الرئيسية > ما مدى جدوى جهود مكافحة عمالة الأطفال بالأردن؟

ما مدى جدوى جهود مكافحة عمالة الأطفال بالأردن؟

الخميس, 16 حزيران 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
ما مدى جدوى جهود مكافحة عمالة الأطفال بالأردن؟
المرصد العمالي الأردني – مراد كتكت
في كل عام، وتزامنا مع اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال الذي يصادف الثاني عشر من حزيران، تتجدد الجهود الحكومية الأردنية من أجل مكافحة عمل الأطفال والحد من هذه الظاهرة التي باتت رقعتها تتوسع سنة بعد سنة.

إذ أطلقت وزارة العمل أخيرا حملة توعوية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، تستمر لمدة أسبوع في جميع المحافظات، لنشر الوعي بين أصحاب العمل والأطفال أنفسهم حول التشريعات الوطنية والمخاطر المهنية التي قد يتعرض لها الطفل في بيئة العمل.

وفي بيان صحفي أصدرته الوزارة، الثلاثاء، قالت رئيسة قسم عمل الأطفال في الوزارة المهندسة هيفاء درويش إن هذه الحملة تأتي ضمن الفعاليات الوطنية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال.

وأشارت درويش إلى أنه يتم خلال هذه الحملة توزيع ملصقات على واجهات أماكن العمل التي لا يتواجد فيها أطفال عاملون تتضمن عبارة "منشأة خالية من عمل الأطفال"، تحفيزا لأصحاب العمل الملتزمين، وكذلك لنشر الوعي المجتمعي، وأكدت أن بعد الحملة التوعوية سيكون هناك متابعة لأصحاب العمل غير الملتزمين.

كما أطلقت الوزارة قبل ثلاثة أيام حملة تحت شعار وطني بعنوان "لسه طفل" بالشراكة مع اللجنة التنسيقية للحد من عمل الأطفال في مركز هيا الثقافي، تتضمن عدة أنشطة وطنية تستمر لمدة أسبوع.

وتأتي هذه الحملة، وفق بيان الوزارة، لتسليط الضوء على الجهود الوطنية التي تُبذل لمكافحة عمل الأطفال، والتركيز على مشكلة الأطفال العاملين وكيفية مساعدتهم، ولتكون فرصة أيضا للدعوة لبذل مزيد من الجهود الوطنية للحد من عمل الأطفال من قبل أطراف العمل الثلاثة: "الحكومات وأصحاب العمل والعمال"، بالإضافة إلى مشاركة أطياف من المجتمع المحلي ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام.

إلا أن تساؤلات عديدة أُثيرت حول مدى جدوى هذه الحملات والجهود المتكررة للحد من عمالة الأطفال في الأردن، خصوصا وأن خبراء في هذا المجال يتوقعون زيادة أعداد الأطفال العاملين في الأردن بعد آخر إحصائية أجرتها منظمة العمل الدولية بالتعاون مع دائرة الإحصاءات العامة ووزارة العمل عام 2016.

إذ وفق الإحصائية، فإن أكثر من 75 ألف طفل في الأردن منخرطون في عمالة الأطفال، منهم 45 ألفا يعملون في مهن مصنفة على أنها خطرة.

الخبير في مجال العمل ومدير مركز بيت العمال للدراسات حمادة أبو نجمة يقول إن جهود وزارة العمل في مكافحة عمل الأطفال لا تكفي لوحدها، خصوصا وأن دورها يقصر على مراقبة أصحاب العمل ومخالفتهم حال قاموا بتشغيل أطفال بمنشآتهم فقط.

ويوضح أبو نجمة، في تصريح إلى "المرصد العمالي الأردني"، أن معدلات الفقر، التي ما تزال عند مستويات عالية، هي السبب الرئيس لدفع الأطفال إلى سوق العمل، إذ أعلن وزير التخطيط أخيرا أن نسبة الفقر في الأردن للربع الأول من العام الجاري وصلت 24.1 بالمئة.

ويرى أبو نجمة أن هذه المستويات تستلزم تفعيل أدوار جميع الجهات ذات العلاقة وتكاتفها، مثل وزارة التربية والتعليم التي من واجبها منع تسرب الأطفال من المدارس، ووزارة التنمية الاجتماعية ودورها البحث عن الأسر الفقيرة ودعمها نقديا أو بإنشاء مشاريع صغيرة لها، ووزارة العمل ودورها بمراقبة أصحاب العمل ومخالفتهم.

كما يرى أن هناك ضرورة لإيجاد برامج للتواصل المباشر مع أهالي الأطفال وليس أصحاب العمل فقط، للبحث عن أسباب تسرب الأطفال من المدارس وانخراطهم في سوق العمل عند كل أسرة ومعالجتها.

وفيما يتعلق بأعداد الأطفال العاملين في الأردن، يتوقع أبو نجمة أن العدد حاليا زاد منذ آخر إحصائية في عام 2016، خصوصا مع تأثيرات جائحة كورونا وتوقف الدراسة الوجاهية لفترة بمختلف النواحي.

وقدّر أبو نجمة أعداد الأطفال العاملين حاليا بأكثر من 100 ألف طفل، وتوقع أن يتزايد العدد خلال الفترة المقبلة، لأن هناك مؤشرات تدل على ذلك؛ مثل ارتفاع الأسعار على مختلف السلع الغذائية والمشتقات النفطية التي ستزيد من معدلات الفقر والبطالة وبالتالي ستدفع المزيد من الأطفال إلى سوق العمل.

أما الصحفية المتخصصة بحقوق الطفل نادين النمري، فتقول إن الحملات التي تقوم بها الجهات الحكومية لمكافحة عمل الأطفال مهمة وبخاصة ما يتعلق برفع الوعي على مستوى الرأي العام أو على أصحاب العمل أو على الأُسر.

إلا أن هذه الحملات والإجراءات غير كافية لحل مشكلة عمالة الأطفال، بتقدير النمري، التي ترى أنه يجب أن يتبعها البحث عن الأسباب الرئيسية التي تدفع الأطفال إلى سوق العمل ومعالجتها.

وتدعو النمري إلى ضرورة تكثيف جولات التفتيش والرقابة على المنشآت التي تُشغل أطفال، وإطلاق برامج علاجية ووقائية لمنع تسرب الأطفال إلى سوق العمل.

وتبين أن وجود برامج علاجية ووقائية من الممكن أن تحد من مشكلة الفقر، التي اعتبرتها السبب الرئيسي لتوسع رقعة عمل الأطفال في الأردن.

كما أكدت أهمية وجود بيئة آمنة في المدارس تساهم في الحد من مشكلة عمالة الأطفال، إذ ترى أن هناك العديد من الأطفال يتعرضون إلى التنمر في المدارس، وبخاصة الذين لديهم صعوبة في التعلم، ما يضطر أسرهم إلى إخراجهم من المدارس وإلحاقهم إلى سوق العمل.

وترى النمري أن القوانين والتشريعات الأردنية ذات العلاقة بمكافحة عمل الأطفال جيدة ولا تحتاج إلى تعديلات بقدر ما تحتاج إلى تطبيق فعلي وملموس، وإنشاء قاعدة بيانات خاصة بعمالة الأطفال تٌبين أعدادهم وأماكن عملهم والمهن التي يعملون بها وبشكل دوري، مشيرة إلى أن الحكومة بصدد إطلاق استراتيجية وطنية مُحدثة للحد من عمل الأطفال ووضع خطة تنفيذية لها.

وكان المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أصدر بيانا بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، الأحد الماضي، توقع فيه زيادة عمل الأطفال في الأردن جراء استمرار العوامل التي تتسبب بخروج الأطفال من المدارس والالتحاق في سوق العمل.

وأكد المرصد، في بيانه، أنه وبالرغم من أن المنظومة التشريعية الأردنية تحظر عمل الأطفال وتتواءم مع المعايير الدولية ذات العلاقة، وبالرغم من إصدار الحكومة قبل شهور للمسودة الأولى من قانون حقوق الطفل، وبالرغم من عملها على تطوير استراتيجية لمكافحة عمل الأطفال، إلا أن مختلف المؤشرات الحالية تدفع باتجاه توقع ازدياد عمل الأطفال خلال السنوات المقبلة.

وأشار المرصد إلى أن المحركات الأساسية لزيادة عمل الأطفال والمتمثلة في ارتفاع مستويات الفقر تسير باتجاهات تصاعدية، حيث الارتفاعات المتتالية في الأسعار، وثبات مستويات الأجور، ومعدلات البطالة المرتفعة، ما سيدفع بالمزيد من الأطفال للالتحاق بسوق العمل غير المنظم لمساعدة أسرهم في الحصول على دخول إضافية لتغطية النفقات الأساسية لأسرهم.

وشدد المرصد على ضرورة إجراء تحسينات نوعية في بيئة التعليم الأساسي الحكومي لتشجيع الأطفال للبقاء في مدارسهم، والتقليل من التسرب المدرسي، الذي يشكل المحرك الأساسي لعمل الأطفال.

وطالب بتطوير قاعدة بيانات تعكس واقع عمل الأطفال، بحيث يسهل بناء استراتيجيات وسياسات لمكافحة عمل الأطفال. 

كما طالب بإصلاح منظومة الحماية الاجتماعية بحيث تمنع دخول المزيد من الأسر في دائرة الفقر، وتحسين منظومة التعليم.