيع على استلام رقم آخر غير المستلم".

ويؤكد أن المعلمات يتعرضن لسوء المعاملة والعنف اللفظي والتهديد الدائم بقطع الأرزاق، والفصل من الوظيفة، وبخاصة إذا ما تم إجبارهن على توقيع استقالة بدون تاريخ، وإقرار باستلامهن جميع مستحقاتهن.

ويلفت إلى أن إجبار المعلمات على أعمال أخرى غير التدريس، مثل مرافقة الباص أو التنظيف، يؤثر بشكل مباشر على سير العملية التعليمية والتربوية، إذ ينعكس الوضع النفسي والضغط البدني والمادي سلباً على العملية التربوية والتعليمية.

ويوضح أن النقابة عملت على تعديل الأنظمة بحيث توصلت إلى اتفاق على العقد الموحد وتحويل الرواتب إلى البنوك، وكانت تعمل باتجاه رفع الحد الأدنى للأجور، وتوفير حضانات وإجازات الأمومة والأمان الوظيفي وضمان عدم الاستغلال، إلا أن الإجراءات التعسفية ضد النقابة أدت إلى ايقافها عن العمل ومنعها من مزاولة عملها.

ويقترح نديم عودة النقابة لعملها وتفعيل القوانين وزيادة الرقابة على المدارس الخاصة، إلى جانب عدم ازدواجية الإشراف على تلك المدارس بين وزارة العمل للحقوق العمّالية، والجانب المهني والفني لوزارة التربية والتعليم، "يفترض إفراد المسؤولية كاملة شاملة لوزارة التربية والتعليم".

في حين تقول ناريمان الشواهين المنسقة العامة لحملة "قُم مع المعلم"، لـ"المرصد العمّالي الأردني"، إن كل ما تواجهه المعلمات في المدارس الخاصة يفسر وجود عنف بأشكال متعددة يتعرضن له.

وتشير إلى أن عدد الشكاوى والاستفسارات التي وردت إلى الحملة من خلال الخط الساخن وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي هذا العام، (ألفان وستة شكاوى واستفسارات) وهذه الشكاوى تفيد بتعرض غالبية المعلمات إلى عنف بأشكال متعددة إلى جانب انتهاكات عمّالية.

وتؤكد أن معلمات آثرن الجلوس في المنزل على أن يعملن في بيئة عمل سيئة ويتعرضن لإهانة وإذلال من أصحاب العمل وأيضاً أولياء أمور الطلبة والطلبة أنفسهم، "تعاني بعض المعلمات من حالات نفسية، حتى بعد ترك العمل".

وترى أن على الجهات المعنية الثلاث -وزارتا العمل والتربية والتعليم ومؤسسة الضمان الاجتماعي- العمل بشكل مشترك لتحسين ظروف وبيئة عمل معلمات المدارس الخاصة، وعمل زيارات تفتيشية لكل المدارس الخاصة وبشكل مستمر.

وتقترح الشواهين تفعيل القوانين وتطبيقها بشكل رادع ومخالفة المدارس الخاصة التي تنتهك حقوق المعلمات وتعاملهن معاملة سيئة، ووقف العنف وبخاصة اللفظي الذي يتعرضن إليه، إلى جانب توعية المعلمات بحقوقهن.

في سياق متصل، تلفت الشواهين إلى أن إحدى الوسائل التي يستخدمها أصحاب العمل لزيادة الضغط النفسي على المعلمات هي الإيحاءات الجنسية، "قالت لي معلمة أن أحد أصحاب المدارس كان يحضر الحصص التي أعطيها للطلبة وينظر إليها نظرات تبقيها قلقة وخائفة طوال الوقت".

وكانت وزارة العمل أعلنت مطلع تشرين أول الماضي البدء بإجراءات المصادقة على اتفاقية "مناهضة العنف والتحرش في عالم العمل رقم 190" الدولية لعام 2019 التي تعتمد سياسات لمكافحة التحرش الجنسي، وتشجع اعتمادها لضمان بيئة عمل آمنة للنساء.

وعرفت الاتفاقية (190) التحرش والعنف بأنه "نطاق من السلوكيات والممارسات غير المقبولة أو التهديدات المرتبطة بها، سواء حدثت مرة واحدة أو تكررت، التي تؤدي، أو يحتمل أن تؤدي إلى إلحاق ضرر جسدي، نفسي، جنسي، أو اقتصادي، وتشمل العنف والتحرش على أساس النوع الاجتماعي".