الرئيسية > كيف أثرت التكنولوجيا على العاملين والباعة بأكشاك الكتب؟

كيف أثرت التكنولوجيا على العاملين والباعة بأكشاك الكتب؟

الاحد, 06 شباط 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
كيف أثرت التكنولوجيا على العاملين والباعة بأكشاك الكتب؟
المرصد العمّالي الأردني _ رزان المومني 
تعتبر أكشاك بيع الكتب من القطاعات التي تأثرت بالتطورات التكنولوجية نتيجة تحول نسخ الكتب الورقية إلى إلكترونية والشراء من شركات التوزيع ودور التوزيع مباشرة عبر السبل الحديثة، ما ترك أثراً سلبياً على العاملين في الأكشاك وأصحابها.

يؤكد أصحاب عمل وعمّال في أكشاك بيع الكتب، لـ"المرصد العمّالي"، أنها مصدر دخل رئيسي لهم ولأسرهم، وأن الإقبال على شراء الكتب انخفض مع التطورات التكنولوجية، في الوقت ذاته أتاحت هذه التطورات الوصول إلى القراء بطريقة سهلة وتسويق الكتب.

في حين يؤكد خبراء لـ"المرصد العمّالي" أن أكشاك الكتب تصنف من المشاريع متناهية الصغر والصغيرة، التي تخضع لقانون العمل الأردني، ويشيرون إلى أن الحل يكمن في مراقبة استحقاقات العمّال، وتطوير العمل من مواكبة التطورات التكنولوجية.

الشاب محمد الزرعيني، الذي يعمل في كشك والده منذ 15 عشر عاما، تخللها انقطاع أربع سنوات بسبب الدراسة، وكان "أحد سبب عودتي أنني لم أجد عمل عند تخرجي". يعتقد أن عمله تأثر بنسبة 60% عن السابق.

ويوضح أن الكشك يشكل مصدر دخل رئيس لأسرتين، ولا يوجد عمل آخر لسد تكاليف العيش، "العيش بمقدار ما أكسبه، بينما في سنوات سابقة أكمل 17 شخصاً تعليمهم الجامعي من أرباح الكشك".

وهو يعمل أكثر من 10 ساعات يومياً ويتقاضى أجرا 10 دنانير يومياً، "كان هناك شخص يعمل إلى جانبي لكن بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة بقيت أعمل أنا فقط وأحيانا شقيقي يساعدني".

ويلفت إلى أنّ بعض الأكشاك أغلقت لعدم الإقبال عليها، وأصحابها يستبدلون بيع الكتب ببيع أشياء أخرى أكثر إقبالاً وبيعا، خصوصا وأن الحالة الاقتصادية للناس تحد من شراء الكتب، ولكن تبقى هناك فئة لا تستمتع إلّا بقراءة الكتب المطبوعة.

ويحاول الزرعيني، قدر الإمكان تشجيع الناس على شراء الكتب من خلال تخفيض الأسعار، إلا أنه يقلل من هامش الربح ولا يستطيع دفع الإيجارات والترخيص، "الرخصة السنوية للكشك التي تُجاوز 330 ديناراً تزيد من الأعباء، وتخفيض هذه الرسوم من شأنها أن تخفف جزءاً من الأعباء".

أما شادي أبو ناصر، صاحب كشك ويعمل به منذ عام 2007، فيرى أن التطورات التكنولوجية لم تؤثر كثيرا على عمله، بل ساعدته في الوصول للقرّاء أكثر وتسويق الكتب إلكترونياً.

ويؤكد أنه منذ تأسيس الكشك، الذي كان في بداية الأمر "بسطة"، لم يحظ بدعم أي جهة، "أنظم بين الحين والآخر معارض في مناطق مختلفة لبيع الكتب".

ويشير إلى أنه يعمل معه شخصان يتقاضيان أجراً بين 280 إلى 300 دينار شهرياً يعملون بواقع 10 ساعات يومياً، ويحصلان على عطلة يوم الجمعة.

يزن عبد الحق يعمل منذ ست سنوات مع شادي، يؤكد أن العمل تأثر بسبب التطورات التكنولوجية، "لكن هناك من يحب قراءة الكتب المطبوعة"، في حين هذه التطورات ساعدت على زيادة الوصول إلى الناس وتسويق الكتب بطريقة سهلة وغير مكلفة.

ويشير إلى أنه يعمل 10 ساعات يومياً، ويتقاضى أجراً بمقدار 10 دنانير يومياً، "عملي علمني الكثير وزاد من وعيي وثقافتي من خلال قراءتي للكتب وتعاملي مع فئات مختلفة من الناس".

خبراء يقترحون حلولا ويصنفون أكشاك الكتب من المشاريع الصغيرة 
خالد الأحمد، خبير في مواقع التواصل الاجتماعي وبناء الهوية الرقمية للأفراد، يؤكد لـ"المرصد العمّالي"، أنه مع ظهور المنصات الرقمية الحديثة تعددت وسائل القراءة؛ وأصبح هناك نسخ الكترونية للكتب، وهذا أثّر على أصحاب العمل والعاملين في الأكشاك، إلا أن بعضهم ما زال يرغب في شراء الكتاب ليستمتع بحمله وقراءته وقت فراغه.

"في الوقت نفسه، هناك من يشعر بالمسؤولية الاجتماعية ويفضل النسخ الأخرى على المطبوعة، ليقلل من استخدام الورق وقطع الأشجار، ويفضل استخدام النسخة المسموعة ليشغل أوقاتا معينة في يومه مثل وقت الذهاب والإياب من البيت للعمل أو للجامعة، أو النسخة الموجزة، إلكترونية أو صوتية، إلا أن هناك من يحب اقتناء الكتب قرأها أم لم يقرأها".

ويقترح الأحمد حلولا من شأنها تحسين العمل ومواكبة التطورات، كتسويق الكتب إلكترونياً وفتح حسابات على منصات التواصل الاجتماعي كمنصة "تيك توك وانستجرام"، وصناعة فيديوهات قصيرة تتحدث عن الكتب، وتقديم عروض ومسابقات متعلقة بالكتب. 

ويقترح كذلك "أن يبني صاحب الكشك قائمة بيانات لعملائه الذين اشتروا منه في الماضي ويضعهم في مجموعات على منصة واتساب وإرسال رسائل بين فترة وأخرى عن عروض أو كتب جديدة، وتوفير خدمة الدفع الإلكتروني وخدمة التوصيل للكتب، بهذا يستطيع صاحب الكشك أو العامل بناء مجتمع متفاعل وجلبهم وتشجيعهم للتفاعل مع مشروعه رقميا وعلى أرض الواقع".

من جهته يؤكد حمادة أبو نجمة، مدير بيت العمال، أن أكشاك الكتب تصنف من المشاريع متناهية الصغر والصغيرة، وغالباً العمّال يعملون بنظام المياومة ولا يحصلون على حمايات اجتماعية؛ كالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، "رغم أنهم يخضعون لقانون العمل الأردني إلا أن لا يوجد رقابة على استحقاقهم".

ويعتقد أن نسبة القراءة في الأردن قليلة، ما يعني أنهم قليلاً ما يشترون الكتب، وهذا يؤثر على العاملين في أكشاك الكتب، "في وقتٍ سابق كانت الأكشاك تبيع الجرائد والمجلات، وحالياً أصبح الاعتماد أكثر على المواقع الإلكترونية، وهذا من شأنه أيضاً أن يؤثر على عملهم".

ويبين أن معايير تصنيف المشاريع تختلف من دولة لأخرى ومن قطاع إلى آخر، ولكن ما تعتمده وزارة الصناعة والتجارة الأردنية، هو أن المشاريع التي يعمل فيها (4 عمّال فما دون) هي مشاريع متناهية الصغر، وما بين (5 و19) عاملاً مشاريع صغيرة، وما بين (20 و99) عاملاً مشاريع متوسطة، وما فوق ذلك مشاريع كبيرة.

ووفق دليل صادر عن البنك المركزي الأردني عام 2017، فإن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تلعب دوراً حيوياً في الاقتصاد الأردني، ولها دور كبير في إيجاد فرص العمل للأردنيين، حيث تشكل (70%) من فرص العمل، وتساهم في (40%) من الناتج المحلي الإجمالي.