الرئيسية > عمّال بشركات التنظيف.. عمل جبري يفتقر للأمان الوظيفي

عمّال بشركات التنظيف.. عمل جبري يفتقر للأمان الوظيفي

الخميس, 09 حزيران 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
عمّال بشركات التنظيف.. عمل جبري يفتقر للأمان الوظيفي
المرصد العمّالي الأردني - رزان المومني 
يتعرض غالبية العمّال في شركات خدمة التنظيف، الذين يُقدر عددهم بعشرين ألف عامل وعاملة، إلى انتهاكات عمّالية عديدة، تتمثل في أجور متدنية، وساعات عمل إضافية وإجبارية، وغياب للحمايات الاجتماعية والأمان الوظيفي، وإنهاء خدماتهم دون إشعارهم.

يؤكد عمّال في قطاع خدمات التنظيف لـ"المرصد العمّالي"، تعرضهم لانتهاكات عمّالية كثيرة، منها: العمل لساعات تصل إلى 16 ساعة يومياً، وابلاغهم بترك العمل خلال أيام قليلة، واقتطاع اشتراك الضمان الاجتماعي من رواتبهم، دون حصولهم على اشتراك.

ويقترح نقابيون زيادة الرقابة والتفتيش على شركات خدمات التنظيف، وإلزامها بعقد العمل الجماعي وإشراك العمّال في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، إلى جانب إيداع الرواتب في البنك المركزي في صندوق خاص.

تعمل سوزان المحتسب في أحد المستشفيات في خدمة التنظيف، يبدأ عملها في السابعة صباحاً وحتى الثالثة مساءاً،  وتقول إنه "في كثير من الأحيان تجبرنا إدارة المستشفى على العمل لساعات طويلة، حتى الساعة السابعة من اليوم التالي ودون احتساب أجر العمل الإضافي". 

وتؤشر إلى أن لديها أربعة أطفال ولا تستطيع العمل لساعات إضافية، "الإدارة تهددنا بإنهاء الخدمات إذا لم نعمل لساعات إضافية".

وتقول المحتسب إن "مدير المستشفى يعاملني وزملائي بشكل سيء، الأمر الذي أثر على نفسيتنا، التعامل السيء أثر سلباً على حياتي وأصبحت عصبية رغم أنني لست كذلك". 
وتلفت إلى أنها واجهت صعوبة في وضع أبنائها في الحضانة، "المستشفى لا يوفر حضانة لأبنائنا رغم أن كثيرا من النساء العاملات لديهن أطفال". 
وتوضّح أن الإدارة "مزاجية في التعامل"، ولا تراعي ظروفهم الصحية، "أعاني من أزمة صحية ولا أستطيع العمل في الأماكن المغلقة، غير أنهم يتعمدون وضعي في قسم العناية الحثيثة". 

 أما "أحمد"، فكان يعمل في مستشفى حكومي في الجنوب، ويقول لـ"المرصد العمّالي" إن حقوقه العمّالية منتقصة، إذ لا يجاوز راتبه الشهري 240 دينار ويعمل لساعات إضافية بشكل إجباري. 

"أحيانا كثيرة العمل الإضافي يكون إجباريا ولمدة 16 ساعة يومياً والأجر لا يذكر، ويقتطعون من راتبي الشهري 20 ديناراً للضمان الاجتماعي غير أنه لم يحتسب لي سوى خمسة اشتراكات". 
ويبين أنه يعيل أربعة أشخاص من أسرته المكونة من ثمانية أشخاص، وراتب لا يكفي لتغطية احتياجاته وأسرته، "يجب أن يكون الأجر أكثر من ذلك، وأن يكون العمل لائقا ومضمونا، لكن ما يحصل أنه متى أراد المدير إنهاء خدماتنا، ينهيها".

بينما عملت سيدة (طلبت عدم نشر اسمها)، نائبة مدير في إحدى شركات خدمات التنظيف، وكانت تشرف على 77 عامل وعاملة في أحد المستشفيات الميدانية، وذلك قبل أن ينهوا خدماتها منذ ثلاثة أشهر. 

تؤكد هذه السيدة لـ"المرصد العمّالي" أنه "لا يوجد أمان وظيفي، ليس من المعقول إنهاء خدماتنا خلال يومين، بينما الأصل أن نبلغ قبل شهر على الأقل كي نستطيع البحث عن عمل آخر، غير أنهم أجبرونا على توقيع عقد لشهر واحد، وكان مقررا وفق عقد العمل القديم، إنهاء خدماتنا خلال أيلول القادم".

وتوضّح أن العمّال يعانون ضغوطات من قبل إدارة المستشفى، ولا يملكون تأمينا صحيا، غير أن لديهم اشتراك في الضمان الاجتماعي، "بعضهم يرفضون الاشتراك بالضمان، كي لا ينقطع الراتب الذي يحصلون عليه من التنمية الاجتماعية". 

وتسترسل بالقول إن العمّال قرروا تخفيض أجور التنقل للعمل من خلال التنقل في مركبة واحدة، "يتفقون مع صاحب باص ينقلهم من وإلى مكان العمل بأجر أقل من تنقلهم في التاكسي". 


من جانبه، يقول نقيب النقابة العامة للعاملين في الخدمات الصحية المساندة محمد غانم لـ"المرصد العمّالي" إن العمّال في قطاع خدمات التنظيف الذين يقارب عددهم عشرين ألف عامل وعاملة، يواجهون تحديات كثيرة، ويؤكد أن "الأجور لا تغطي أدنى متطلبات الحياة اللائقة، إضافة إلى غياب شروط العمل اللائق".

ويشير إلى أن غالبية العمّال ليس لديهم تأمين صحي، ونسبة المشتركين في الضمان الاجتماعي منهم تقارب 70 بالمئة، غير أن أغلب العمال يعملون دون عقود عمل.

وينبّه غانم إلى ضعف الجانب المعرفي لدى العاملين بحقوقهم التي كفلتها التشريعات، ويقول: "العمّال يدخلون سوق العمل دون معرفة بحقوقهم العمّالية التي ضمنها لهم قانون العمل، من المفترض أن تقوم الجهات المعنية، ومنها وزارتا العمل والتربية والتعليم ومعاهد التدريب المهني ومنظمات المجتمع المدني، بواجبه في توعية العمّال بحقوقهم".

ويشير إلى أن النقابة خلال السنوات العشر الماضية، عقدت الكثير من ورشات العمل لتوعية العمّال بحقوقهم، إلا أن النتائج كانت مخيبة للآمال، "أصحاب الشركات مارسوا ضغوطات كبيرة على العمّال، منها: إنهاء خدمات أي عامل منتسب للنقابة، وتغيير مسماه الوظيفيإلى مرتبة أدنى، ونقله إلى عمل آخر بعيد كل البعد عن مكان سكنه".

ويؤكد غانم أن معظم مشاكل العاملين والانتهاكات الموجهة إليهم هي من شركات خدمة التنظيف ويتهمها وإداراتها بالتقصير، إضافة إلى أن "هناك ضعف في الرقابة الداخلية من قبل المستشفيات على شركات خدمة التنظيف".

ويشدد على ضرورة وقف التعامل مع الشركات التي تكرر المخالفات، ووضعها على القوائم السوداء وأصحابها، "العديد من أصحاب شركات إدارة الخدمات لديهم شركات بأسماء تجارية مختلفة".

ويقترح "إيداع رواتب العاملين لدى البنك المركزي في صندوق خاص، وإلزام الشركات بعقد العمل الجماعي والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي لجميع العمال، وأن يكون المراقبون والمفتشون الداخليون من غير كوادر وزارة الصحة، على أن يتم نقلهم كل شهرين على الأقل من موقع إلى آخر".

ويذهب غانم إلى أن النقابة لم تستطع إيجاد حل للانتهاكات الواقعة على العمال، "السبب الرئيس عدم تعاون أصحاب شركات التشغيل، والعمال أنفسهم، وعدم لقاء النقابة جميع الأطراف المعنية معا وفي وقت واحد من وزارات الصحة والعمل والمالية والعدل، ولجنتي العمل في مجلسي النواب والأعيان، ووسائل الإعلام المحلية".

إلى ذلك، يوصي تقرير صادر عن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، بعدة توصيات من شأنها أن تخفف من حدة الانتهاكات التي يتعرض لها عمّال خدمات التنظيف، منها: تشديد الرقابة على مدى التزام شركات خدمات التنظيف وتفعيلها، واحترامها لمعايير العمل المختلفة بما فيها الحد الأدنى للأجور.

التقرير الصادر في تشرين الثاني 2019 بعنوان "العاملون والعاملات في شركات التنظيف"، يشدد على احترام التزام الشركات بنصوص اتفاقيات العطاءات مع وزارة الصحة التي تتضمن احترام معايير العمل، وإخضاع العمّال لدورات توعية بحقوقهم العمالية، تنفذها نقابة العاملين بالخدمات الصحية.