الرئيسية > الحبس والغرامة للمهددين بالانتحار.. تكبيل للأدوات الاحتجاجية

الحبس والغرامة للمهددين بالانتحار.. تكبيل للأدوات الاحتجاجية

الاحد, 08 أيار 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
الحبس والغرامة للمهددين بالانتحار.. تكبيل للأدوات الاحتجاجية
المرصد العمالي الأردني – مراد كتكت
أثار قرار مجلس النواب أخيرا بالعقوبة على كل من يحاول الانتحار في مكان عام، استهجان المتعطلين عن العمل في العديد من محافظات المملكة، لما اعتبروه "تكبيلا لأدواتهم الاحتجاجية".

إذ برزت خلال العام الماضي العديد من التهديدات بالانتحار ومحاولات الانتحار الجماعي التي رصدها "المرصد العمالي الأردني"، ثلاثة منها كانت لمتعطلين عن العمل في محافظتي معان ومأدبا وقرية ذيبان، احتجاجا على تجاهل مطالبهم المتمثلة في توفير فرص عمل لائق لهم، وواحدة لعامل في الشركة الأردنية لخدمة الصيانة الهندسية وصيانة الطائرات "جورامكو".

وكانت أبرز أسباب تهديدات المتعطلين عن العمل بالانتحار بعد تواصل "المرصد العمالي" معهم، استمرار تجاهل مطالبهم المتمثلة بتوفير فرص عمل لائق لهم، في حين كانت أسباب تهديد العامل في "جورامكو" سياسات العمل المتخذة في الشركة المتمثلة بعدم ترقيته في العمل، وتسلّم نصف راتبه لمدة 7 أشهر نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي فرضتها كورونا على حركة شركات صيانة الطائرات التي صنفتها الحكومة الأردنية من ضمن القطاعات الأكثر تضررا.

واعتبر المتعطلون عن العمل أن هذا القرار سيضيّق عليهم مساحة احتجاجاتهم التي يطالبون فيها بحقوقهم المتمثلة بتوفير فرص عمل لائق لهم.

وكان النواب صوتوا في نيسان الماضي لصالح: "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مئة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من شرع في الانتحار في مكان عام بأن أتى أيا من الأفعال التي تؤدي إلى الوفاة عادة وتشدد العقوبة إلى ضعفها اذا تم ذلك باتفاق جماعي".

يقول جهاد عواد، أحد المتعطلين عن العمل في محافظة الطفيلة، إن هذا القرار يعتبر تكميماً للأفواه، وسيزيد من صعوبة المتعطلين عن العمل في المطالبة بحقوقهم.

ويوضح عواد لـ"المرصد العمالي الأردني" أن المتعطلين عن العمل يلجأون عادة إلى التهديد بالانتحار عند استمرار تجاهل مطالبهم.

ويبين أنه لا يكون لديهم أي نية للانتحار الفعلي عندما يقومون بالتهديد، وإنما يريدون لفت الأنظار إليهم فقط، خصوصا وأنهم يتعرضون للتجاهل المستمر من قبل الجهات ذات العلاقة.

ويشير عواد إلى أن اسلوب التهديد بالانتحار يلفت الأنظار بشكل أكبر من غيره من الأساليب الاحتجاجية مثل الاعتصامات والمسيرات.

ناشر موقع الراصد النقابي لعمال الأردن حاتم قطيش يقول إن التهديد بالانتحار هو أسلوب احتجاجي غير مرغوب فيه في عالم الحراكات العمالية، كونه يعبّر عن حالة من اليأس وعدم الرغبة في الحياة بسبب ضياع الحقوق وعدم تحقيقها.

ويوضح قطيش في تصريح إلى "المرصد العمالي الأردني" أن الحراكات العمالية تعبّر في الأصل عن النضال النقابي، وهي بمثابة التشبث بالحقوق بإرادة قوية وليس اليأس من عدم تحقيقها.

إلا أن إغلاق أبواب الحوار أمام المتعطلين عن العمل واستمرار تجاهل مطالبهم، وفق قطيش، يدفعهم في أحيان كثيرة إلى اللجوء إلى التهديد بالانتحار لغايات لفت الأنظار إليهم فقط وبخاصة الإعلام.

ويرى قطيش أن هذا القرار يعد تكبيلا لأيدي العمال من استخدام الأدوات الاحتجاجية التي يملكونها، خاصة وأن التهديد بالانتحار هو أحد أكثر الأساليب الاحتجاجية لفتاً للأنظار وللإعلام.

كما يرى أن الأصل هو معالجة الأسباب التي تدفع العمال إلى اللجوء إلى التهديد بالانتحار وليس معاقبتهم وتجريمهم وزيادة الأعباء عليهم.

ويتفق عماد المالحي، منسق الحملة الوطنية للدفاع عن عمال الأردن – صوت العمال، مع رأي قطيش من حيث ضرورة معالجة الاسباب التي تؤدي إلى التهديد بالانتحار بدلا من معاقبة المنفذين.

ويبين المالحي لـ"المرصد العمالي" أن هناك إشكالية كبيرة لدى الحكومة في التعامل مع القضايا الجدية مثل قضايا الانتحار، مشيرا إلى أن أسلوب التهديد بالانتحار هو آخر الأساليب التي قد يلجأ إليها المتعطلون عن العمل بعد فشل أو تعثر حصولهم على حقوقهم باستخدام الاعتصامات أو المسيرات الاحتجاجية.

وبلغ عدد الاحتجاجات العمالية في العام 2021 (225) احتجاجا، منهم ما نسبته 12.9 بالمئة للمتعطلين عن العمل، وفق تقرير الاحتجاجات العمالية الذي أصدره المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية في 20 نيسان الماضي.

وبين التقرير أن نسبة الاحتجاجات التي أتت على شكل التهديد بإيذاء النفس (محاولة بالانتحار) بلغت 1.8 بالمئة بواقع 4 تهديدات.

وأشار التقرير إلى أن هذه الاحتجاجات تأتي تعبيرا عن عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها الأردن، واستمرار تدني مستويات الأجور، وتراجع الأحوال الاقتصادية للمواطنين، بسبب تداعيات جائحة كورونا وإجراءات الإغلاق الجزئي والكلي والتي وضعت العاملين والعاملات في مواجهة قاسية مع محاولاتهم لتأمين المتطلبات الأساسية للحياة ومع أصحاب العمل، إذ سمحت أوامر الدفاع بالخصم من أجور العمال بنسب تراوح بين الـ50 بالمئة و30 بالمئة.