الرئيسية > ما الذي تحتاجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتستمر؟

ما الذي تحتاجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتستمر؟

الاثنين, 14 شباط 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
ما الذي تحتاجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتستمر؟
المرصد العمّالي الأردني _ رزان المومني 
تلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة دوراً كبيراً في الاقتصاد الأردني، وتشكل 70 بالمئة من إجمالي فرص العمل، وتساهم ما يقارب 40% في الناتج المحلي الأردني، وفق دليل صادر عن البنك المركزي الأردني.

ما يدعو الحاجة إلى مزيد من الاهتمام في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لما لها من دور كبير في تخفيف نسب البطالة وتحسين الوضع الاقتصادي في الأردن.

يؤكد أصحاب مشاريع وعمّال، في أحاديث إلى "المرصد العمّالي" أن هناك حاجة لدعم المشاريع، وتقديم الإرشادات والنصائح المناسبة، لتطوير وتوسيع هذه المشاريع. وأن تنظيم وشمول العاملين بالحمايات الاجتماعية، بما يتناسب والمشاريع بتصنيفاتها المختلفة؛ يساهم في تحسين بيئة العمل للعاملين.

في حين يؤكد خبراء اقتصاديون لـ"المرصد العمّالي"، أن هناك حاجة لوجود تشريعات وسياسات حكومية لدعم وتنظيم هذه المشاريع، وأهمية تأسيس صندوق دعم وتمويل المشاريع بالشراكة مع القطاعين العام والخاص.

آيات السميرات، التي تخرجت من الجامعة عام 2016 بتخصص التربية الفنية، وفرت على نفسها عناء البحث عن عمل، وبدأت بمشروع "الحرق والنحت على الخشب"، مستغلة الميزة السياحية لمنطقة أم الجمال شمال المملكة.

"ما شجعني البدء بالمشروع أن مهنة النحت على الخشب نادرة في المفرق وتعلمتها خلال دراستي، كما أن السيّاح الذين يأتون إلى المنطقة يحبون هذه الأشياء"، تقول آيات لـ"المرصد العمّالي".

وهي تواجه تحديا في تسويق منتجاتها خارج المفرق، ولم تجد الدعم الكافي لتطوير مشروعها، "المشاريع الصغيرة بحاجة إلى تنظيم أكثر، وتقديم النصائح والإرشادات للعاملين فيها". 

وتقترح إيجاد موقع إلكتروني رسمي ومتخصص في تسويق المنتجات والخدمات التي تقدمها المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مقابل مبلغ مالي زهيد أو رمزي أو أخذ نسبة من أرباح البيع.

أما نبيل (اسم مستعار)، فلديه مشروع لتصنيع المنتجات الغذائية المحلية (صناعة الألبان والأجبان، والمكاديس والمخللات) في محافظة إربد، ومنذ عام 2011 قرر البدء بالمشروع مع زوجته وثلاثة من أبنائه.

يقول نبيل لـ"المرصد العمّالي"، إن المشروع وفر دخلا جيد له ولأسرته المكونة من سبعة أفراد، "لا يوجد مصدر دخل آخر لأسرتي، ومن هذا المشروع أكمل أحد أبنائي تعليمه الجامعي".

وهو يسعى إلى تطوير المشروع، إلا أن غياب الدعم يحد منقدرته على ذلك، "بحثت كثيراً عن جهات داعمة ولم أجد، أتمنى من الجهات المعنية الاهتمام بمثل هذه المشاريع".

ويوضح أنه يواجه تحديا كبيرا في تسويق المنتجات وبخاصة خلال جائحة كورونا، "الناس تعرفني عندما كنت أشترك في معارض وبازارات داخل إربد وخارجها، لكن حالياً قلّت هذه المعارض بسبب جائحة كورونا".

أما ساجدة الصمادي، التي تحمل شهادة الهندسة المدنية منذ 2015، فبحثت عن عمل لسنوات، وخلال هذه المدة "خضت تجارب عديدة من تدريس الطلاب وحضانة أطفال، لكن لم تستمر". وتلفت إلى أن فرص العمل "قليلة في محافظة عجلون".

في عام 2019 خاضت ساجدة تجربة التدريب وتصوير الجلسات، "المشاركون في التدريب رأوا أن لدي مهارة التصوير وشجعوني على عمل مشروع جلسات تصوير، وأصبح كامل اهتمامي في التصوير وتطوير هذه المهارة من خلال التدريب".

في ذلك الوقت، فكرت الصمادي في المشروع كمصدر دخل، "اشتريت كاميرا مستعملة بمبلغ 240 دينارا، وحينها واجهت تحدياً بتعريف الناس بالمشروع، وبقيت ما يقارب العامين أعمل جلسات تصوير مجانية".

وتؤكد أنها لم تحظ بدعم من أي جهة، "الدعم إن وجد يكون توزيعه غير عادل"، ورغم ذلك استطاعت الصمادي تطوير المشروع وشراء أدوات "اشتريت كاميرا متطورة أكثر وعدسة وميكروفون وستاند".

وتبين أن بعض أماكن التصوير فيها خطورة مثل الأماكن المرتفعة، "حاولت الاشتراك في الضمان الاجتماعي لأحصل على حماية، إلا أنّي لا أستطيع دفع نحو60 ديناراً شهرياً".

وتؤكد أن تخفيف الاشتراكات الشهرية أو شمول المشاريع الصغيرة، في الضمان الاجتماعي من شأنه أن ينظم العمل ويوفر حماية للعاملين.

من جانبه، يقول ثائر القدومي، الباحث في الميدان الاقتصادي، لـ"المرصد العمّالي"، أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تتميز بقدرتها على الانتشار جغرافياً، والوصول إلى المناطق البعيدة والنائية، "لا شك أن العاصمة عمان تحظى بنصيب الأسد من هذه المشاريع بحكم الكثافة السكانية في المحافظة".

ويرى أن نجاح أي اقتصاد في العالم ونموه يعتمد على المشاريع الصغيرة والمتوسطة بنسبة  (90 إلى 95 بالمئة) من إجمالي المشاريع، وهو ما يستدعي من الحكومة "تشجيع الناس على إنشاء هذه المشاريع".

ويؤشر القدومي إلى التحديات التي تواجه هذه المشاريع؛ ومنها: محدودية موارد التمويل وعدم وجود تخطيط استراتيجي لتسويق منتجات هذه المشاريع وعدم توافر المهارات الإدارية الكافية عند أصحاب المشاريع، بالإضافة إلى منافسة الأسواق الخارجية للمنتجات والخدمات التي تقدمها المشاريع.

ويقترح وضع تشريعات وسياسات حكومية واضحة ومحددة لدعم وتنظيم المشاريع، وتأسيس صندوق دعم وتمويل لهذه المشاريع بالشراكة مع القطاعين العام والخاص، على أن تكون البنوك التجارية الأردنية أحد الشركاء الاستراتيجيين في هذا الصندوق.

"القائمون على المشاريع بحاجة إلى إعداد دراسات جدوى وتسويق المنتجات باستخدام منصات التواصل الاجتماعي، للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الزبائن"، يقول القدومي لـ"المرصد العمّالي".

ويشدد على أن نجاح المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تحقيق أهدافها، يحتاج "قرارات حكومية جريئة، توضّح رغبة حقيقية في تحقيق نمو سنوي مستهدف لمعالجة مشكلة البطالة التي وصلت إلى 23 بالمئة".. 

وتختلف معايير تصنيف المشاريع من دولة إلى أخرى ومن قطاع إلى آخر، ولكن ما تعتمده وزارة الصناعة والتجارة الأردنية، هو أن المشاريع التي يعمل فيها (4 عمّال فما دون) هي "مشاريع متناهية الصغر"، وما بين (5 و19) عاملاً "مشاريع صغيرة"، وما بين (20 و99) عاملاً "مشاريع متوسطة"، وما فوق ذلك "مشاريع كبيرة".

وفق التصنيف السابق، تعتبر مشروعا السميرات والصمادي "متناهية الصغر"، أما مشروع نبيل فيصنف من "المشاريع الصغيرة". هذه المشاريع من الممكن أن تتطور وتصبح مشاريع صغيرة أومتوسطة أو حتى كبيرة؛ إذا لاقت الدعم والإرشاد المناسبين. 

وغالباً، المشاريع متناهية الصغر يكون صاحب العمل هو ذاته العامل، بينما المشاريع الصغيرة والمتوسطة يعمل بها أقرباء وأصدقاء صاحب العمل إلى جانبه.