الرئيسية > مع قساوة البرد.. عمال يرتجفون بردا في أماكن عملهم

مع قساوة البرد.. عمال يرتجفون بردا في أماكن عملهم

الخميس, 20 كانون الثاني 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
مع قساوة البرد.. عمال يرتجفون بردا في أماكن عملهم


المرصد العمالي الأردني – أحمد الملكاوي 

مع دخول فصل الشتاء ذروة برودته خلال هذه الأيام، ما يزال العديد من العاملين والعاملات يفتقرون لأبسط حقوقهم في أماكن العمل؛ الدفء. 

تواصل المرصد العمالي الأردني مع العديد من العاملات والعاملات في قطاعات مختلفة قالوا إن أصحاب العمل لا يوفرون التدفئة، وذلك بقصد توفير النفقات التشغيلية وتقليص تكاليف الطاقة سواءً كانت كهربائية أم من مشتقات النفط.

ومن خلال الشكاوى التي وردت إلى "المرصد العمالي الأردني" مؤخراً فإنّ الافتقار للدفء في أماكن العمل لم يقتصر على منشآت صغيرة أو كبيرة، حيث يعاني سبعة مهندسين في شركة هندسية معروفة من عدم توفر التدفئة لهم، رغم أن مكان عملهم هو مبنى لفيلا في منطقة الرابية. 

وتعاني عاملات في أحد المصانع بمدينة الحسن الصناعية، من عدم تشغيل أنظمة التدفئة بحجة عدم التأثير على الإنتاج وأن الحرارة المرتفعة والدفء غير ملائمين لنوعية المنتج.

بحسب ما ورد لـ"المرصد العمالي الأردني" فإن بعض المصانع لا تشغل أنظمة التدفئة، رغم تواجدها، ما سبب للعديد من العاملات بردا في الأطراف وأمراض شتوية كالزكام وغيرها، حيث تتخذ إدارات المصانع حجة عدم تشغيل التدفئة خوفا على المنتجات التي لا تناسبها الحرارة. 

من جهته يقول خبير الصحة والسلامة المهنية، أسامة شديفات إنّ مصانع الأغذية لابدّ أن تحافظ على درجات حرارة منخفضة لحفظ المنتجات شريطة توفير ملابس دافئة للعاملين والعاملات تكون مخصصة لعملهم فقط.

ويوضح شديفات لـ"المرصد العمالي الأردني" أنّ البرد والحرارة المنخفضة تتسبب للعاملين والعاملات أمراضاً في العضلات وأضرار بأطراف أجسادهم ما سيؤثر على صحتهم مستقبلاً، إضافة إلى أنّ سوق العمل العالمي يعرف أنّ كفاءة العاملين والعاملات تنخفض في أماكن العمل الباردة.

وحول حجج عدم توفير التدفئة، يشير إلى أنّ توفير الملابس المخصصة تكفي غالباً لتدفئة أجساد وأطراف العمال، خاصة وأنّ هذه الملابس تكون بمعايير مخصصة لذلك.

وعن مصانع الألبسة، يتحدث عن ضرورة إيجاد تهوية فيها ما سيعرض مكان العمل لبرودة كبيرة خصوصاً بحال كانت "هنغرات"، في وقت لا توفر للعاملين والعاملات ملابس مناسبة للعمل فتكون ملابسهم الخاصة غير متناسقة مع أوضاع العمل والتدفئة اللازمة له.

ويدعو شديفات إلى تطبيق الطرق الآمنة لخلق التدفئة اللازمة والحفاظ على صحة العاملة، كأنظمة عزل البرودة والجدران والتدفئة المركزية، والابتعاد عن مدافئ الكهرباء لا سيما في المصانع والمعامل لتكلفتها الكبيرة وخطورتها على العاملين والعاملات في حال حدوث تماس كهربائي.

لم تكن شدة البرد في هذا الفصل وحدها عائقا أمام العاملين والعاملات في المنشآت الصناعية، بل أيضا في فصول سابقة، وفي بعض المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان.

فرغم أنها كانت تعمل في منظمة مجتمع مدني حقوقية، لم يشفع لسارة الرمحي تواجدها في مكان يتحدث عن الحقوق ويطالب بها، حيث لم توفر الإدارة وسائل التدفئة لها ولزميلاتها. 

فما كان لها نهاية عام 2019 الّا أنّ تجلس في سيارتها لتكمل العمل على حرارة الشمس الخفيفة والتي تبقى أكثر دفئً من البقاء في المكتب البارد الذي يخلو من مدفأة أو مكيف كهربائي أو غيرهم.

تصميم سارة على العمل وإنهاء متطلباتها حتى وإن كان داخل السيارة دفعت الإدارة لتوجيه إنذار لها بحجة الخروج من المكتب دون موافقة المديرة، ما دعاها لتقديم استقالتها بعد تراكمات ظروف العمل غير اللائقة، التي كان آخرها عدم توفير التدفئة.

لم تكن الرمحي أول من ترك العمل لهذا السبب ولكن سبقتها مرح التي طالبت الإدارة بتوفير مدفأة على الأقل في مكان عملها، لكن مديرتها ارتأت أن يرتدي كل موظف أو موظفة كل ما لديه من ثياب "لأنّ الوضع المالي للمنظمة لا يسمح بشراء مدافئ أو أنظمة تدفئة"، تنقل مرح عن الإدارة. 

أما عماد المالحي منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق العمال (صوت العمال) يؤكد ضرورة تضمين قانون العمل الاشتراطات اللازمة لتدفئة العاملين والعاملات في أماكن العمل بسبل مضمومة وآمنة.

ويقول المالحي لـ"المرصد العمالي الأردني" إنّ التدفئة الآمنة حق لا يمكن إنكاره للعاملين والعاملات خاصة في المصانع والأماكن المفتوحة والواسعة التي تفتقر لهذه الميزة في ظل الأجواء السائدة.

ويطالب الحكومة بتعديل القانون ووضع عقوبات على أصحاب عمل يأخذون التكاليف حجة لعدم توفير سبل الدفئ لعامليهم.

أما منظمة العمل الدولية فكانت أطلقت مسبقاً دليلاً حمل عنوان "المبادئ الأساسية للسلامة والصحة المهنية في بيئة العمل"، تضمن تحذيراتٍ من العمل في بيئات باردة قد تحدق للإنسان خللاً في أنسجة أطرافه، حيث أنّ العضلات والأطراف تكون أكثر الأجزاء تأثراً بذلك.

وينوه الدليل إلى أنّ التعرض للبرد يحدث انكماشا في الأوعية المحيطة للجلد ما يقلل كمية الدم المار فيها لتنتج الالتهابات الجلدية.

ومن الوسائل للحفاظ على صحة العاملين والعاملات، ارتداء ملابس عازلة وجافة، والاستبدال الفوري للملابس الرطبة وارتداء القفازات في حال كانت الأعمال يدوية، إضافة إلى التدفئة الفورية لأي جزء يصاب بالبرة، مع تنويه ضرورة توفير مكان دافئ بالقرب من العاملين والعاملات.