الرئيسية > مدربو السواقة.. حقوق مهضومة ومطالبات بتحصيلها

مدربو السواقة.. حقوق مهضومة ومطالبات بتحصيلها

الثلاثاء, 11 تشرين الأول 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
مدربو السواقة.. حقوق مهضومة ومطالبات بتحصيلها
المرصد العمالي الأردني – مراد كتكت
يعاني العشرات من مدربي ومدربات السواقة في الأردن من تحديات وانتهاكات عديدة، وبخاصة الذين يعملون على المركبات المملوكة لمراكز التدريب، إذ يتقاضون أجورا متدنية، ولا يتمتعون بالحمايات الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.

ويُقر مدربون ومدربات ممن التقاهم "المرصد العمالي الأردني" أن معظم مراكز تدريب السواقة في الأردن لا تشمل المدربين والمدربات لديها بمظلة الضمان الاجتماعي، ويبقى الاشتراك الاختياري هو الملاذ الوحيد لهم للحصول على التأمينات التي توفرها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.

وفضلا عن ذلك، فإنه لا يوجد لديهم أمان وظيفي، إذ يجري تهديدهم بالفصل من قبل مراكز التدريب حال اعترضوا على أي سياسة معينة، خصوصا وأنه لا يوجد أي عقد عمل مع أصحاب المراكز، وإنما اتفاق شفوي فقط، ما يعني إمكان ضياع جميع حقوقهم.

تقول سحر الحموز، إحدى المدربات اللواتي يعملن على مركبات مركز للتدريب بعمان، إنها تعمل مدربة سواقة منذ 15 عاما وإلى الآن لم يُسجلها صاحب المركز بالضمان الاجتماعي ولا حتى بتأمينٍ صحي.

وتبين سحر، في حديثها إلى "المرصد العمالي"، أنها فقدت الراتب التقاعدي بهذه الحالة، خصوصا وأنها قاربت على سن التقاعد، إذ جاوز عمرها الخمسين عاما ولا يوجد لديها حمايات اجتماعية أو من يُعينها مستقبلا، لأن زوجها منفصل عنها، وتُعبر بالقول: "لا أعلم كيف سألُبّي احتياجات أولادي، فلا راتب لدي عند تقاعدي".

وتُشير إلى أنها طلبت من صاحب المركز شمولها بالضمان، إلا أنه رفض ذلك، وكان يُجبرهم على القول بأن المركبات التي يعملون عليها ملكهم وليست ملكا للمركز عند مجيء فرق التفتيش التابعة لمؤسسة الضمان، تهربا من شمولهم.

وتوضح سحر سبب رضوخهم لصاحب المركز بأنه كان يُهددهم بالفصل من العمل، خصوصا وأنه لا يوجد أي عقد عمل بينهم وبين المركز، ما يعني عدم وجود ما يضمن حقوقهم حال تم الاستغناء عنهم.

وهذا هو السبب الذي يمنعهم من الذهاب لوزارة العمل لتقديم شكوى بحق المركز، لعدم وجود ما يُثبت حقوقهم، وفق سحر.

لا تختلف تجربة سحر عن تجربة إيمان غزال، التي مضى على عملها كمدربة سواقة على مركبة أحد المراكز عامين تعرضت خلالها للانتهاكات ذاتها.

وترى إيمان في حديثها إلى "المرصد" أن عدم شمول المدربين والمدربات بالضمان الاجتماعي يعتبر أكبر تحدٍ يواجهونه، وأشارت إلى أن العديد منهم وبخاصة المعيلين لأسر أصبحوا على مقربة من التقاعد، ولا يوجد لديهم راتب تقاعدي يعتمدون عليه مستقبلا.

ويبقى الأمر متروكا لهم في هذه الحالة للاشتراك الاختياري فقط، وفق إيمان التي بينت أن معظم المدربين والمدربات لا يرغبون بهذا النوع من الاشتراك، لأن تكلفته عالية مقارنة بالأجور المتدنية التي يتقاضوها.

إذ توضح أنهم يتقاضون من المركز من دينارين إلى دينارين ونصف الدينار على الحصة الواحدة فقط، على الرغم من أن سعر الحصة الواحدة 8 دنانير ونصف الدينار.

وترى أن هذا الأجر لا يكفيهم، خصوصا وأن جميع الكلف التشغيلية مثل البنزين – إذا تجاوز الدينارين في الحصة الواحدة -، والصيانة الدورية للمركبة والمخالفات والحوادث إن وقعت لا تتحملها مراكز التدريب، وإنما المدربون.

محمد الربيحات، وهو مدرب سواقة أيضا، يقول إن هناك نوعين من المدربين، الأول: الذين يعملون على المركبات المملوكة للمراكز وهم الأكثر عرضة للانتهاكات والتحديات، وبخاصة ما يتعلق بالأجور.

 أما النوع الآخر: فهم الذين يعملون على مركباتهم الخاصة، لكن يتبعون للمراكز للحصول على تصريح التدريب.

ويرى الربيحات، في حديثه إلى "المرصد العمالي"، أن أبرز الأسباب وراء حدوث مثل هذه الانتهاكات، وبخاصة ما يتعلق بالضمان الاجتماعي، هو أن معظم العاملين في مهنة تدريب السواقة هم متقاعدون ويكون لديهم تأمينات صحية.

ويوضح أن أصحاب مراكز التدريب لا يشملون العاملين لديهم (غير المتقاعدين) بالحمايات الاجتماعية، نظرا لأعدادهم القليلة مقارنة مع عدد العاملين المتقاعدين.

كما أن ضعف الرقابة على المراكز من قبل الجهات المعنية مثل مؤسسة الضمان الاجتماعي ووزارة العمل، زاد من هذه الانتهاكات.

ويبلغ عدد المدربين والمدربات في الأردن 2143، منهم 1780 ذكور والباقي إناث، يعملون في 184 مركز تدريب، وفق رئيس الجمعية الأردنية لمراكز تدريب السواقة والعاملين فيها إبراهيم العبداللات.

ويرى العبداللات، في تصريح إلى "المرصد العمالي"، أن اللوم يقع على المدرب حال لم يشمله المركز بالضمان الاجتماعي، ويوضح بالقول: "بإمكان المدرب الذي يعمل على مركبة مملوكة للمركز أن يشتكي لمؤسسة الضمان، وبذلك تقع مخالفة مالية على صاحب المركز".

ويبين أن الجمعية طلبت من مؤسسة الضمان شمول العاملين في مراكز تدريب السواقة ببرنامج استدامة++ كون المركبات التي يعملون عليها تحمل ترميز (50)، أسوة بسائقي المركبات العمومية التي تحمل نفس الترميز، لشمولهم بمظلة الضمان الاجتماعي.

وكانت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي دعت أخيرا سائقي المركبات العمومية التي تحمل ترميز (50) إلى الاستفادة من برنامج استدامـة++ المتضمن "دعم الاشتراكـات" لمدة 18 شهرا، وهو ما يعني تحمل السائق لاشتراكات لا تزيد عن 89 قرشاً شهريـاً إذا ما اختار الشمول على شريحة 50 بالمئة في تأمين الشيخوخة.

وبخصوص تحمّل المدربين جميع الكلف التشغيلية، فنفى العبداللات ذلك، وبين أن المدربين يتحملون فقط المخالفات وتكلفة الحوادث حال وقعت بسببهم، في حين إذا وقعت بسبب المتدرب، فيتحمل المركز جميع تكاليفها.

أما فيما يتعلق بعدم وجود عقد عمل بين المدرب/ة والمركز، فيوضح العبداللات أن طبيعة العلاقة بين الطرفين تُشرف عليها إدارة الترخيص ووزارة الداخلية، لأنهما الجهتان المسؤولتان فقط عن هذا القطاع.

ويبين أن أي مدرب يتعرض لأي انتهاك لحقوقه العمالية، بإمكانه رفع دعوى قضائية بحق المركز الذي يعمل لديه، مشيرا إلى أن وزارتي العمل والنقل غير مسؤولتين عن هذه الأمور.

المحامي معاذ المومني يقول إن مراكز تدريب السواقة تتبع إلى وزارة الداخلية وإدارة الترخيص في أمور التسجيل والإجراءات الإدارية فقط، لكن عندما يقع أي انتهاك للحقوق العمالية للمدربين، فإن المسؤولية هنا تقع على عاتق وزارة العمل، لأنه من ضمن اختصاصها.

ويبين المومني، في تصريح إلى "المرصد العمالي"، أن اللجوء إلى القضاء حق لجميع المواطنين، ولا يقصر فقط على من هم خارج أحكام قانون العمل.

ويؤكد أن أي عامل في أي مركز تدريب للسواقة يستطيع التظلم أمام وزارة العمل ضد أي انتهاك عمالي يقع عليه من قبل صاحب المركز.