الرئيسية > "استدامة ++".. هل يوسّع مظلة الشمول بالضمان؟

"استدامة ++".. هل يوسّع مظلة الشمول بالضمان؟

الثلاثاء, 21 حزيران 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
المرصد العمالي الأردني – مراد كتكت
ما تزال العديد من مؤسسات المجتمع المدني تُطالب بتوسيع مظلة الشمول بالضمان الاجتماعي، وتأمين الحماية المستقبلية لجميع العمال في المملكة، خصوصا وأن نحو 48 بالمئة من مجمل القوى العاملة في الأردن غير مشمولة بأحكام قانون الضمان ومنخرطون بالقطاع غير المنظم، وفق آخر التقديرات.

ويبلغ حجم القوى العاملة في الأردن، المنظمة وغير المنظمة، وفق آخر الأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة عام 2016، 2.5 مليون عامل، منهم ما يقارب الـ1.3 مليون مشمولون بالضمان وفق تقرير المؤسسة السنوي لعام 2020.

ويبدو أن هذه المطالبات بدأت الحكومة تستجيب لها شيئا فشيئا، إذ أعلنت مؤسسة الضمان الاجتماعي أخيرا أنها ستطلق برنامج جديد اسمه "استدامة ++" أواخر حزيران الحالي، وهو مختلف كليا عن برنامج "استدامة" الذي جرى إطلاقه خلال جائحة كورونا من حيث الهدف والدعم المُقدم والفئات العمالية المستهدفة.

إذ يهدف برنامج "استدامة ++"، كما أوضح بيان صحفي أصدرته المؤسسة قبل يومين، إلى توسعة الشمول بالضمان والمساهمة بالانتقال إلى الاقتصاد الرسمي من خلال الوصول إلى شرائح جديدة من العمالة في القطاعات الاقتصادية المختلفة.

وأوضحت المؤسسة في بيانها أن البرنامج ممول من مملكتي هولندا والنرويج وبتنسيق وإشراف من قبل منظمة العمل الدولية وبالتعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي حيث سيتم تقديم منافع على شكل دعم الدخل لثلاث دفعات ودعم اشتراكات الضمان بشكل متناقص على مدى (18) شهراً.

وبينت المؤسسة أن المنشآت المستفيدة من البرنامج هي المنشآت العاملة في القطاع الزراعي (الحيازات الزراعية) إضافة إلى المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة التي يعمل بها عشرة عمال فأقل بغض النظر عن جنسيتهم، وكذلك الأفراد العاملون لحسابهم الخاص أكانوا أردنيين أو من غير الأردنيين في قطاع السياحة (مع التركيز على الأدلاء السياحيين) وقطاع النقل (مع التركيز على سائقي التاكسي الأصفر).

كما بينت المؤسسة أنه يشترط لاستفادة المنشآت من البرنامج أن يكون عدد العاملين لديها (10) عمّال فأقل عند شمولها بأحكام القانون بتاريخ 1/6/2021 أو بعد هذا التاريخ، وأن لا تكون قد استفادت سابقاً من برنامج استدامة وما يتفرع عنه من برامج، أو برنامج رعاية أو برنامج حافز أو البرنامج الوطني للتشغيل، بالإضافة إلى أن لا يكون اشتراك العامل فعّالاً لدى المنشأة التي يعمل بها قبل بداية البرنامج، أي أن البرنامج يشمل العاملين الجدد أو من له اشتراكات سابقة بالضمان وانقطع وعاد الى الشمول بعد تاريخ 1/6/2022، شريطة أن لا يتجاوز سقف رواتبهم المشمولة بالضمان (500) دينار، وبحيث يتاح للمنشآت تسجيل (10) عاملين كحدٍ أعلى للاستفادة من الدعم الذي يوفره البرنامج على أن تستثنى من ذلك الحيازات الزراعية من ذلك الشرط حيث يجوز لها تسجيل جميع العاملين لديها مهما بلغ عددهم .

أما فيما يتعلق بشروط شمول العاملين لحسابهم الخاص بالبرنامج، أوضحت المؤسسة بأنه يجب أن يكون مشتركاً جديداً في 1/6/2022 أو أي تاريخ يليه ويتاح لمن له اشتراكات سابقة ومنقطع عن الاشتراك بالضمان الاستفادة من هذا البرنامج، وان لا يتجاوز راتبه (500) دينار، كما يشترط أن لا تقل شريحة الاشتراك بتامين الشيخوخة عن 50 بالمئة وفقاً لنظام الشمول بتأمينات المؤسسة، أما مشتركو الحيازات الزراعية فيجب أن يكون شمولهم بكامل التأمينات المطبقة حتى يتاح لهم الاستفادة من هذا البرنامج.

وعن آلية الدعم الذي يقدمه البرنامج للمنشآت، فقد بينت المؤسسة أن البرنامج يوفر دعماً نقدياً مباشراً بقيمة (300) دينارا طيلة المشروع موزعة على ثلاثة أشهر بواقع (100) دينار لكل شهر، بحيث يخصص منها (50) ديناراً  كدعم لأصحاب العمل لرواتب العاملين لديهم و(50) ديناراً كدعم للعامل المستفيد من هذا البرنامج، ويصرف هذا الدعم للمستحقين بالشهر الأول والعاشر والخامس عشر من اشتراك المؤمن عليه بالبرنامج، أما الشكل الثاني من الدعم للمنشآت فيتمثل في دعم اشتراكات الضمان التي تؤديها المنشأة عن العاملين لديها بنسبة (50 بالمئة) من الاشتراكات المترتبة عليها لأول تسعة أشهر بسقف أعلى (30) ديناراً، فيما ينخفض دعم الاشتراكات الى (25 بالمئة) للأشهر من الشهر (10) ولغاية الشهر (18) من البرنامج بسقف أعلى (15) دينارا، ويقدم ذات الدعم (دخل واشتراكات) للعاملين لحسابهم الخاص على أن لا تقل شريحة الاشتراك عن (50 بالمئة).

تساؤلات عديدة بدأت تحوم حول مدى نجاعة هذا البرنامج في توسيع مظلة الشمول بالضمان الاجتماعي في الأردن، إذ يقول الخبير في التأمينات الاجتماعي والناطق السابق باسم مؤسسة الضمان موسى الصبيحي إن هذا البرنامج يُعتبر خطوة مهمة في سبيل تعزيز الحماية الاجتماعية لفئات ما تزال خارج مظلة المؤسسة.

كما أن البرنامج ممول بالكامل من حكومتي هولندا والنرويج، أي "لا مساس بأموال الضمان" لدعم وتمويل برنامجها، وفق الصبيحي الذي يؤكد أن أي برنامج يُموّل من أموال الضمان بطريقة خاطئة فهو مخالف للقانون، كما برنامج "استدامة" السابق.

إلا أن هناك بعض الملاحظات التي أوردها الصبيحي، خلال حديثه إلى "المرصد العمالي الأردني"، منها: تمديد البرنامج إلى قطاعات أوسع من الحيازات الزراعية والنقل، وأن تشمل العاملين لحسابهم الخاص في قطاعات أخرى مثل قطاع التجارة وبائعي البسطات والبائعين المتجولين، والعاملين في المهن والخدمات المختلفة وقطاع الإنشاءات.

ويشير الصبيحي إلى أن هذه القطاعات تتضمن شريحة واسعة جداً من العاملين، ويجب ضمهم إلى البرنامج، ونقلهم إلى القطاع المنظم.

ويرى أن الأنجع لمثل هذا البرنامج أن يُدمَج تماماً مع برنامج التشغيل الوطني الذي أطلقته الحكومة أخيرا، مبينا أنه من الممكن أن يحقق نتائج أفضل في هذه الحالة على نطاقين؛ الأول تحفيز تشغيل الأيدي العاملة الوطنية، والثاني تحفيز شمولها بمظلة الضمان.

كما يرى الصبيحي أنه كان من المفترض أن يوجّه البرنامج لتشجيع تشغيل العمالة الوطنية وأن يقتصر على العاملين الأردنيين الذين يتم تشغيلهم في القطاعات المعنية في برنامج التشغيل الوطني، وأن يتم إقناع الجهات المانحة ومنظمة العمل الدولية بذلك.

ويحذر من أن اشتراط المؤسسة بأن يكون سقف الأجر الشهري للعامل المستفيد من البرنامج هو (500) دينار قد يدفع إلى خفض الأجور ليتسنّى لأصحاب العمل الاستفادة من البرنامج، موضحا بالقول: " كان يمكن حل الموضوع باشتراط أن يكون الدعم بسقف (500) دينار من الأجر مهما بلغ أجر العامل، والمبلغ الذي يزيد على الخمسمائة دينار من الأجر لا يدخل في الدعم."

أما بخصوص المنشآت المستهدفة، فيعتقد الصبيحي أن الأفضل استهداف البرنامج للمنشآت متناهية الصغر فقط وهي التي تُشغّل من 1 إلى 5 عمّال، لأن نسبة كبيرة من التهرب عن الشمول بالضمان تتركز في هذه الشريحة من المنشآت، مستثنيا بذلك الحيازات الزراعية التي يرى أنه "يجب استهدافها بصرف النظر عن عدد العاملين فيها كونها غير مشمولة حتى الآن".