الرئيسية > موظفو شراء الخدمات في "المياه".. عقود تُجبرهم على التنازل عن حقوقهم

موظفو شراء الخدمات في "المياه".. عقود تُجبرهم على التنازل عن حقوقهم

الاحد, 31 تشرين الأول 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
موظفو شراء الخدمات في
المرصد العمالي الأردني – مراد كتكت
يعاني المئات من موظفي عقود شراء الخدمات في سلطة المياه وشركة "مياهنا" من ممارسات وانتهاكاتٍ عديدة، فهم يتقاضون أجورا تقل عن الحد الأدنى للأجور البالغ (260) ديناراً، ومحرومون من شمولهم بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، ومن الاجازات السنوية أو المرضية.

وتلقى "المرصد العمالي الأردني" عدة نُسَخ من عقود شراء الخدمات لهؤلاء الموظفين، إذ تبين في البندين (4 و5) أنهم يتنازلون عن شمولهم بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، باعتبار التزام تعاقدهم عن طريق نظام المشتريات الحكومية، وينحصر بالقيام بمهمات معينة مقابل مبلغ مالي.

وينص البند السابع في العقد على أن طبيعة الالتزام وتعاقد الموظف مع سلطة المياه "تعاقد تقديم خدمة، وليس له الحق بطلب إجازات سنوية أو مرضية أو تقديم مغادرات، وفي حال تغيب الموظف عن تأدية موقع العمل فيتنازل عن البدل المالي لفترة التغيب".

كما ينص البند التاسع على إقرار الموظف بعدم استحقاقه أي مكافأة أو حوافز أو بدل عمل إضافي، وأنه ليس له حق المطالبة بأي من الحقوق أو الامتيازات الواردة في قانون العمل أو الضمان الاجتماعي.

"يا بوقع على العقد أو بوقف راتبي..؟"، هكذا عبّر عامر (اسم مستعار) وهو موظف بعقد شراء خدمات في سلطة المياه، عن معاناته في مكان عمله، فهو مضطر للتوقيع على العقد لتأمين لقمة العيش لأسرته.

ويقول عامر لـ"المرصد العمالي الأردني" إنهم غير قادرين على التقدم بشكوى والمطالبة بحقوقهم، لأن عقدهم لن يتجدد وبالتالي لن يحصلوا أجورهم.

ويوضح أن أجورهم لا تتعدى الـ240 ديناراً، ما يجعلهم غير قادرين على تأمين أبسط الاحتياجات لأسرهم، خصوصا وأن تكاليف العلاج عند مراجعته لأي مستشفى مرتفعة بسبب عدم حصوله على تأمينٍ صحي.

ووصف عامر هذه العقود بـ"التعسفية والعبودية"، فهم مجبورون على إنجاز جميع مهامهم مع تنصل سلطة المياه من كامل مسؤولياتها تجاه حقوقهم العمالية، مثل إصابات العمل.

إذ ينص البند العاشر من العقد بأن "سلطة المياه لا تتحمل أي مسؤولية ناجمة عن حوادث أو إصابات أو أضرار العمل".

الخبير في التأمينات الاجتماعية والناطق السابق باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي موسى الصبيحي يقول إن أي شخص يلتحق بالعمل لدى أي منشأة في القطاع العام أو الخاص يعتبر مؤمّناً عليه حُكماً ومشمولاً بأحكام قانون الضمان الاجتماعي بصفة إلزامية، إذا كان يؤدي عملاً لدى المنشأة ويعمل تحت إدارتها وإشرافها ويتقاضى أجراً مقابل ذلك العمل.

ويوضح الصبيحي في تصريحٍ إلى "المرصد العمالي الأردني" أن صاحب العمل مُلزم بشمول العامل لديه بمظلة الضمان بصرف النظر عن طبيعة الاتفاق أو التعاقد على العمل أكان بأسلوب التعيين أو بموجب عقد، أو تكليف، أو أي شكل آخر، ومهما كانت طبيعة الأجر أو طريقة احتسابه أو قبضه بالمياومة أو بالمكافأة أو الراتب الشهري أو الأسبوعي أو السنوي.

ويرى أن أي شرط يتضمنه عقد العمل بين العامل وصاحب العمل ينص على التنازل أو عدم الحق بالشمول بالضمان الاجتماعي هو "شرط باطل ومخالف للقانون، ولا يُعفي صاحب العمل من مسؤوليته القانونية تجاه قانون الضمان والأنظمة الصادرة بموجبه".

ويشير الصبيحي إلى أن نظام الشمول بتأمينات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي نص على أنه "لا تحول إرادة صاحب العمل أو العامل أو الاتفاق المعقود بينهما صراحةً أو ضمناً دون شمول المؤمن عليه بأحكام القانون".

كما أشار إلى أن قانون الضمان يشترط للشمول أن تكون العلاقة بين العامل وصاحب العمل منتظمة، وهي تكون كذلك إذا عمل العامل الذي يتم تعيينه بأسلوب المياومة لمدة ستّة عشر يوماً فأكثر في الشهر الواحد، وللعامل بالساعة, أو القطعة, أو بالنقلة, إذا عمل (16) يوماً فأكثر في الشهر الواحد, بصرف النظر عن عدد ساعات العمل أو عدد القطع أو النقلات في اليوم الواحد.

أما بالنسبة للعامل الذي يتقاضى أجراً شهرياً، أكد الصبيحي أنه يعتبر مشمولاً بأحكام قانون الضمان بصرف النظر عن عدد أيام عمله في الشهر الواحد باستثناء الشهر الأول لالتحاقه بالعمل، فيجب أن يكون قد عمل لمدة (16) يوماً على الأقل، أما الأشهر التي تلي ذلك فلا يشترط عدد أيام محدّدة, وبالتالي يتم شموله من الشهر التالي لالتحاقه بالعمل.

وكان الناطق باسم وزارة المياه والري عمر سلامة صرّح لوسائل الإعلام أن العاملين ضمن عقود شراء الخدمات في الوزارة لا يخضعون لجدول التشكيلات ولا لنظام الخدمة المدنية، لذلك لم يتم شمولهم بالضمان الاجتماعي.

غير أن الصبيحي ينتقد هذه التصريحات، ويقول: "حتى وإن لم يكونوا ضمن جدول تشكيلات الوزارة أو خاضعين لنظام الخدمة المدنية، إلا أنهم في واقع الحال يعملون بصفة عامل أو موظف أكان في الميدان أو في مكاتب السلطة، ومطالبون بالالتزام بفترات الدوام المحددة.

ولفت إلى أن مهامهم تُشرِف عليها الإدارات المختصة في مكاتب المياه أو في الميدان، ويتقاضون رواتب شهرية أو يومية أو مكافآت سنوية مقابل ما يقدّمونه من أعمال.

وتساءل الصبيحي: "إذا كان الشمول بالضمان ليس من حق الموظفين بعقود شراء الخدمات، فلماذا وُضعت بنود في تلك العقود تنص على تنازل موظف شراء الخدمات عن المطالبة بالشمول بأحكام قانون الضمان الاجتماعي؟".

وينص البند الثاني من عقود شراء الخدمات لهؤلاء الموظفين على التزام الموظف بأوقات وساعات العمل المحددة وحسب تعليمات وأنظمة وخطط سلطة المياه ووفق الأوامر الصادرة عن المسؤولين المباشرين عن العمل والخدمة التي سيقدمها الموظف.

إضافة إلى التزام الموظف بنظام الختم والتوقيع اليومي المعتمد والمصادق عليه من قبل المسؤول المباشر لاعتماد كشف الإنجاز والعمل الخاص بالموظف.

ويصل عدد موظفي شراء الخدمات في سلطة المياه وفي شركة "مياهنا" إلى أكثر من 500 موظف وفق تقديرات الصبيحي.

ويتفق مدير مركز بيت العمال حمادة أبو نجمة مع ما ذهب إليه الصبيحي من حيث أن أي شرط يتضمنه عقد العمل وينص على تنازل العامل عن حقوقه المنصوصة في قانوني العمل والضمان الاجتماعي هو "باطل".

ويوضح أبو نجمة لـ"المرصد العمالي" أن موظفي شراء الخدمات يخضعون لقانون العمل وتنطبق عليهم جميع أحكامه، إذا كانوا لا يخضعون لنظام الخدمة المدنية أو ضمن جدول التشكيلات.

ويشدد على ضرورة حصول هؤلاء الموظفين على حقوقهم العمالية كافة، حتى وإن كانوا يقدمون خدمة كما هو منصوص في عقودهم، إلا أن طبيعة عملهم والتزامهم بساعات العمل وتأديتهم للمهام الموكلة إليهم تُلزم وزارة المياة شمولهم ضمن أحكام قانون العمل.