الرئيسية > البطالة تدفع خريجي الجامعات لاستكمال التعليم العالي

البطالة تدفع خريجي الجامعات لاستكمال التعليم العالي

الاربعاء, 12 كانون الثاني 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
البطالة تدفع خريجي الجامعات لاستكمال التعليم العالي
المرصد العمالي الأردني - رزان المومني 
يعاني الكثير من الشباب من خريجي الجامعات من غياب فرص العمل، ما دفع عددا منهم، ذكورا وإناثا، للتوجه لاستكمال تعليمهم الجامعي العالي، حتى وإن شكّل هذا الأمر أعباءً مالية عليهم وعلى أسرهم.

ويرى بعض هؤلاء أن إكمال التعليم هو خطوة جيدة قد تفتح لهم فرص عمل بعد حصولهم على الشهادة العليا، فيما يصرح آخرون أنهم اضطروا إلى استكمال تعليمهم بسبب الملل من أوقات الفراغ التي يعيشونها.

في حين تظهر أرقام دائرة الإحصاءات العامة أن معدل البطالة بين حملة الشهادات الجامعية مرتفع، حيث بلغ 27.8 مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى، وبلغت نسبة المتعطلين الذكور من حملة البكالوريوس فأعلى 27.7 بالمئة مقابل 82.1 بالمئة للإناث.

ويؤكد خبراء اقتصاديون لـ"المرصد العمّالي" أنه قرار جيد للشباب لتطوير معارفهم وإدامة علاقتهم بالتطورات العلمية والمعرفية، ويمكن أن تفتح لهم نافذة للعمل، رغم ارتفاع تكلفة التعليم ووجود فجوة هائلة بين هذه التكلفة ومعدلات الدخل والإنفاق.

في الوقت ذاته، يشدد خبراء على ضرورة إعادة هيكلة التخصصات في الجامعات الأردنية كخطوة أولى لحل مشكلة البطالة في صفوف حملة الشهادات الجامعية، واستحداث تخصصات جديدة تتوافق مع احتياجات سوق العمل الأردني، إلى جانب جذب استثمارات خارجية تساعد على خلق فرص عمل.

نورة علاونة، طالبة ماجستير في جامعة اليرموك، أكملت البكالوريوس في تخصص الإعلام عام 2020 بتقدير امتياز، بحثت بعد التخرج عن عمل لمدة خمسة شهور ولم تجد، بعدها قررت التسجيل ببرنامج الماجستير.

وتوضح نورة لـ"المرصد العمالي الأردني" أنها لم تكن تملك ما يكفي من المال لتغطية أقساط الجامعة، "كنت أعطي بعض الدروس لطلاب المدارس في المنزل، وهذا ساعدني على تغطية جزء من الأقساط، وقرر والداي مساعدتي والاشتراك في جمعيات مع الأقارب والمعارف لتأمين أقساط الدراسة".

أما ليلى الخوالدة، فقررت الالتحاق بالماجستير في تخصص اللغويات بجامعة آل البيت، لأسباب عدة، أهمها أن تحصل على فرصة عمل ثابتة، "الناس تكمل تعليمها حتى تحصل على فرص عمل، وما فائدة العلم الذي يتعلمه الإنسان إذا لم يكن هناك استفادة منه؟؟"، تتساءل في حديثها إلى "المرصد العمّالي".

وما شجعها على استكمال تعليمها "حصولي على منحة تغطي رسوم الساعات، وتكفل زوجي وأهلي بتغطية مصاريف الدراسة الأخرى؛ مثل شراء الكتب والخدمات المكتبية".

وتوضح أنها بحثت كثيرا عن عمل، ولم تجد، بسبب "الشروط الصعبة" التي كانت توضع أمامها، بحجة أنها متزوجة ولديها مسؤوليات إضافية.

أما الشاب علاء محمد، الذي كان يدرس الماجستير بتخصص علم الاجتماع بالجامعة الأردنية عام 2019، وترك الدراسة بعد حصوله على فرصة عمل، فيقول لـ"المرصد العمّالي"، إنه لم يكن يفكر في استكمال تعليمه، ولكن لم يجد خيارا لمواجهة الفراغ الذي كان يعيشه سوى باستكمال التعليم.

"رغم أنّني في تلك الفترة لم أملك المال الكافي لاستكمال الدراسة، ولكن أخذ أبي قرضا من البنك لدفع أقساط الفصل الأول، وبعد حصولي على العمل دفعت القرض عن أبي، وتوقفت عن استكمال الدراسة".

ويعتقد علاء أن حصوله على درجة الماجستير لا تضيف له الكثير، ويرى أنها تزيد الأعباء المالية عليه، "زملائي في التخصص حصلوا على شهادة الماجستير ولم يحصلوا بعد على عمل جيد، وبعضهم يعمل في أكشاك بنظام المياومة لتغطية مصاريفهم اليومية".

من جانبه يؤكد الرئيس السابق للجنة التعليم النيابية، النائب بلال المومني أن الخريج لديه قناعة أنه إذا أكمل تعليمه يستطيع الحصول على فرصة عمل، والمجتمع الأردني أيضاً يرى أنه كلما حصل الطالب على شهادة أعلى، أتيحت له فرص أوفر للمنافسة على وظيفة أو عمل أفضل. 

"لا يوجد فارق في انتقال الشاب الجامعي من درجة البكالوريوس إلى الماجستير، وهو انتقال من مرحلة بطالة إلى مرحلة بطالة أخرى، وهذه المشكلة يتحملها الجميع وليس الخريج فقط". 

ويشير إلى أن البطالة موجودة في كل التخصصات والدرجات العلمية وليس فقط بالتخصصات الإنسانية، ويجب إعادة قراءة المشهد بما يتناسب مع مشكلة البطالة التي نعاني منها، التي تعتبر أكبر خطر على المجتمع الأردني.

"ما يقارب 400 ألف خريج يحملون درجة البكالوريوس فأعلى مسجلون في ديوان الخدمة المدنية وينتظرون فرص عمل، وإذا ما اوقفنا طلبات التوظيف وعملنا على توظيفهم، نحتاج إلى عدة سنوات".

ويوضّح أنه خلال العشر سنوات الأخيرة، أصبحت فرص العمل تتناسب عكسياً مع المؤهل العلمي، وأن بعض المؤسسات والشركات أصبحت تفضل خريج الدبلوم على خريج البكالوريوس فأعلى.

"خريج الدبلوم لديه معرفة فنية بالأمور المطلوبة في العمل، بالإضافة إلى أن أجورهم أقل من خريجي البكالوريوس، وهذا الأمر أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة في صفوف خريجي البكالوريوس فأعلى، ودفعهم إلى استكمال تعليمهم". 

ويلفت إلى أنه في السابق كانت الدول الشقيقة تحتاج إلى كفاءات خريجي الجامعات الأردنية، ولكن أصبح لديهم جامعات ذات مستويات تعليمية وكفاءات عالية، ويحصلون على تعليم نوعي، وأعطوا أولية العمل لأبناء بلدهم، وهذا الأمر قلل الطلب على خريجي الجامعات الأردنيين.

ويشدد على ضرورة إعادة هيكلة التخصصات في الجامعات الأردنية كخطوة أولى لحل مشكلة البطالة في صفوف حملة الشهادات الجامعية، واستحداث تخصصات جديدة تتوافق مع احتياجات ومتطلبات سوق العمل الأردني.

ويؤكد ضرورة تهيئة بيئة استثمارية مشجعة، وجذب استثمارات خارجية تساعد على خلق فرص عمل لخريجي الجامعات بمختلف تخصصاتهم ودرجاتهم، والتركيز على عنصري التميز والكفاءة في التعليم العالي. 
 
في حين يؤكد حسام عايش، الخبير الاقتصادي، أن استثمار الشباب أوقات الفراغ باستكمال التعليم هو أمر جيد لتطوير معارفهم، ويمكّنهم من المحافظة على لياقتهم العلمية والمعرفية وتطويرها، وقد تكون نافذة تفتح لهم مجالات للعمل.

لكنه يلاحظ أن تكلفة التعليم في الأردن "مرتفعة، ولا تتناسب ومعدلات الدخل على الإطلاق"، ويشير إلى وجود فجوة هائلة بين الكلف التعليمية ومعدلات الدخل والإنفاق، "هذه الفجوة تغطى إما بالقروض أو بيع أرض وسيارة، أو الاقتراض من الأقارب والجمعيات الأهلية لتسديد التكاليف الفصلية". 

ويقول لـ"المرصد العمّالي" إنه لا يوجد ضمان لاستعادة تكلفة الاستثمار في هذا التعليم، "الشاب الجامعي لا يحصل على عمل ليتمكن من تغطية التكاليف التي دفعها على استكمال التعليم، وهذا نوع من المخاطرة في ظل المنافسة القائمة حالياً في سوق العمل، إلا أنها مخاطرة ضرورية لتحسين القدرة على إيجاد عمل".

ويشير إلى أن نظام الخدمة المدنية ونظامي العمل العام والخاص، تعتبر الشهادة شيئا مقدسا، والحصول عليها باعتبارها مدخلا للحصول على عمل وترقية وزيادة الأجر، وأصبح البحث عنها ليس لرفع الكفاءة والمعرفة، وإنما لتحسين الوضع الوظيفي، وهذا ما يقلل قيمة الشهادة.

ووفقا للموقع الإلكتروني لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، فإن هناك أكثر من 337 ألف طالب وطالبة على مقاعد الدراسة في الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة بمختلف التخصصات والدرجات العلمية بداية العام الجامعي 2020 - 2021، ووصل عدد الملتحقين بالدراسات العليا ببرامج الماجستير، ما يقارب 24 ألف طالب وطالبة، في حين عدد الملتحقين ببرامج الدكتوراه يقارب 4600 طالب وطالبة، ولا يعدو الأمر، بتقديره، أن عددا كبيرا من هؤلاء الطلاب "يخرجون من مرحلة بطالة إلى أخرى، منتظرين فرص العمل على مقاعد الدراسة".

وأقر مجلس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها أخيرا آلية جديدة لاعتماد البرامج الأكاديمية، تتركز حول جودة البرامج الأكاديمية وفق مؤشرات نوعية مواكبة للتغيرات المتلاحقة التي طرأت على العالم والتحول إلى التعلم الإلكتروني، وتحقيق التعليم العالي المتميز وتجويد مخرجاته.

وتركز الآلية على مخرجات العملية التعليمية، وأهمية قياس فعالية العملية التعليمية من خلال ربط مخرجات البرامج بسوق العمل والتأكيد على دور الطلاب والمشاركة الطلابية، وتبني التوجهات الجديدة في مهارات التوظيف والريادة والابتكار.

وتتناول الآلية، التي تقول الهيئة أنه يجب العمل على استيفائها من قبل المؤسسات التعليمية، عدة محاور أساسية، منها: إدارة البرنامج الأكاديمي والتعليم والتعلم والبحث العلمي والابتكار والطلبة والشراكات المحلية والدولية والتقييم الذاتي والتطوير المستمر.