الرئيسية > ماذا يضيف "العمل اللائق" للقطاعات والعمال؟

ماذا يضيف "العمل اللائق" للقطاعات والعمال؟

الاربعاء, 06 تشرين الأول 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
ماذا يضيف
المرصد العمالي الأردني – مراد كتكت
بالرغم من أن الأردن وقّع ثلاثة برامج للعمل اللائق مع منظمة العمل الدولية، كان آخرها عام 2018، إلا أن شروط "العمل اللائق" في العديد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية ما تزال في تراجع مستمر، خصوصاً بعد تأثيرات جائحة كورونا.

هذا التراجع كان على مستويات عديدة، مثل مستوى الأجور، والحماية الاجتماعية المتمثلة بشكل أساسي بمظلة الضمان الاجتماعي، وحرية التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية، وإنفاذ قانوني العمل والضمان الاجتماعي.

ويتمثل العمل اللائق في تعزيز سبل التشغيل الكامل للقوى العاملة وبناء بيئة مؤسسية واقتصادية مستدامة بحيث توفر للعاملين فرص للتطور الوظيفي، إلى جانب تعزيز تدابير الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي لجميع القوى العاملة بشكل مستدام، وتوفير أجر للعاملين يوفر لهم مستوى معيشيا كريما.

كذلك توفير أدوات حوار اجتماعي فعالة بين المنظمات النقابية للعمال وأصحاب العمل والحكومة، بما يمكن مختلف هذه الأطراف من المساهمة الفعالة في تطوير سياسات اقتصادية وطنية توافقية تعمل على حماية مصالح مختلف الأطراف، وربط ذلك بالاعتراف بالحق في حرية التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية، إلى جانب الالتزام في تطبيق الحقوق والمبادئ الأساسية في العمل المرتبطة بساعات العمل وشروط الصحة والسلامة المهنية وغيرها.

يقول الخبير الاقتصادي حسام عايش إن شروط العمل اللائق هي متطلبات ذات أولوية في سوق العمل من أجل خلق بيئة آمنة للعاملين والعاملات في مكان عملهم، وحصولهم على أجور عادلة، وضمان مستقبل وظيفي مستقر لهم، والحفاظ على حقوقهم العمالية كافة.

ويبين عايش لـ"المرصد العمالي الأردني" أن توفير بيئة عمل آمنة، وتطبيق القوانين ذات العلاقة بعدالة وشفافية، ورفع الأجور بما يتواءم مع متطلبات المعيشة وربطها بمعدلات التضخم، وغيرها من الشروط اللائقة، سينعكس إيجاباً على أداء العامل أو العاملة وبالتالي إحداث فرق ملموس في نتائج عمل القطاعات.

ويرى عايش أن هذه الشروط ستخفف من الخسائر "الصامتة" في العمل، موضحاً بالقول: "لا يمكن لصاحب العمل أن يراقب أداء العامل أو العاملة، فإذا لم تتوافر شروط العمل اللائق لن يكون هناك سرعة في الإنتاجية نتيجة عدم رضى العمال بالشروط، وسيخلف ذلك أضرار وخسائر غير ظاهرة الأسباب لدى صاحب العمل.

كذلك ستزيد شروط العمل اللائق من مشاركة المرأة اقتصادياً وانخراطها في سوق العمل، إذ أن نسبة مشاركتها في الأردن لا تتعدى الـ15 بالمئة، وهي أقل نسب في العالم، وأغلبهن يعملن في قطاعي التعليم والتمريض، ما يعتبر نوع من أنواع "تأنيث المهن".

ويشير إلى أن النساء يواجهن تحدياتٍ عديدة في بيئة العمل تحد من مشاركتهن في سوق العمل مثل التحرش اللفظي والجنسي، والفصل من العمل على أساس النوع الاجتماعي، وعدم المساواة في الأجور، وغياب حضورهن في المناصب العليا، والعديد من الانتهاكات لحقوقهن العمالية.

ويعتقد عايش أن توفير شروط العمل اللائق سينكعس إيجاباً أيضاً بشكل مباشر على النمو الاقتصادي الذي يعتبر الركيزة الأساسية في توليد فرص العمل، خصوصا أن الأردن يواجه معدلات بطالة غير مسبوقة، إذ وصلت خلال الربع الأول من العام 2021 الحالي إلى 25 بالمئة.

من جهته، يقول الكاتب الاقتصادي ومدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض إنه بالرغم من أن الأردن التزم باحترام معايير العمل اللائق، "نجد أن شروط العمل في تراجع مستمر، سواء على مستوى الأجور المنخفضة بشكل عام وعدم مواءمتها مع تكالیف المعیشة، أو على مستوى الحماية الاجتماعية".

ويوضح عوض، من خلال مقالات عديدة نشرها عن العمل اللائق، أن غالبیة الأهداف التي التزم بها الأردن سابقا من خلال برامج العمل اللائق وأولوياتها التي وقعها مع منظمة العمل الدولية، لم تتحقق.

ويشير إلى أن القدرة على توفیر فرص عمل كما جاء في الأولویة الأولى لم تتحقق وتراجعت، مبيناً أن فرص العمل المستحدثة في العام 2007 قاربت الـ70 ألف فرصة عمل، في حين تراجعت ووصلت إلى ما یقارب 50 ألف فرصة في العام 2016

كذلك الحال بالنسبة للحمایة الاجتماعیة المتمثلة بشكل أساسي في مظلة الضمان الاجتماعي؛ إذ يؤكد عوض أن ما یقارب نصف القوى العاملة (أردنیین وغیر أردنیین) ما يزالون غیر مشمولین بالضمان الاجتماعي، ويلفت إلى أن قطاعات واسعة ما تزال نسبة التهرب التأمیني فيها تزید، مثل السكرتیرات والعاملین في صالونات التجمیل والورشات الحرفیة والمیكانیك.

أما فیما یتعلق بالحوار الاجتماعي وتعزیزه، قال عوض إن بعض نصوص قانون العمل والتعدیلات التي أجریت عليه في العام 2010، سارت بعكس مضامین برنامجي العمل اللائق الأول والثاني؛ إذ حرمت المادة (2) من القانون "مجموعة من العمال" من حق الاستفادة من أدوات فض نزاعات العمل الجماعية التي يقرها القانون، وقُصر ذلك على النقابات العمالية.

كذلك المادة (44) التي تحرم "مجموعة من العمال" من إجراء مفاوضات جماعية مع أصحاب الأعمال في المؤسسات التي يعمل فيها (25) عاملاً فأكثر، مرتين على الأقل سنوياً.

ويبين أن ذلك حرم الغالبية الكبرى من العاملين في الأردن من حق المفاوضة الجماعية والاستفادة من أدوات فض نزاعات العمل الجماعية، لأن غالبية العاملين في القطاع الخاص غير منضوين في نقابات عمالية بسبب القيود المفروضة في الفقرة (د) من المادة (98) من القانون ذاته.

وأعطت المادة (98)، وفق عوض، الحق لوزير العمل بوضع تصنيف للصناعات والأنشطة الاقتصادية التي يجوز فيها تشكيل نقابات عمالية، مخالفة بذلك أبسط معايير الحق في التنظيم النقابي المتعارف عليه دولياً، ومخالفة للعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي صادق عليه الأردن منذ 12 عاماً.

كذلك، المادة (116) التي منحت وزير العمل صلاحية حل الهيئة الإدارية للنقابة وتعيين هيئة إدارية مؤقتة، بعد أن كانت بيد القضاء.

ويطلق "المرصد العمالي الأردني" التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية للسنة الثانية على التوالي حملته، السنوية لتسليط الضوء على قضايا العمل اللائق في الأردن، والتي شهدت تراجعا ملحوظا بعد جائحة كورونا.