الرئيسية > كيف تواجه السياحة بعجلون والعاملون بها الشتاء؟

كيف تواجه السياحة بعجلون والعاملون بها الشتاء؟

الخميس, 23 كانون الأول 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
كيف تواجه السياحة بعجلون والعاملون بها الشتاء؟
المرصد العمالي الأردني - رزان المومني 
تتميز محافظة عجلون بطبيعة سياحية تجذب الكثير من السياح طوال الصيف، لكن، في فصل الشتاء يختلف الوضع كلياً، وتتراجع أعداد السائحين بشكل ملحوظ، وتقصُر السياحة على مسارات الحج المسيحي، والسياحة الداخلية في أيام الثلج لمحبي أجواء الشتاء.

ويرجع انخفاض أعداد السائحين لأسباب عديدة؛ منها الأجواء الباردة والبنية التحتية التي لا تتناسب وطبيعتها في الشتاء، وعدم وضع خطط شاملة تراعي خصوصيتها.

وهو الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على المشاريع السياحية والعاملين فيها، فيقل عملهم بشكل كبير بين تشرين الثاني وآذار، في انتظار حلول الصيف للعودة إلى الحركة النشطة. 

الشاب العشريني سالم القضاة، يعمل منذ ثلاثة أعوام في المطاعم السياحية المتواجدة بعجلون، يقول إنه خلال أشهر الشتاء يتوقف عمله، وينتظر من أربعة إلى خمسة أشهر، قدوم الصيف ليعاود العمل.

"المطعم الذي عملت به هذا الصيف، لديه صالات مكشوفة ومن الصعب تشغيله في الشتاء، وحتى الصالة المغلقة يزورها عدد قليل، ربما عشرة أشخاص طوال الشهر".

ويشير إلى أن عدد العاملين في المطعم خلال الصيف يقارب 50 عاملاً ويحصلون على أجورهم كاملة، لا يعمل منهم إلا 10 عمال في الشتاء، ومن الممكن أن يقل أجرهم.

ويوضح أنه خلال الفترة التي يتوقف عن العمل في المطعم، يساعد والده في صيانة الأجهزة الكهربائية، ويحاول بهذا تأمين مصاريفه اليومية.

تستهل أميمة حامد، التي تدير صالة في أحد المطاعم بعجلون، حديثها لـ"المرصد العمالي"، بالقول "نحن نكبر عندما تكبر منشآتنا"، وتتابع أن انخفاض الحركة السياحية بعجلون تلحق بهم ضرراً كبيراً، وتجعلهم يشعرون بالضيق خلال أشهر الشتاء.

وهي تتقاضى أجرا مقداره 400 دينار شهريا طوال الصيف، وفي الشتاء يقل إلى النصف، ويجري تغيير على أيام العمل، ليصبح يوماً بعد يوم. 

"في هذه الحالة لا أستطيع العمل بمكان آخر لأنه يتطلب مني التواجد خلال أيام وساعات محددة، وقد يكون العمل الآخر دخله قليل أو بمحافظات أخرى وهذه مشكلة جديدة". 

وهي تعيل والدتها وأشقاءها الثلاثة، "في بعض الأوقات كالشتاء، الأوضاع تكون صعبة للغاية ولا أستطيع شراء أي شيء لي".

وتلفت إلى أنها تواجه صعوبة في الوصول إلى مكان عملها، الذي يبعد عن منزلها أربعة كيلومترات، بسبب وعورة الطرق من جهة وغياب خدمة النقل العام من جهة أخرى، "كل يوم تكلفني أجور التنقل من المنزل إلى مكان العمل ما يقارب 10 دنانير".

في حين يقول عمر المومني، صاحب منتجع سياحي في منطقة اشتفينا، إنه لا يمكن مقارنة أرباح الصيف بالشتاء، "في الشتاء نتوقف عن العمل كلياً، والشتوية باردة في عجلون، ما يجعل الناس يترددون في زيارة الأماكن السياحية، وهذا يؤثر سلباً على المشروع". 

"الصيف يغطي جميع المصاريف ويكون تشغيل المنتجع كاملاً، وفي الشتاء نادراً ما يتم تشغيله، وعادةً نقوم بإجراء صيانة للمنتجع استعداداً للصيف".

ويوضح أنه يعمل لديه ما لا يقل عن 12 شابا طوال الصيف، أغلبهم من طلبة الجامعات، ويأخذون أجورهم بنظام المياومة، وفي أشهر الشتاء يعمل شابان فقط، ويحصلان على أجر، ولديهما اشتراك في الضمان الاجتماعي. 

"إذا استطعنا تغطية رواتب العاملين كاملة في الشتاء خير وبركة، والحركة على المنتجع قليلة، لا تغطي التكلفة التشغيلية التي تُقدر بـ 500 دينار شهرياً".

أما نسيبة فارس، صاحبة مشروع سياحي لتقديم المأكولات الريفية في منطقة دير الصمادية، فتقول إن تشغيل المشروع لا يتعدى 20% بأفضل الحالات.

"المفترض العمل طوال العام لكن بين تشرين الثاني وآذار يقل العمل بشكل ملحوظ، ناهيك عن دفع تكاليف تشغيلية تُقدر بـ 1500 دينار شهرياً".

وتشير إلى أنه قبل جائحة كورونا، كانت تعوض الخسارات بالأرباح التي تجنيها خلال الصيف، بينما في العامين السابقين تآكلت الأرباح، بسبب الإغلاقات والاشتراطات الصحية التي فرضتها الجائحة. 

وتوضح أنه يعمل في المشروع أربعة عاملين، يحصلون على أجورهم حتى وإن لم يعملوا، ولديهم اشتراك في الضمان الاجتماعي، لكن خلال أشهر الشتاء أوضاعهم تكون صعبة، وتقل أجورهم، لكنها لا تنقطع. 

"وقعت في مشاكل قانونية لعدم دفع المستحقات المالية للضمان الاجتماعي، وأفضّل أن أعطي العاملين أجورهم على أن أدفع للضمان".

ويؤكد خبراء لـ"المرصد العمّالي الأردني"، أن معدلات البطالة ترتفع في عجلون خلال فصل الشتاء بنسب تفوق الفصول الأخرى، مما يستدعي وضع خطة شاملة تراعي خصوصيتها السياحية وظروفها الجوية الشتوية، وإنشاء مشاريع ملائمة لطبيعتها تزيد من إمكانية توفير فرص العمل للذكور والإناث.

مدير مديرية سياحة محافظة عجلون محمد الديك يؤكد أن الحركة السياحية في عجلون تقل خلال أشهر الشتاء وهي ليست بالمستوى المطلوب، ولكن لا تنقطع بالكامل، وبخاصة السياحة الدينية.

"هناك ستة مسارات سياحية تبدأ من منطقة مار الياس وتنتهي عند كنيسة سيدة الجبل بمنطقة عنجرة، وهما الموقعان الرئيسان للحج المسيحي بعجلون، هذا المسار لا تتوقف عنه حركة الزوار، وأيضاً خلال أيام الثلج تكون هناك حركة سياحية داخلية". 

ويشير إلى أن أصحاب المشاريع السياحية لا يحصلون على دخل جيد خلال أشهر الشتاء، وبالتالي لا يستطيعون دفع أجور العمال بشكل كامل، "لديهم التزامات تشغيل واشتراكات ضمان اجتماعي وأجور عاملين". 

ويوضح أن المشاريع السياحية المرخصة من الوزارة في عجلون هي 25 مشروعا فقط، ويُقدر عدد العاملين بهذه المشاريع بنحو 250 شخصا، و"هناك عشرات المشاريع السياحية غير المرخصة، وبخاصة المتنزهات والمطاعم، ويعمل بها عشرات العمال.

ويقر بأن المديرية لا تقدم دعما مباشرا لهذه المشاريع، لكنه يستدرك بالقول: "هناك دعم يقدم للسائح، بتغطية تكلفة رحلة الزائر بنسبة 50%، عن طريق برنامج "أردنّا جنة"، وهذا يدعم بشكل غير مباشر المشاريع السياحية.

ويذهب إلى التحديات التي تواجه الأماكن والمشاريع السياحية، وأيضا الزائر عند قدومه لعجلون، وبخاصة خلال الشتاء، من أهمها ضعف البنية التحتية، وبخاصة الطرق المؤدية إلى الأماكن والمنشآت السياحية، وحاجتها للتطوير لتتناسب وطبيعة عجلون في الشتاء "الطبيعة الجبلية الصعبة بعجلون تحتاج إلى تكلفة مالية كبيرة لتطوير وشق الطرق المؤدية لهذه الأماكن، والمخصصات المالية لذلك قليلة".

ويقول حمادة أبو نجمة، الخبير في قضايا العمل والعمال، إن أصحاب المشاريع لا يستطيعون الاحتفاظ بالعاملين طوال فترة التوقف الشتوي، وهذا ما يدفعهم إلى إنهاء خدماتهم أو توقيفهم عن العمل دون أجور، إلى أن تعود الأعمال إلى طبيعتها في الصيف.

"معدلات البطالة ترتفع في عجلون خلال فصل الشتاء بنسب تفوق الفصول الأخرى، وقد يستطيع بعض من يتعطلون عن العمل الانتقال للعمل في محافظات أخرى في أعمال وخدمات مؤقتة أو بالمياومة، وغالباً تكون بأجور زهيدة".

ويرفض فكرة أن "عجلون ليست ملائمة للسياحة الشتوية"، ويرى أنها "غير دقيقة"؛ فهي من أهم المحافظات التي يمكن أن تستقطب السياح والمتنزهين، وبخاصة من محبي الثلوج والأجواء الباردة والجبلية.

ويوضح أن عدم توافر البنية التحتية المناسبة والعملية لطبيعة عجلون في الشتاء، كالطرق الصالحة والمرافق والخدمات التي يحتاجها الزائر، أحد الأسباب التي لا تشجع الناس لزيارة عجلون خلال الشتاء، مما يسبب خسائر كبيرة لأصحاب المشاريع السياحية والعاملين فيها، وتتوقف أعمالهم لمدة تقارب الخمسة أشهر.

"عجلون بحاجة لخطة شاملة تراعي خصوصيتها السياحية، وظروفها الجوية، وتوفير المنح والقروض لإقامة المشاريع التي تتناسب مع ظروف الشتاء، ومساعدة أصحاب المشاريع خاصة الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، لتأهيل مشاريعهم بحيث تتلاءم مع ظروف مختلف فصول السنة وبخاصة فصل الشتاء"، يتابع حديثه لـ"المرصد العمّالي".

ويلفت إلى أهمية إنشاء المخيمات السياحية وتأهيلها وبخاصة داخل الغابات أو المطلة عليها، وتتوافر فيها الخدمات الملائمة وتجهيزات الحماية والسلامة في الظروف الشتوية.

"يجب العمل على تنفيذ حملات دعائية أيضاً، لتسويق المنتج السياحي للمحافظة محليا وعالميا، وجذب المستثمرين وإرشادهم إلى الفرص الممكن أن تتاح لهم لإنشاء استثمارات سياحية ناجحة في المحافظة".

ويؤشر كذلك إلى مشروع التلفريك ودوره في تنشيط السياحة بشكل كبير في الشتاء، وتشجيع المستثمرين على إنشاء مشاريع سياحية تزيد من إمكانات توفير فر