الرئيسية > عجلون وجرش.. مزايا سياحية لا تُستثمر لتشغيل الشباب

عجلون وجرش.. مزايا سياحية لا تُستثمر لتشغيل الشباب

الثلاثاء, 19 تموز 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
عجلون وجرش.. مزايا سياحية لا تُستثمر لتشغيل الشباب
المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني 
يسهم قطاع السياحة بشكل مباشر وغير مباشر، بنسبة 16.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما يجاوز عدد العاملين فيه 55 ألفا، وفق ورشة العمل الاقتصادية الوطنية / شباط 2020 .
ورغم تمتع محافظتي عجلون وجرش بالمزايا السياحية -المتمثلة في المعالم الطبيعية والمزارات الأثرية التاريخية والدينية التي تجذب السياح- فإن عدد العاملين بالقطاع في كلتا المحافظتين لا يجاوز ألف عامل، وفقاً لمديريتي السياحة في عجلون وجرش.
يرى عاملون في السياحة أن القطاع لا يُستغل بصورة جيّدة، ليعود بالنفع على المجتمع، ويسهم بشكل أكبر بتخفيف نسبة البطالة، ويؤكدون، في أحاديثهم إلى "المرصد العمّالي الأردني"، أن القطاع بحاجة لتطوير ووضع خطط تكون أولوياتها توفير فرص عمل لأبناء المجتمع. 
في حين يرى خبراء اقتصاديون أنه آن أوان التفكير بصناعة السياحة، وأن تكون "عملية سياحية حقيقية" تستفيد منها القطاعات الأخرى إلى جانب السياحة، والتفكير بكيفية استفادة المجتمعات من النشاط السياحي، لتوفير المزيد من فرص العمل.
تعمل سماح بني حمدان (35 عاماً) في الصناعات اليدوية والإكسسوارات منذ ما يقارب ثلاثة أعوام، وبدأت عملها من خلال مهرجان جرش. ولبيع منتجاتها، تستهدف السياح القادمين إلى محافظة جرش. 
ولا يرتبط عمل بني حمدان بساعات معينة، فهي تصنع المنتجات في المنزل وتسوق لها من خلال جمعيات ومنصات التواصل الاجتماعي، وطالبت وزميلاتها اللاتي يعملن معها، بتوفير مكان ثابت ودائم من قبل مديرية السياحة، حتى يعرفها السياح ويتوافدوا لشراء المنتجات.
ويرتبط الدخل الذي تحصل عليه بالموسم السياحي والبازارات التي تقام في الأماكن السياحية، "عملي ليس ثابتا ويتأثر بالمواسم السياحية، إذا كانت هناك حركة سياحية أحصل على دخل جيّد، وفي الشتاء تقل الحركة السياحية، ما يجعلني أنتقل للعمل في حياكة الصوف".
وتقول إنها تشارك أحياناً في البازارات السياحية، "يراوح الأجر الذي أحصّله من مشاركتي بين 15 إلى 25 ديناراً في اليوم".
وتوضح لـ"المرصد العمّالي" أن عملها يشكل مصدر دخل ثانيا لأسرتها، "زوجي يعمل بنظام المياومة، وأساعده في تغطية المصاريف المعيشية لأسرتي المكونة من ثلاثة أفراد".
أما محمود عياصرة (28 عاماً)، فيعمل في محل لبيع التحف الشرقية في سوق جرش الأثري منذ 15 عاماً، فيقول لـ"المرصد العمّالي"، إنه كبر وتربى وهو يعمل في قطاع السياحة وأن عمله هذا يشكل "الدخل الرئيسي في حياتي وبيتي، وأعيش من خلال عملي في السياحة".
ويوضح أن عمله يرتبط بالحركة السياحية ويتأثر بشكل كبير بعدد السياح القادمين للموقع، وهذا ما يؤثر سلباً أو إيجاباً على "الأجر الذي أحصل عليه، غير أنني أعمل جاهداً لتغطية احتياجاتي وسبعة أفراد من عائلتي".
ويعتقد أن الجهات المعنية لا تستغل المزايا السياحية بشكل جيّد لتوفير فرص عمل لأبناء جرش، "لو كان هناك استغلال كاف للمزايا السياحية لأمكن توفير آلاف فرص العمل الإضافية".
ويطالب عياصرة بتحسين واقع السياحة بمحافظة جرش، ويتساءل "لماذا لا يكون هناك فنادق ليقيم السائح أكبر قدر ممكن؟، ويستفيد أبناء المنطقة قدر الإمكان".
من جانبه، يقول فراس خطاطبة مدير مديرية سياحة محافظة جرش لـ"المرصد العمّالي" إن عدد المنشآت السياحية في جرش 16 منشأة، "تبلغ عدد الفرص التشغيلية التي يوفرها القطاع 500 فرصة عمل في ذروة المواسم السياحية، وأغلب العاملين من الشباب". 
ويوضح أن مجالات التشغيل في السياحة تتنوع، من أدلاء سياحيين وموظفي المنشآت السياحية من مطاعم وفنادق سياحية، "تخفف هذه الفرص نسبة البطالة في جرش، وهي غير مؤقتة؛ أي لا تنحصر في فصل الصيف بل تمتد على مدار العام".
ويشير إلى أن المديرية تعمل على تنفيذ خطة متكاملة لتطوير السياحة في جرش، ستشمل العديد من الفرص الاستثمارية وتطوير الخدمات السياحية والبنى التحتية، التي بدورها ستوفر مئات فرص العمل لأبناء المحافظة.
ويبين أن أبرز التحديات التي تواجه قطاع السياحة في المحافظة هو "محدودية مدة إقامة السائح، بسبب قلة عدد الفنادق، فالسائح لا يقيم في جرش كي يقوم بأنشطة اقتصادية فيها".
ويعزو عدم توفر فنادق، إلى قرب جرش من العاصمة عمان، ما يجعل السائح يفضل النزول في فنادق بعمان.
غير أن هناك من يشير إلى أن أبرز الأسباب هو أن عدم وجود فعاليات ووسائل ترفيه وتسلية وبرامج تحفز السائح على المبيت وإزجاء أطول وقت ممكن في جرش وعجلون.
أما العاملون في السياحة بمحافظة عجلون، فيعانون من قلة الأجور، وصعوبة الوصول إلى المواقع السياحية التي يعملون فيها إلى جانب ارتفاع كلف التنقل من وإلى أماكن العمل.
معاوية القرشي، الذي يعمل منذ خمسة أعوام مديراً في أحد المطاعم السياحية بعجلون، يقول إنه يعمل يومياً لمدة عشر ساعات، ولا يجاوز الأجر الذي يتقاضاه 230 دينارا شهرياً.
ويوضح لـ"المرصد العمّالي" أن هذا الأجر لا يغطي ما عليه من التزامات؛ "لدي أسرة وأقساط بنكية بالإضافة إلى 120 ديناراً شهرياً أجرة المنزل الذي أسكنه وأسرتي المكونة من ثلاثة أفراد".
ويطالب القرشي بزيادة الرواتب والأجور للعاملين في قطاع السياحة، وتحديد ساعات العمل.
وفي تقرير سابق لـ"المرصد العمّالي"، بعنوان "كيف تواجه السياحة بعجلون والعاملون بها الشتاء؟"، أكدت عاملة في أحد المطاعم السياحية، أنها تواجه صعوبة في الوصول إلى مكان العمل بسبب وعورة الطرق من جهة وغياب خدمة النقل العام من جهة أخرى.
التقرير الصادر في كانون الأول 2021، أشار إلى ارتفاع كلف التنقل من وإلى أماكن العمل، قد تصل الكلف 10 دنانير في اليوم الواحد ويتكبدها العاملون في السياحة وحدهم.
ويبلغ عدد المنشآت السياحية المرخصة في محافظة عجلون 25 منشأة، وتوفر من 300 إلى 500 وظيفة، وفق ما يؤكده محمد الديك، مدير مديرية سياحة محافظة عجلون، لـ"المرصد العمّالي". 
ويوضح أن "فرص العمل تتوزع بين خدمات الطعام والشراب، والخدمات الفندقية والدلالة السياحية، وخدمات إنتاج وتقديم الطعام للسياح إضافة إلى خدمات تزويد المنشآت السياحية بالمنتجات محلية الصنع".
ويؤشر إلى أن الفرص يستفيد منها مختلف فئات المجتمع ذكورا وإناثا، "عدد من النساء تقوم بأعمال صنع الطعام في الكثير من المنشآت السياحية، هذه الفرص تعود بالنفع العام وترفد اقتصاد العائلة وتحسّن من مستوى الدخل المالي لأفراد المجتمع".
ويشير إلى أن أبرز التحديات التي تواجه قطاع السياحة في عجلون، تتمثل بقلة فرص العمل وضعف التدريب السياحي، وانخفاض رواتب العاملين في القطاع، غير أن "الوزارة تعمل على تطوير وتحسين شبكات الطرق المؤدية إلى المواقع السياحية لتوفير وسائل الراحة للوصول إلى مقاصدهم السياحية بسهولة ويسر". 
ويتوقع الديك أن يسهم مشروع التلفريك بتوفير مزيد من فرص العمل لأبناء عجلون، "سيقام 40 مشروعا سياحيا على طول خط التلفريك، وبالتالي ستوفر هذه المشاريع فرص عمل دائمة لأبناء المحافظة، تعود بالنفع الاقتصادي على المحافظة ككل".
من جانبه، يقول حسام عايش، الخبير الاقتصادي، أن القطاع يعاني من قلة عدد الموظفين، ويحتاج الخروج من الترويج التقليدي إلى الترويج الذكي، وتطوير المنظومة السياحية، وكذلك "من المفترض مراجعة رواتب وأجور العاملين في السياحة، لتصبح رواتب وأجورا مجزية"
ويؤشر إلى أن القطاع السياحي ليس فقط ما نحصل عليه من إيرادات، وإنما ما يضيفه إلى الاقتصاد، وعندما ينتعش القطاع يؤثر على القطاعات الأخرى، وبالتالي على العاملين فيها، والعكس صحيح، "يتأثر معدل البطالة والفقر في هذه العملية". 
ويشدد على أهمية التفكير بصناعة السياحة، وأن تكون "عملية سياحية حقيقية" تستفيد منها القطاعات الأخرى، لخدمة الناس وتوفير فرص عمل لهم، "ينهض قطاع السياحة عندما يكون العنوان الرئيسي له كيفية استفادة المجتمعات من النشاط السياحي، وإعداد خطط ومشاريع للوصول إلى الفائدة المرجوة من السياحة".