الرئيسية > ما أهمية المفاوضة الجماعية في تحقيق توازن سوق العمل؟

ما أهمية المفاوضة الجماعية في تحقيق توازن سوق العمل؟

الاثنين, 03 كانون الثاني 2022
النشرة الالكترونية
Phenix Center
ما أهمية المفاوضة الجماعية في تحقيق توازن سوق العمل؟
المرصد العمالي الأردني – مراد كتكت
يكاد لا يخلو أي سوق عمل في العالم من اختلالات تؤدي إلى توتر في علاقات العمل، أي بين العمال وأصحاب العمل، ما قد يفتح الباب على لجوء العمال إلى الاحتجاجات والمطالبات الرامية إلى تحصيل حقوقهم العمالية المكتسبة.

وهذا ما شهده الأردن على مدار العام 2021، إذ وثق تقرير أصدره "المرصد العمالي الأردني" أخيرا عشرات الاحتجاجات العمالية بمختلف أشكالها، أكانت اعتصاما أو إضرابا أو مسيرة أو حتى التهديد بالاحتجاج من قبل فئات عمالية متنوعة، للمطالبة بحقوقهم.

ولعل أبرز أسباب تنفيذ تلك الاحتجاجات هو: فشل أو تعثر التفاوض الجماعي لتحقيق مطالب العاملين والعاملات، أو عدم توافر قنوات الحوار والتفاوض مع الإدارات و/أو أصحاب العمل، وفق التقرير.

وهنا يتبادر إلى الأذهان الأسئلة التالية: ما أهمية المفاوضة الجماعية بالنسبة للعمال؟ وإلى أي درجة تحقق توازنا في سوق العمل؟، وما مدى تأثيرها في تخفيف توتر العلاقات بين العمال وأصحاب العمل؟

ناشر موقع الراصد النقابي لعمال الأردن حاتم قطيش يقول إن المفاوضة الجماعية هي من أهم الحقوق العمالية، فهي تُدخل العامل أو العاملة في حوار مباشر مع صاحب العمل، من أجل تسوية بعض القضايا مثل الانتهاكات والمطالب، ما يعني أنها بوابة الحوار لحل القضايا العالقة بين العمال وأصحاب العمل.

ويوضح قطيش لـ"المرصد العمالي الأردني" أن هذا الحق مكفول في اتفاقيتي منظمة العمل الدولية، رقم 98 لعام 1949 ورقم 154 لعام 1981 المتعلقتين بحرية التنظيم النقابي والتشجيع على المفاوضة الجماعية، إلا أن التشريعات الأردنية حرمت آلاف العمال من التمتع بهذا الحق.

ويبين أن التعديلات التي طرأت على قانون العمل عام 2019 حصرت حق المفاوضة الجماعية بالنقابات العمالية فقط البالغ عددها 17 نقابة، وذلك في الفقرة (ب) من المادة 44 من القانون، إذ أصبح العمال غير قادرين على التفاوض بأنفسهم مع أصحاب العمل، وإنما أصبحت النقابة هي المسؤولة عن ذلك كونها تمثل العمال.

كما أن الفقرة (ب) من المادة نفسها حرمت العاملين والعاملات في المنشآت الصغيرة من حق المفاوضة الجماعية، وذلك بحرمان المنشآت التي تحوي أقل من 25 عاملا من عقد الاجتماعات الدورية التي يتفاوض فيها العمال مع أصحاب العمل.

ومضمون الفقرة: "على صاحب العمل والنقابة في المؤسسة التي تستخدم خمسة وعشرين عاملاً فأكثر عقد اجتماعات دورية لا تقل عن مرتين في السنة لتنظيم وتحسين ظروف العمل وإنتاجية العمال والتفاوض على أمور تتعلق بذلك".

ويرى قطيش أن معظم رؤساء النقابات العمالية منحازون إلى أصحاب العمل، وبالتالي فإن مسؤوليتهم بالمفاوضة لا تجدي نفعا لجهة حل مشاكل العمال وتلبية مطالبهم.

كما يرى أن التوترات الموجودة حاليا بين بعض الفئات العمالية وأصحاب العمل وما ينتج عنها من احتجاجات "لا يمكن تخفيفها طالما أن العمال غير قادرين على التفاوض بأنفسهم".

ويشير قطيش إلى إشكالية كبيرة؛ وهي عدم وجود الوعي الكافي لدى بعض الفئات العمالية بحقوقهم المنصوصة في قانون العمل ومنها حق المفاوضة الجماعية، ويلفت إلى أن النقابات العمالية لا تلعب دورا حقيقيا حيال زيادة الوعي القانوني والحقوقي لدى عمالها.

ويتفق مدير بيت العمال للدراسات حماده أبو نجمة مع قطيش حيث أن هناك العديد العاملين والعاملات لا يُدركون حقوقهم.

ويوضح أبو نجمة في تصريح إلى "المرصد العمالي" أن عدم إدراك العمال بحقوقهم ووعيهم لها يؤدي إلى التغول والتعدي عليها من قبل بعض أصحاب العمل، لذلك فإن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق النقابات العمالية في توعية عمالها بحقوقهم المنصوصة.

ويرى أن دور النقابات العمالية ضعيف، ليس فقط فيما يتعلق بالمفاوضة الجماعية، وإنما في تحصيل معظم الحقوق.

ويُرجع أبو نجمة ذلك الضعف إلى عدم سماح قانون العمل بالتعددية النقابية، ما يعني منع تأسيس أكثر من نقابة عمالية لنفس القطاع.

ويوضح بالقول "لو أن القانون سمح بتأسيس أكثر من نقابة للقطاع الواحد لأوجد تنافسا فيما بين النقابات في الدفاع عن حقوق العمال وتقديم الخدمات لهم، وهذا يُتيح للعمال تقييم نقاباتهم وفقا لمدى وقوفها معهم والدفاع عن حقوقهم".

ويفصّل بالقول: "عدم وجود دور فعّال للنقابات فيما يتعلق بالمفاوضة الجماعية وإغلاق قنوات التفاوض، أدّيا بالعمال إلى النزول للشارع والمطالبة بحقوقهم بأنفسهم، وهو ما زاد من توتر العلاقات بين العمال وأصحاب العمل".

وأظهرت مؤشرات الرصد الذي أجراها "المرصد العمالي الأردني" على مدار العام 2021، أن بعض القضايا التي كانت عالقة بين العمال وأصحاب العمل أو المسؤولين عنهم جرى حلها من خلال المفاوضات، فمثلا: استجابت وزارة التربية والتعليم لمطالب موظفي الفئة الثالثة العاملين في مديريات الوزارة بعد لقاءات عديدة جمعت الطرفين، وعلقوا عقبها احتجاجاتهم التي شملت الاعتصامات والإضرابات.

كما علق متقاعدو شركة الفوسفات الأردنية احتجاجاتهم عقب لقاء جمعهم مع رئيس مجلس إدارة الشركة وبحضور رئيس النقابة العامة للعاملين في المناجم والتعدين، ما أدى في نهاية المطاف إلى استجابة الشركة لمطالبهم المتعلقة بالتأمين الصحي.

فهل تذهب الحكومة إلى التوسع في منح حق المفاوضة الجماعية وحرية التنظيم النقابي في تعديلاتها المقبلة على قانون العمل، بما يستجيب لمضامين الاتفاقيتين الدوليتين المتعلقتين بحرية التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية، بما يحمي حقوق العمال ويخفف من حدة التوترات في العلاقات بين العمال وأصحاب العمل؟