الرئيسية > تعديلات الضمان على الأبواب.. فماذا عن نتائج "الاكتوارية"؟

تعديلات الضمان على الأبواب.. فماذا عن نتائج "الاكتوارية"؟

الثلاثاء, 01 شباط 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
تعديلات الضمان على الأبواب.. فماذا عن نتائج
المرصد العمالي الأردني – أحمد الملكاوي 
رغم الجدل الذي دار حيال التعديلات المزمعة على قانون الضمان الاجتماعي منذ بدء الحديث عنها الصيف الماضي وحتى مطلع كانون أول الماضي، إلا أن وتيرة الحديث عن التعديلات وإنجازها بصورة نهائية تمهيدا لدفعها إلى مسار القنوات الإجرائية القانونية لإقرارها، خفّت وخبت جذوتها حتى كادت تُنسى.

لكن، قبيل أن تنخفض وتيرة الحديث عن هذه التعديلات، كان آخر التصريحات المتعلقة بها، حديث المدير العام لمؤسسة الضمان الاجتماعي، في حوارية أجرتها قناة المملكة، صرح خلالها أن التعديلات "في لمساتها الأخيرة" داخل أروقة المؤسسة.

غير أن اللافت أن الرحاحلة صرح في ذات الوقت أن نتائج الدراسة الاكتوارية التي تجريها المؤسسة، لم تصدر، وتوقع أن يتم ذلك منتصف العام 2022، رغم أن مسؤولين في المؤسسة صرحوا قبل ذلك بأن التعديلات جاءت بناء على دراسات اكتوارية.

هذا التضارب في التصريحات أثار تساؤلات لدى بعض المهتمين، ومنهم "المرصد العمالي الأردني" التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، فحواها أنه كيف يستقيم القول أن التعديلات، التي أصبحت جاهزة، جرت بناء على دراسات، في الوقت الذي يؤكد فيه الرحاحلة أن نتائج الدراسة الاكتوارية لم تصدر بعد؟

وتنص الفقرة (أ) من المادة 18 في  قانون الضمان الاجتماعي على أنه "يتم فحص المركز المالي للمؤسسة كل ثلاث سنوات على الأقل بمعرفة جهة متخصصة بالدراسات الاكتوارية معتمدة عالمياً.

يقول خبير التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي إنه لا يجوز أن تصدر المؤسسة أي تعديلات قبل صدور نتائج الدراسات الاكتوارية، خصوصا وأنّ الإعلان عن إجراء التعديلات صاحبه نية إجراء دراسات.

ويوضح الصببحي لـ"المرصد العمالي الأردني" أنّ إجراء التعديلات دون العودة للدراسات "لن تكون لصالح الضمان الاجتماعي أو قانونه أو المشتركين"، في وقت "لم تعلن المؤسسة فيها عن نتائج الدراسة الاكتوارية لعام 2018 وتعود آخر دراسة منشورة نتائجها رسمياً لعام "2013.

ويحذر الصبيحي من أن عدم اعتماد المؤسسة على دراسة اكتوارية واضحة لإجراء التعديلات "قد يخلق مواد قانونية غير ناضجة ومعدة بنظام "الفزعة"، ما سيستدعي من المؤسسة خلال السنوات القادمة إجراء عدة تعديلات تُفقِد القانون استقراره التشريعي وتترك أثراً سلبياً على الحمايات الاجتماعية وتؤدي لانخفاض ثقة المشتركين بالمؤسسة؛ وبالتالي سحب اشتراكاتهم وزيادة تهرب أصحاب العمل من دفع التزاماتهم".

ويرى الصبيحي أنّ التعديل السليم على قانون الضمان الاجتماعي يتطلب مشاورات كافة المستفيدين والمستثمرين والعمال إضافة إلى عدة دراسات اكتوارية متكاملة، ما يحتاج إلى انتظار عامين على الأقل للخروج بصيغة تعود على صناديق الضمان الاجتماعي وجودة الحمايات الاجتماعية بالفائدة والإيجابية.

ويشير إلى أنّ عدم الاستقرار التشريعي يؤثر على الاستثمار ومدى تغطيته لصناديق الضمان وإشراك العاملين في مختلف المشاريع الاستثمارية.

أما الباحث في الحمايات الاجتماعية وشؤون الضمان الاجتماعي محمد الزعبي فيرجح اعتماد التعديلات على الدراسات الاكتوارية السابقة.

ويقول الزعبي لـ"المرصد العمالي الأردني" إنّ التعديلات المزمعة والمعلن عنها "ستضر فئة وتنفع فئة، حيث سيكون الشباب وبخاصة في الأيام المقبلة الأكثر تأثراً منها".

ويوضح الزعبي أنّ الدراسات الاكتوارية كافة منذ عام 2013 لم تخرج بتعديلات سليمة ومفيدة للضمان الاجتماعي، لأنّ الدراسة الاكتوارية تنجز في غضون شهور قليلة، إضافة إلى أنّ ما يحدث هو أن "دراسة واحدة فقط تشمل القانون كاملاً، والأصل أن كل خلل في القانون يجب أن يخضع لدراسة منفردة".

ويعتقد أنّه كان يجب على المؤسسة إجراء دراسة منفردة على الأقل لتأثيرات رفع سن التقاعد المبكر وإلغائه لبعض الفئات.

من جهته، يقول شامان المجالي الناطق باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي، إنّ دور التقاعد المبكر في استنزاف أموال المؤسسة وصناديقها لا يحتاج لدراسة جديدة لأنه معروف منذ سنوات ولم يعد بحاجة لدراسة.

ويؤكد المجالي لـ"المرصد العمالي الأردني" أنّ التعديلات في لمساتها الأخيرة داخل المؤسسة وسيحول إلى رئاسة الوزراء حال إنجازه، مشيراً إلى أنّ هذه التعديلات لا تعتمد بشكل مباشر على الدراسة الاكتوارية.

ووفقاً للمجالي، فإنّ المؤسسة ملتزمة بإجراء الدراسة الاكتوارية سواءً أجرت تعديلات على القانون أم لا، لأنّ قانون الضمان الاجتماعي ينص على إجراء دراسة اكتوارية كل ثلاث سنوات.

ويؤكد المجالي أنّ التعديلات المزمع إجراؤها والمعلن عنها، باستثاء ما يتعلق بالتقاعد المبكر، تمثل توسيعاً للحمايات الاجتماعية كشمول أبناء الأردنيات وقطاع غزة بالاشتراك الاختياري أو توسيع تأمين التعطل عن العمل.

ويرى المجالي، وهو رئيس الدائرة القانونية، أنّ التشريعات المتعلقة بالمسائل الاجتماعية والعملية كقانوني العمل والضمان الاجتماعي، لا يمكن أنّ تظل مستقرة لأعوام عديدة، حيث يجب أن تلتحق بالتطور الحاصل على أسواق العمل العالمية والمحلية.

وأعلنت المؤسسة خلال الصيف الماضي نيتها إجراء تعديلات على القانون تهدف إلى رفع سن التقاعد المبكر لوقف ما وصفته بـ"الاستنزاف" الذي تخلقه هذه الحالة، في حين سيلغى لبعض الفئات خلال السنوات القليلة القادمة.

كما تتجه المؤسسة إلى توسيع تأمين التعطل عن العمل ليصبح لمدة عام بدل أشهر قليلة، والسماح لأبناء قطاع غزة وأبناء الأردنيات بالاشتراك الاختياري.

ورفض "المرصد العمالي الأردني" آنذاك تطبيق رفع سن التقاعد المبكر وإلغائه قبل تغيير سياسة الأجور والاتجاه لرفعها، لأنّ العديد من المتقاعدين مبكراً يختارون هذا المسار ويتجهون إلى عمل آخر للحصول على دخل آخر ذلك لأنّ الرواتب التقاعدية في الضمان ليست بذلك المستوى الذي يؤمن حياة كريمة للمشتركين.

وطالب "المرصد" بضرورة إعادة النظر بالتعديلات والاعتماد على دراسات اكتوارية كاملة وواضحة وحوار اجتماعي واسع مع الأطراف المعنية بالقانون كافة كمنظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية.