الرئيسية > العاملات الفلسطينيّات بالمستوطنات.. انتهاكات صارخة لحقوقهن.. ولا حماية لهنّ

العاملات الفلسطينيّات بالمستوطنات.. انتهاكات صارخة لحقوقهن.. ولا حماية لهنّ

الاحد, 26 كانون الأول 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
العاملات الفلسطينيّات بالمستوطنات.. انتهاكات صارخة لحقوقهن.. ولا حماية لهنّ
المرصد العمّالي- كريم زغيّر 
عندَ بوّابة مستوطنة معاليه أدوميم، المُقامةٌ على أراضي بلدة أبوديس ومساحتها أربعون ألف دونم، يقفُ حارسٌ يحملقُ بالعاملين والعاملات الفلسطينيين الذين يعملونَ داخل المستوطنة التي أصبحت مدينةً محصّنةً بالجدران وتقنيات المراقبة الفائقة، وآلات مراقبة لا تتوقف عن الدوران لاستطلاع ما يحيط بالمستوطنة الرابضة على قلب الأراضي الفلسطينية.

مع بدء تشكُّل خيوط الفجر الذهبيّة يبدأ العمّال والعاملات بحزم حقائبهم استعدادا للذهاب إلى العمل، والهاجسُ الأوّل لهم كما يقول العامل (س.أ) لـ"المرصد العمّالي": "السلامة والنجاة فقط".

بعد أَنْ وضعت هاتفها في وضعية الصامت وألقته داخل حقيبتها؛ استهلّت العاملة (ف.ن) حديثها لـ"المرصد" عن الواقع العمّالي المَعيش في المستوطنات قائلةً: "لأنّ فرص العمل غير متوافرة في الضفة الغربيّة أو سوق العمل الفلسطيني عموما؛ اضطررت إلى العمل في مستوطنة (معاليه أدوميم)، وإذا سألتني لماذا؟ سأجيبك؛ بأنّ ما أحصل عليه في المستوطنة يضاعف ما كنت أحصل عليه عندما كنت أعمل في أحد المصانع الفلسطينية".

لم تمنح العاملة للمرصد فرصة أَنْ يستتبع سؤاله السابق بسؤال آخر؛ فقد أدركت بحدسها الذي نما خلال تجاربها العمليّة؛ بأنّنا نودُّ أَنْ نسألها:"هل يستحق الراتب المضاعف المجازفة؟!" 

إذ استكملت حديثها بعد أن تلّقت رسالةً من المصنع الذي تعمل فيه بأن عليها الحضور مبكّرًا إلى عملها بسبب غياب زميلة لها، واستدركت بالقول: "حتّى أكون صادقةً معك؛ لا شيء يوازي سلامة الإنسان وعودته إلى بيته مطمئنًا، وبخاصة العاملات، اللواتي هنّ عرضة للتحرّش والابتزاز من قبل الحرّاس والمستوطنين الذين لا يصنفوننا كآدميين أصلًا".

وتابعت بالقول: "كنت أتقاضى في عملي القديم 2000 شيكل (ما يعادل 634 دولارا)؛ وزوجي الذي يعمل موظفا حكوميا يتقاضى المبلغ ذاته.. فكيف نعيش؟ وكيف نؤمن لأبنائنا ما يريدونه في ظل غلاء لا يتوقف عن الازدياد والنمو؟".

تعمل (ف.ن) في مصنع للمشروبات الغازيّة، وينحصر عملها في ترتيب الغطاء البلاستيكي الخاص بالعبوة.

"عايدة" عاملة أخرى تعمل في مصنع ألبسة داخل المستوطنة، وهي فتاةٌ تعتمد عليها زميلاتها نظرا لإتقانها اللغة العبريّة، التي يجيدها العمّال، ولكن فيما ينحصر في مجال عملهم، إلّا أنّ "عايدة"، التي درست اللغة العبريّة من خلال معهد للغات في مدينة رام الله، تعتبر مرجعا لزميلاتها اللواتي يحتجن إليها، تحديدا، عندما يتحدّثن مع أرباب العمل، وحرّاس المستوطنة.

روت "عايدة" لـ"المرصد" حادثةً تعرّضت لها إحدى العاملات في المستوطنة؛ وهي حادثة تحرّش ثم اغتصاب ارتكبها حارس في شركة أمنيّة خاصّة بحراسة وحماية المستوطنة، فبحسب العاملة "عايدة"؛ نصب هذا الحارس شركاً لإحدى العاملات الفلسطينيّات.

وتضيف "عايدة": "هذه الفتاة تعرّضت للتحرّش من قبل الحارس، وتحت تهديد السلاح، والابتزاز بتصريح العمل؛ ارتكب هذا الحارس فعله الشائن، وهذا الفعل يهدّد معظم العاملات اللواتي يترقبن المجهول. 

"ولكن ماذا نفعل؟ لقمة العيش ليست سهلةً وتتطلّب المغامرة أحيانًا"، تقول عايدة. 

وأصدر الاتحاد العام لنقابات عمّال فلسطين آنذاك بيانا دان فيه هذا الاعتداء، وأكّد فيه أنّ عاملات فلسطينيّات دفعتهن الحاجة إلى العمل في مستوطنة (معاليه أدوميم)؛ وذلك من أجل العمل و "بلا تصريح"؛ لكي يوفرن لقمة العيش لأطفالهن وأسرهن.

واستنكر البيان ما نتعرّض له العاملات من ابتزاز وتهديد وتحرّش لقاء حصولهن على تصريح عمل.

ويصل عدد العمّال الفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيليّة إلى (19) ألف عامل وعاملة، وفقًا للإحصاءات الرسميّة الفلسطينيّة، من مجمل (160) ألف عامل يعملون في الداخل الفلسطيني المحتل.

ويعمل هؤلاء العمّال والعاملات في ظروف عمل غير لائقة، خصوصا أنّ جلَّ هؤلاء لا ينتمون إلى نقابات عمّالية، ولا يحظون بعقود عمل تضمن لهم حقوقهم؛ بل إنّ هذه الحقوق تنوء تحت وطأة مزاج سماسرة التصاريح، الذين يعتبرون الوسيط بين أصحاب العمل الإسرائيليين وهؤلاء العمّال.