الرئيسية > معلمات "محو الأُميّة".. حقوق منتقصة ومطالبات بتحصيلها

معلمات "محو الأُميّة".. حقوق منتقصة ومطالبات بتحصيلها

الاثنين, 23 أيار 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
معلمات
المرصد العمالي الأردني - مراد كتكت 
تعاني عشرات المعلمات العاملات في مراكز محو الأُمية التابعة لوزارة التربية والتعليم من ممارسات وانتهاكاتٍ عديدة؛ إذ يتقاضين أجورا تقل عن الحد الأدنى المعمول به والبالغ (260 دينارا) دون احتساب العطلات الأسبوعية والرسمية، ناهيك عن التأخير الدائم في صرف أجورهن.

كما أنهن محرومات من الحمايات الاجتماعية مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، ويعملن بدون عقود عمل محددة، ولا يحصلن على امتيازات مقابل عملهن أسوة بالمعلمين الأساسيين (المعيّنين من قبل الوزارة).

"طبيعة عملنا أشبه بالعبودية.. فأجورنا متدنية جدا، ولا يوجد ضمان اجتماعي حال تقاعدنا من العمل، ولا توجد جهة معينة تحمي حقوقنا"، هكذا عبرت سوزان (اسم مستعار بناء على طلبها) عن معاناتها في مكان عملها كل فصل دراسي، إذ أنها تعمل تحت بند "محو الأُمية" في وزارة التربية والتعليم منذ 15 عاما دون عقد عمل محدد ودون حصولها على أبسط حقوقها.

وتقول سوزان (48 عاما) لـ"المرصد العمالي الأردني" إن أجرها الشهري لا يكاد يُجاوز الـ100 دينار كحد أعلى، موضحة بالقول: "أقوم بتدريس ثلاث حصص يوميا للأُميين وأتقاضى على الحصة الواحدة دينارا و60 قرشا فقط".

وتبين أن أجرها لا يكفيها لقضاء احتياجاتها الأساسية لها ولأسرتها، خصوصا أنه لا يتم احتساب أجرها في العطل الأسبوعية والرسمية، كما لا يتم إعطاؤهن بدل التنقلات من وإلى المراكز الخاصة بمحو الأمية التي يعملن بها.

كذلك، هناك تأخر دائم لا يقل عن شهرين متتاليين في صرف أجورهن، ما اعتبرته انتهاكا كبيرا بحقهن، بالإضافة إلى صعوبة حصولهن على إجازات مرضية أو عرضية.

ولا تنحصر الانتهاكات عند هذا الحد فحسب، وإنما عدم شمولهن بالضمان الاجتماعي يعتبر أكبر تحدٍ يواجهنه، وفق سوزان، التي أشارت إلى أن العديد منهن وبخاصة المعيلات لأسر أصبحن على مقربة من التقاعد، ولا يوجد لديهن راتب تقاعدي يعتمدن عليه بسبب عدم شمولهن بمظلة الضمان.

لا تختلف تجربة سوزان عن تجربة أمل (اسم مستعار)، التي مضى على عملها تحت بند "محو الأمية" 16 عاما تعرضت خلالها للانتهاكات ذاتها.

وتوضح أمل (52 عاما) خلال حديثها إلى "المرصد العمالي" بالقول: "المعضلة الأساسية التي نواجهها هي أننا نعمل بدون عقد عمل محدد مع الوزارة، ما يجعلنا لا نعلم إلى أي قانون نخضع، فحقوقنا منتقصة ولا أحد يدافع عنها أو حتى يعلم عنها شيئاً".

وتشير إلى أن هناك تمييزا بينهن وبين المعلمين الأساسيين من حيث الحقوق، بالرغم من أنهن يقمن بنفس المهام مثل المهام الاشرافية والتحضيرية، إذ يقمن بتحضير الدروس والامتحانات للأميين ويشرفن عليهم، ويقمن بوضع العلامات على شهاداتهم ويسلمنها للوزارة كل فصل دراسي.
إلا أن كل هذه الجهود المبذولة يُنكر وجودها من قبل الوزارة التي يفترض أن تُتابع مشاكلهن كونها الجهة المسؤولة عن تعيينهن، وفق أمل.

وتستغرب أمل من عدم شمولهن بمظلة الضمان بالرغم من أنه تقرر شمول جميع المعلمات اللواتي يعملن تحت بند "محو الأمية" بمظلة الضمان في عام 2015 بناءً على لجنة مشكلة بين مؤسسة الضمان ووزارة التربية والتعليم، إلا أن القرار لم يجر تفعيله لأسباب يجهلنها.

وتوضح أنهن تابعن القضية مع مؤسسة الضمان والوزارة مرات عديدة لمعرفة سبب عدم شمولهن بالضمان، لكن دون جدوى.

الخبير في التأمينات الاجتماعية والناطق السابق باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي موسى الصبيحي يقول إنه قام في عام 2015 بتبني قضية عدم شمول معلمات محو الأُمية بالضمان، وتابعها مع وزارة التربية والتعليم من خلال لجنة مشتركة بين الطرفين لانطباق شروط الشمول عليهن.

إلا أنه لم يجر شمولهن، وفق الصبيحي، الذي علل ذلك بتقصير من مؤسسة الضمان والوزارة وعدم متابعتهما للقضية.

ويوضح الصبيحي، في تصريح إلى "المرصد العمالي الأردني"، أن أي شخص يلتحق بالعمل لدى أي منشأة في القطاع العام أو الخاص يعتبر مؤمّناً عليه حُكماً ومشمولاً بأحكام قانون الضمان الاجتماعي بصفة إلزامية، إذا كان يؤدي عملاً لدى المنشأة ويعمل تحت إدارتها وإشرافها ويتقاضى أجراً مقابل ذلك العمل.

ويبين أن صاحب العمل مُلزم بشمول العامل لديه بمظلة الضمان بصرف النظر عن طبيعة الاتفاق أو التعاقد على العمل أكان بأسلوب التعيين أو بموجب عقد، أو تكليف، أو أي شكل آخر، ومهما كانت طبيعة الأجر أو طريقة احتسابه أو قبضه بالمياومة أو بالمكافأة أو الراتب الشهري أو الأسبوعي أو السنوي.

ويشير إلى أن نظام الشمول بتأمينات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي نص على أنه "لا تحول إرادة صاحب العمل أو العامل أو الاتفاق المعقود بينهما صراحةً أو ضمناً دون شمول المؤمّن عليه بأحكام القانون".

كما أشار إلى أن قانون الضمان يشترط للشمول أن تكون العلاقة بين العامل وصاحب العمل منتظمة، أي إذا عمل العامل الذي يتم تعيينه بأسلوب المياومة لمدة ستّة عشر يوماً فأكثر في الشهر الواحد، وللعامل بالساعة، أو القطعة، أو بالنقلة، إذا عمل (16) يوماً فأكثر في الشهر الواحد، بصرف النظر عن عدد ساعات العمل أو عدد القطع أو النقلات في اليوم الواحد.

أما بالنسبة للعامل الذي يتقاضى أجراً شهرياً، فأكد الصبيحي أنه يعتبر مشمولاً بأحكام قانون الضمان بصرف النظر عن عدد أيام عمله في الشهر الواحد باستثناء الشهر الأول لالتحاقه بالعمل، فيجب أن يكون قد عمل لمدة (16) يوماً على الأقل، أما الأشهر التي تلي ذلك فلا يشترط عدد أيام محدّدة، وبالتالي يتم شموله من الشهر التالي لالتحاقه بالعمل.

وطالب الصبيحي بشمول جميع المعلمات اللاتي يعملن تحت بند "محو الأمية" بمظلة الضمان الاجتماعي وبالحد الأدنى للأجور وبأثر رجعي عن كل الفترة التي عملن بها، مشيرا إلى أن هذا حق قانوني وعمّالي وإنساني يجب عدم تجاهله.
بدوره، يقول الناطق باسم وزارة التربية والتعليم أحمد المساعفة إنه يتم تكليف معلمي محو الأمية من أفراد المجتمع المحلي عن طريق مديريات التربية والتعليم وفق إجراءات وشروط معينة في بداية كل عام دراسي.

وفي معرض رده على "المرصد العمالي"، أوضح المساعفة أن شروط تكليف هؤلاء المعلمين تتعلق بالمؤهل العلمي، مثلا أن يكون المعلم أو المعلمة حاصلة على درجة البكالوريوس أو الدبلوم كحد أدنى.

وبيّن أن عدد مراكز محو الأُمية في المملكة 155 مركزا، يعمل فيهم 155 معلما ومعلمة، أكثر من 90 بالمئة منهم نساء.