الرئيسية > بين الإعلام والنجارة.. قصة زيد حراحشة مع التدريب المهني

بين الإعلام والنجارة.. قصة زيد حراحشة مع التدريب المهني

الخميس, 31 آذار 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
بين الإعلام والنجارة.. قصة زيد حراحشة مع التدريب المهني

المرصد العمالي الأردني – نديم عبد الصمد 

خلال العامين الماضيين تزايدت نسب البطالة بالأردن، لتصل إلى أرقام غير مسبوقة بفعل التداعيات الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا..
 إلا أن زيد حراحشة، أحد أول ضحايا الإغلاقات في زمن الكورونا، نجا منها بعد ما سار في طريق "التدريب المهني". 
درس الحراحشة الإعلام في جامعة اليرموك وتخرج فيها عام 2015، وبعد تخرجه، ومثل نحو نصف عدد الشباب الأردنيين العاطلين عن العمل في ذلك الوقت، عمل في مهن مختلفة استطاع من خلالها أن يكتسب مهارات عدة، لكن، بشكل متقطع.
غير أن الحراحشة لم يلبث أن استقر في عمله، حتى استولت تداعيات كورونا الاقتصادية على وظيفته في أحد محلات الحلويات الشهيرة في عمان؛ "أنا كنت من أول ضحايا كورونا، كنت أعمل في محل حلويات واستغنوا عن خدماتي في بداية آذار 2020". 
يشير حراحشة (31 عاما) خلال حديثه إلى "المرصد العمالي الأردني" إلى أن الشباب كانوا من أكثر الفئات هشاشة خلال هذه الجائحة، إذ اضطر إلى المكوث في المنزل دون عمل نحو سبعة شهور، "طوّلت وأنا قاعد في البيت وزهقت" يقول حراحشة. 
آنذاك، قرر استثمار وقت الفراغ الذي طبعته كورونا على تفاصيل حياته اليومية، ولجأ إلى مؤسسة التدريب المهني "كنت خايف أن لا يتم قبولي؛ عمري كبير مقارنة مع الطلاب مرتادي المؤسسة".
لكنه كسر حاجز الخوف لديه، وسأل في مراكز مؤسسة التدريب المهني المنتشرة في كل محافظات المملكة وعددها 35 معهد، وأخبروه أنه بإمكانه التقديم، "الشرط الوحيد ان تكون متفرغ، لأنه التدريب عندهم نظري وأغلبه عملي". 
وعن سهولة التسجيل، يقول حراحشة: "سجلت عبر الأونلاين، ودفعت رسوم تقدر بـ30 دينار بالفصل الواحد، وبالمقابل حصلت على مبلغ 150 دينار للفصل الذي يستمر لمدة ثلاثة شهور". 
"الشغلة سهلة، لأنه كل منطقة في الأردن فيها مؤسسة تدريب مهني، فانت بتروح بتتعلم"، يسكن حراحشة في محافظة الزرقاء، ومن هناك بدأ في دراسة النجارة، "في المؤسسة بتتعلم كثير أشياء" نجارة، حدادة، تكييف، ديكور، كهرباء، صيانة المركبات والأليات، وغيرها الكثير". 
أتقن حراحشة النجارة، ومن هناك ذهب إلى الميدان حتى يطبق ما تعلمه طوال فترة دراسته، "هم مسؤولين عن سلامتك المهنية في حال حدوث أي ضرر أثناء التدريب، ويتم متابعة المتدرب من خلال زيارة ميدانية أسبوعية من قبل مدرس المادة، ويمكن للمتدرب أن يغير الحرفي الذي يعمل لديه، إذ شعر أنه غير مستفيد".
بعد التدريب، أنهى متطلبات دراسته من خلال عمل قطعة أثاث تم تقييم مهاراته في النجارة على أساسها، "الاختبار النهائي عبارة عن قطعة أثاث يتم التقييم على أساس شكلها النهائي وطريقة العمل عليها، وأنا نجحت وحصلت على مزاولة مهنة من وزارة العمل". 
العمل في النجارة يشبه العمل في الإعلام، فإنتاج مادة صحافية متزنة ودقيقة، يماثل دقة النجار في القص والتركيب، التي تعتمد على الـ(ملم) الواحد. هذا الأمر أكسب الحراحشة مهارات إضافية على تخصصه الجامعي الأساسي (الإعلام). 
وهو يعمل الآن بمؤسسة إعلامية، تنتج المواد الصحفية بأشكالها المتنوعة، "أنا الآن بشتغل شغلين وفخور فيهم". 
وحول إمكانية ترك النجارة بعد أن وجد وظيفة في تخصصه الجامعي، أجاب: "أنا ما تعلمت نجارة عشان استخدمها وقت الحاجة ومش تاركها على الرف، الوقت اللي ما بشتغل فيه بالشركة بكون بالمنجرة، خصوصا انه عملي مش مكتبي، وإنما ميداني". 
استطاع الحراحشة تقسيم وقته بين المهنتين وذلك بدعم من مسؤوليه في الوظيفتين بالإضافة إلى قدرته على ضبط وقته، ويقول أنه قادر على تقسيم وقته بشكل مثالي.
ويستدرك بالقول: "للعلم؛ النجارة ممكن توفر لي بشهر واحد 2000 دينار". ويتساءل: "أي شغل في الأردن يعطيك هذا المبلغ؟ إلا أن يكون لديك خبرة كبيرة وسنين طويلة من أجل الوصول لها!" 
وحتى يقنعنا أكثر، يقول: نحن النجارون لا نبيعك سعر الخشب فقط، ولا حتى جهدنا المبذول، وإنما الخبرة التي اكتسبناها، وخطورة العمل الذي نقوم به"، وهنا يلفت إلى أنه عمل على تطوير نفسه حتى يكتسب هذه المهارة ويتقنها بشكل كبير. 
للإعلام فضل أيضا على الحراحشة النجار، إذ أصبح "واجهة المحل" فيمتلك زيد، بحكم ممارسته لمبادئ العمل الإعلامي، مهارة اللباقة في التحدث مع الآخرين، "صرت واجهة للمحل، لأنه عندي أسلوب تعلمته من خلال دراسة الإعلام وعكسته على شغلي بالنجارة". 
لقي زيد تشجيعا كبيرا من المحيطين فيه، ورغم التحديات العديدة التي مر بها كإعلامي  ونجار، إلا أنه سعيد بمهنتيه كونهما تحتويان على إنتاج مواد للناس (خشب وفيديو)، وبهذا نجا الحراحشة من طوفان كورونا واكتسب مهارات إضافية جعلته أكثر منعة وقوة لمواجهة الظروف الاقتصادية بمختلف أشكالها.