الرئيسية > إحلال العمالة الأردنية.. ليس أكثر من تصريحات

إحلال العمالة الأردنية.. ليس أكثر من تصريحات

الثلاثاء, 28 كانون الأول 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
إحلال العمالة الأردنية.. ليس أكثر من تصريحات
المرصد العمالي الأردني – أحمد الملكاوي 
على مدار الأعوام السابقة وتقلب العديد على منصب وزير العمل، بمختلف توجهاتهم، كان إحلال العمالة الأردنية مكان الوافدة ضمن أبرز أولوياتهم، وكان جميع هؤلاء الوزراء يجأرون بالحديث عن معضلة البطالة بين الشباب الأردني وبخاصة مع وصوله أعلى نسبها بفعل جائحة كورونا.

آخر هذه التصريحات كان لوزير العمل الحالي نايف استيتية قبل نحو 10 أيام، دون عرض حلول وخطط واضحة لها.

ورغم الوعود والخطط والتصريحات وتفاقم نسب البطالة التي لامست 50% بين الشباب خلال الأشهر الأخيرة، لم تنجح الحكومات المتعاقبة بإحلال العمالة الأردنية الّا في قطاع واحد، وهو "عمال الوطن" في أمانة عمان الكبرى والبلديات، حيث أقبل الشباب الأردني على هذه الوظيفة خلال السنوات الأخيرة بعد استقرار الوظيفة ورفع أجورها فوق الحد الأدنى وشمولهم بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والعلاوات والمكافآت في البلديات.

كذلك، فإنّ غياب تفتيش وزارة العمل الحقيقي والفعال أوجد فجوة كبيرة في سوق العمل، مع تزايد الانتهاكات التي تحدث في العديد من المنشآت، بدءاً من أجور تنخفض عن الحد الأدنى، وصولاً إلى الحرمان من الإجازات وساعات العمل الطويلة، والتعنيف الذي قد يصل إلى الجسدي في بعض الأحيان، ما رسخ في عقول الشباب البحث عن وظيفة (شبه حكومية) للحصول على استقرار وظيفي.

ولا يمكن إحلال العمالة الأردنية مكان المهاجرة مع استمرار استثناء العمال المهاجرين من الحد الأدنى للأجور، وغياب التدريب الفعال ومنظومة العمل الزراعي بشكلها الحالي، التي تعج بالانتهاكات الصارخة دون رقابة حكومية ملحوظة.

ويفضل أصحاب العمل العمال المهاجرين في بعض القطاعات لحصولهم على أجور أقل من الحد الأدنى المنصوص بـ260 ديناراً، فهم مستثنون لغاية عامين على الأقل، وفقاً لقرار اللجنة الثلاثية، ويضاف إلى ذلك بقاء مستويات الأجور تحت خط فقر الأسرة الواحدة، مع توقعات البنك الدولي أن تقفز نسبة الفقر في الأردن عن 26%.

ويفاقم السماح بالاستثناء من الحد الأدنى للأجور مشكلة الإحلال، حيث استطاعت النقابة العامة للعاملين في الغزل والنسيج استثناء عمالها من الحد الأدنى للأجور وإبقائه على 220 ديناراً للأردنيين وغيرهم، ما يجعل العمال الأردنيين يحجمون عن التوجه إليها

وتعتبر قطاعات الخدمات والزراعة والمحاجر واستغلالها والصناعات التحويلية من أكثر القطاعات التي تحوي عمالة مهاجرة، وفقاً لأرقام وزارة العمال خلال آب الماضي.

يعود عدم دمج العمالة الأردنية بشكل كبير في هذه القطاعات إلى أسباب عدّة على رأسها ظروف العمل الصعبة التي يعاني منها العاملون والعاملات؛ كعدم إشراكهم في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وساعات العمل الطويلة والعمل في بيئة متقلبة بين الشتاء والصيف بالنسبة لقطاعات الإنشاءات والزراعة والسياحة، فضلاً عن غياب التنظيم والتفتيش المناسبين من قبل وزارة العمل.

القطاع الأكثر تحديا في ملف إحلال العمالة هو القطاع الزراعي، الذي تملؤه الكثير من تحديات العاملين والعاملات، على رأسها تأخر صدور نظام عمال الزراعة، ومن ثم تعليق العمل به، خصوصا وأنّ العاملين والعاملات الأردنيين وغيرهم يعملون بأجور يومية (مياومة) مع تقلب المواسم الزراعية، وما يزال الكثير منهم في مناطق وادي الأردن دون ضمان اجتماعيّ أو تأمين صحي.

وعادة ما يفضل أصحاب العمل في قطاع الزراعة العامل المهاجر لسهولة تأقلمه مع وضع المَزارع ومتطلباتها وبخاصة في حال كان لدى صاحب عمل واحد براتب شهري يسكن في أحد ملاحق أو غرف المزرعة.

ويتضح جلياً أن التصدي لمسألة إحلال العمالة المحلية مكان المهاجرة، يجب أن يسبقها إجراءات عديدة تمهّد لذلك، على رأسها رفع مستويات الأجور ورفعها عن خط الفقر لطرفي العمالة؛ المهاجرة والأردنية، إضافة إلى منظومة تفتيش متكاملة تقي سوق العمل من الانتهاكات المستشرية في مختلف القطاعات.

كما بات مطلوباً من الحكومة تحفيز أصحاب العمل، في حال تشغيلهم عمالاً أردنيين، من خلال تخفيض الرسوم والضرائب عليهم، لتكون الحكومة وقتها قد ضمنت فائدتين؛ أولاهما تخفيض نسب البطالة بين الأردنيين، والأخرى خفض مستويات التهرب الضريبي.

إضافة إلى أهمية ابتكار حلول لتنظيم العمل في الإنشاءات من خلال التدريب والتطوير أكثر في مؤسسة التدريب المهني، إذ ما يزال الأردنيون يستصعبون الاندماج في هذه المهن.

وأبرز ما يمكن القيام به هو تحسين منظومة التفتيش التابعة لوزارة العمل وجعلها ملائمة للسوق وظروفه، وشمول جميع القطاعات في مختلف المناطق، فعدد مفتشي العمل لا يجاوز 200 مفتش.