الرئيسية > غادة خريوش تعد حلوى مرض السكري من أجل ابنها و"مصدر دخل لها"

غادة خريوش تعد حلوى مرض السكري من أجل ابنها و"مصدر دخل لها"

الاثنين, 07 آذار 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
غادة خريوش تعد حلوى مرض السكري من أجل ابنها و
المرصد العمالي الأردني – نديم عبد الصمد 
"لما صار عمر ابني الكبير 12 سنة انصاب بالسكري بسبب خطأ طبي، ولما خبّرنا الدكتور بمرضه انصعقت لأني ما بعرف أي شيء عن هذا المرض.. فكرت إنه مصيره الموت، كنت ما أنام، لدرجة كنت أروح أتفقده بالليل أكثر من مرة إذا عايش أو لا". 

لم تكن قصة غادة خريوش مع الطبخ مثل غيرها من السيدات، فيشهد كل أهالي حي الهاشمي الشمالي في عمّان على جودة أطباقها "الحلوة" التي تعلمتها من والدتها، "أمي اللي كان نفسها على الأكل زاكي كتير وبشهادة الكل أكلها لا يعلى عليه". 

كانت غادة (الأربعينية) تسكن في إحدى القرى الفلسطينية، ومثل الكثير من النساء في ذلك الوقت لم تكمل تعليمها الجامعي وتزوجت، ثم انتقلت إلى الأردن. 

أنجبت غادة أربعة أطفال، وعملت مرات عديدة في أماكن مختلفة، "اشتغلت في حضانات ومركز ثقافي للدروس الخصوصية حتى أساعد في مصروف البيت". 

وبعدما ما كان الاستقرار يزين حياتها؛ صارت لديها مخاوف على بكرها ذي الإثني عشر عاما.

وما أن علمت أن مرضا مجهولا، بالنسبة إليها، يلاحق ابنها حتى اعتقدت أن نهايته باتت قريبة، مما أفقدها القدرة على النوم أو التفكير سوى في ابنها وقدرتها على معالجته. 

هنا، اختفت الأطباق الحلوة من منزل غادة، "عشر سنوات ما بعمل أي نوع من أنواع الحلو عشان ابني". 

لم تختف فقط الأطباق "الحلوة" من منزل غادة، بل أيضا روحها، بعد أن اعتادت أن تشارك في البازارات حتى تعطي الحاضرين فرصة لتذوق أطباقها الشهية.

كانت المخاوف الكبرى التي تلاحقها وتشد على خناقها أنها غير مرتاحة في الخدمات التي يقدمها المستشفى القريب من منطقتها لابنها، لكن اتخذت قرارا بأن تصبح هي طبيبته الروحية.

لم تختص غادة في الطب، ولم تفتح عيادة لابنها، لكن كل ما فعلته أنها قرأت أكثر عن مرض السكري وثقفت نفسها عن طريق الالتحاق بجمعية أصدقاء مرضى السكري، "المعرفة والتثقيف جعلاني أقوى وإبني صار أقوى، وتعلم كيف يحقن نفسه بإبرة الأنسولين، ويتقبل مرضه". 

واكتشفت لاحقا أن مرض ابنها طبيعي، "أخبرني الطبيب أن وضع إبني طبيعي وأنه سيكبر ويمارس حياته بشكل طبيعي". 

جمعية السكري لم تثقف غادة فقط في مرض السكري، بل أيضا فتّحت أفقها، وشجعت يديها على صناعة الأطباق الحلوة من جديدة، هذه المرة ليس للجيران وسكان المنطقة والضيوف؛ وإنما لمرضى السكري. 

عندما كانت تذهب برفقة ابنها إلى جمعية السكري، سألوه في أحد المرات "شو بدك تطلع لما تكبر؟" لم تكن أحلام ابنها في ذلك الوقت مرتبطة "بالطب" أو "الهندسة" مثل أغلب الأطفال. 

"ما بدي أكون دكتور ولا مهندس، أنا بدي أفتح سوبرماركت للمصابين بمرض السكري" يقول ابن غادة.  

من هنا قررت غادة العودة إلى العمل "أخدت هذه الفكرة من إبني، وفعلا رجعت أشتغل بعد 10 سنين توقف، وتعلمت أعمل أطباق صحية ومربيات وشوكولاتة خالية من السكر". 

لم تعد كما كانت فقط، بل أصبحت تبيع منتوجاتها بالبازارات من أجل المساهمة في جمع مبلغ مضخة الأنسولين لابنها، بديلا عن بنكرياسه، "لأنه التأمين ما بغطيها". 

عادت غادة بقوة إلى حياة العمل، وبعد أن أتقنت فن البيع والشراء وطورت نفسها في هذا المجال، شاركت في أسبوع الأكل الأردني وصار لقبها آنذاك "ملكة اليالنجي". 

لم تكن عائلة "ملكة اليالنجي" مقتنعة بأهمية عملها؛ حتى أن زوجها لم يشجعها على ترخيص عملها وتنظيمه، كما أنها لم تنس يوما ما قالته إحدى الجارات لها "بتشتغلي خدامة عند الناس؟ وبتوقفي على الطاولات في البازار زي الشحادات؟". 

لكن بعد أن أصبحت تبيع أكثر وأصبحت سيدة منتجة قادرة على توفير متطلبات عائلتها وعلى علاج ابنها، وبعد أن ظهرت في مقابلات تلفزيونية عدة للحديث عن قصة نجاحها، أصبحوا جميعا فخورين بها كما صاروا جزءا من عملها "صار زوجي وأولادي يساعدوني في الطبخ والتسويق". 

كبُر أبناء غادة ودرسوا في الجامعات، ولم يأخذ "السكري" طفلها كما كانت تتصور، بل منحها القوة لتعيلهم وتملك مطبخها الإنتاجي الذي أسمته "إلين" على اسم ابنتها الصغرى.
 
اليوم، تمتلك غادة محمصا في أحد المجمعات التجارية، تخصص فيه زاوية لبيع منتجاتها الخالية من السكر، على أمل أن تنشر الوعي في علاج مرض السكري. 

"حلمي بالحياة أفتح مطبخ خاص بمرضى السكري، وبدوّر على دعم حتى أبدأ، لأني شفت بعيني معاناة مرضى السكري".

توضيح: أعاد المرصد العمالي الأردني بناء هذه القصة بعد أن روتها غادة في مسرح قصصي لسيدات عاملات روين تجربتهن ضمن مشروع المشاركة الشبابية والتشغيل الذي ينفذه مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع منظمة أوكسفام وبدعم من برنامج الشراكة العربية الدنماركية.