الرئيسية > عاملات بمصانع: بيئة العمل غير لائقة والأجور دون الحد الأدنى

عاملات بمصانع: بيئة العمل غير لائقة والأجور دون الحد الأدنى

الاربعاء, 01 حزيران 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
عاملات بمصانع: بيئة العمل غير لائقة والأجور دون الحد الأدنى
المرصد العمّالي الأردني _ رزان المومني 
توفر المصانع باختلاف اختصاصاتها فرص عمل لكثير من النساء، غير أن بيئة العمل في المصانع غير لائقة ومشجعة، وأجور الكثير منهن دون الحد الأدنى، إلى جانب عدم تقدير الجهد المبذول والضغوط النفسية كبيرة.

كما أن كثيرا منهن تحتسب العطل الرسمية لهن من الإجازات السنوية أو تقتطع من الراتب.

كل هذه الظروف الصعبة تواجهها النساء العاملات في المصانع.

تؤكد عاملات في مصانع بمحافظات مختلفة في الأردن، لـ"المرصد العمّالي"، أن بيئة العمل طاردة، وأنهن يتعرضن لانتهاكات عمّالية كثيرة، منها: أجور لا تتساوى وحجم العمل المبذول، وبيئة عمل غير آمنة ومشجعة، وغياب العدالة في التعامل والحقوق بين العاملات، إلى جانب تعرضهن إلى ضغوط نفسية من قبل المديرين أو أصحاب العمل.

الشابة منال سعد ذات الخمسة وثلاثين عاماً، حاصلة على شهادة البكالوريوس تخصص المحاسبة، تعمل في أحد مصانع الألبسة بمحافظة جرش، تستهل حديثها إلى "المرصد العمّالي" بالقول: "عملي في المصنع يشعرني أنني آلة ولست إنسانة". 

وهي لم تكمل في عملها بالمصنع السنة، إلا أنها رأت الكثير خلالها؛ "المديرون لا يقدرون الجهد المبذول في العمل مهما كان جيداً، وينتظرون أن أرتكب خطأ صغيرا كي يحاسبوني عليه".

وهي لا تعلم ما إذا كانت مؤمنة صحياً، إلا أن لديها اشتراك ضمان اجتماعي وراتبها الشهري لا يجاوز 203 دنانير شهرياً، "يقتطع من الراتب 17 دينار ونصف الدينار ضمان اجتماعي". 

ولاحظت منال أن عددا من زميلاتها تعرضن لإصابات أثناء العمل، "إحدى الزميلات اخترقت إبرة الخياطة إصبعها، وذهبت إلى مشرفة السلامة والصحة والمهنية، فأخبرتها أنها إصابة بسيطة، غير أنها ذهبت إلى المستشفى ليخبرها الطبيب أن الإبرة ما زالت موجودة في إصبعها".

وتطالب منال بتوفير ظروف عمل أفضل، "ظروف عملي تتحسن عندما يقدر جهدي المبذول ويتحسن التعامل مع العاملات، وتأمين العاملات بالمواصلات لأنه يؤثر على جودة العمل..".

وتتساءل: "كيف ننتج ونحن نعاني ظروفا نفسية سيئة وغير منصفة؟".

وتزعم أن "معظم المصانع تتبع نفس الطريقة في التعامل مع العمّال والعاملات، ووضعي لا يختلف عن وضع جميع النساء العاملات، بعض مديري المصانع يعاملوننا على أننا محتاجون لهذا العمل ولولاه لما أكلنا وشربنا، ويتناسون أنه لولا العمّال لا يوجد إنتاج".

ولا تختلف بيئة العمل في المصانع الأخرى، إذ أن ليان (اسم مستعار) ذات الثمانية وعشرين عاماً، التي تعمل في أحد مصانع الأغذية بمحافظة المفرق منذ ما يقارب أربعة أعوام، تقول في حديثها إلى "المرصد العمّالي"، إن "بيئة العمل سيئة جدا".

وتواجه ليان تحديات كثيرة خلال عملها؛ "الإدارة غير عادلة ومزاجية في التعامل مع العاملات، يفضلون الفتيات الحاصلات على شهادة جامعية، على رغم  أن العمل لا يتطلب شهادات، الأمر الذي يؤثر على الراتب والحوافز، وحتى على الإجازات السنوية". 

وتشير إلى أن العطلات الرسمية تحتسب من الإجازات السنوية، وأحياناً تقتطع من الراتب الشهري، "عندما اضطر  إلى التعطيل عن العمل يخصم من الراتب، حتى وإن اعطيتهم تقريرا طبيا بوضعي الصحي، ناهيك عن أن 240 ديناراً شهرياً لا تكفيني وأسرتي المكونة من ستة أفراد، فأنا المعيلة الرئيسية للأسرة". 

وتلفت إلى أن عملها يتطلب الحذر الشديد؛ كي لا تصاب بأي جروح، "أقوم بتعبئة المنتج بعبوات أطرافها حادة وتجرح أصابعي، تعرضت كثيراً لجروح، الممرضة في المصنع لا تبالي بما نتعرض له واضطر لتلقي العلاج خارج المصنع على حسابي الخاص". 

وتذهب إلى أنها عندما تطالب بحقوقها العمالية من المديرين، يجيبونها بأن "هذا الموجود والأجانب أصحاب المصنع لا يحبون الكلام والأسئلة الكثيرة!". 

وتأمل ليان "العدالة في المعاملة بين العاملات، وتقدير الجهد الذي نبذله في العمل، المديرون يلوون أيدينا ويستغلون عدم توافر فرص عمل، غير أنني بحثت عن بديل آخر ولم أجد". 

من جانبها، تقول ليندا الكلش، المديرة التنفيذية لجمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، لـ"المرصد العمّالي"، إن الالتزام بضمان حرية اختيار العمل أو قبوله، جزء مهم وأساسي من الحق في العمل الذي يجب أن يكون لائقا لجميع العاملين الذكور والإناث، غير أن العمل في المصانع بالنسبة للنساء صعب والبيئة غير لائقة".

وتؤكد أن "طول ساعات العمل، وعدم توافر مواصلات لائقة للعديد من العاملات في المصانع، وغياب أدوات الصحة والسلامة المهنية، والحرمان من العطلات والإجازات السنوية والمرضية والتهديد بالفصل، إلى جانب سوء المعاملة، وعدم توافر حضانات لائقة للأمهات العاملات، كلها ظروف تجعل بيئة العمل بشكل عام غير لائقة للعاملين وبخاصة للنساء". 

وتبين أن نسبة النساء العاملات في قطاع صناعة الألبسة تحديداً، تشكل 73 بالمئة من العاملين، وعلى الرغم من ذلك فإن فرص الوصول إلى حقوقهن العمّالية والإدارية ضعيفة، ما يسهم في تخفيض معدلات مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية، ولا يشجعها على الالتحاق بالعمل أو الاستمرار فيه، وهو ما يؤدي إلى تعزيز ثقافة "عمل المرأة غير ضروري".

بدوره، يقول حمادة أبو نجمة، الخبير في قضايا العمل والعمال، لـ"المرصد العمّالي"، إن النساء العاملات في المصانع يتعرضن لضغوطات كثيرة وظروف عملهن صعبة، ويصفها "بظروف عمل ذكورية ولا توفر خدمات مناسبة للمرأة".

ويشرح بالقول: "أحياناً تصل متأخرة أو تستغرق أكثر من ثلاث ساعات للوصول، وكثير من الصناعات تكون أعمالا شاقة، وبعض الأعمال تواجه فيها المرأة عدم توافر أدوات السلامة والصحة المهنية، والآلات لا تتوافر فيها الحمايات اللازمة، ما يدعو إلى تأمين رقابة كبيرة". 

ويقترح  أبو نجمة حلولا لتحسين أوضاع النساء العاملات، أهمها: تحسين بيئة العمل وملاءمتها للمرأة وتوفير الخدمات اللازمة لها مثل المواصلات العامة، والأهم؛ معالجة مشكلة الأجور المتدنية، وتوفير شروط وأدوات السلامة والصحة المهنية، وشمول جميع عمّال المصانع بالضمان الاجتماعي.

إلى ذلك، توصي ورقة تقدير موقف صادرة عن مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، بعدة توصيات لتحسين بيئة العمل للمرأة، منها: مراجعة مختلف الاستراتيجيات والبرامج الرامية إلى تعزيز دور المرأة في الحياة الاقتصادية وسوق العمل، وتحسين شروط العمل في الأردن بعامة وللنساء بخاصة، لتصبح أكثر جذبا لهن، على مستوى السياسات والممارسات.

وتشدد الورقة، الصادرة في آذار 2022، بعنوان "في يومهن العالمي.. بيئة عمل النساء غير ممكنة وتحتاج إلى إعادة بناء"، على تفعيل الدور الرقابي للتفتيش في العمل، وتبني سياسات أكثر فاعلية في آليات التفتيش، مبنية على عدالة النوع الاجتماعي، والمصادقة على جميع اتفاقيات منظمة العمل الدولي وبخاصة المكونة للحقوق والمبادئ الأساسية في العمل والعمل اللائق.