الرئيسية > ما دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة بتحقيق التنمية وتخفيف البطالة؟

ما دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة بتحقيق التنمية وتخفيف البطالة؟

الاثنين, 06 أيلول 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
ما دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة بتحقيق التنمية وتخفيف البطالة؟
المرصد العمالي الأردني - رزان المومني 
تستيقظ أم سمير، صاحبة مشروع بيع خبز الطابون والمأكولات الشعبية، منذ الفجر، لتعجن وتخبز، وتستعد بعدها للذهاب من قرية السفينة غرب محافظة عجلون إلى العاصمة عمان، حيث البيع هناك.


في عمان، وتحديداً في جبل اللويبدة، وأحياناً أخرى في منطقة الرابية، وبرفقة زوجها وثلاثة من أبنائها، تجدها جالسة أمام فرن الطابون الذي صنعته بيديها، "تُقرّص العجينة وتفردها ثم تخبزها"، وتشرح للزبائن كيفية إعداد المخبوزات والمأكولات الشعبية.


رغم التحدي الذي يواجهها خلال تنقلها من عجلون إلى عمان وبُعد المسافة التي تستغرقها نحو ساعة ونصف الساعة، وهي اختارت عمّان "لقلة وجود هذه المأكولات فيها"، كما تقول أم سمير لـ"المرصد العمالي".


جعلت أم سمير من هذا المشروع مصدر دخل رئيس لها ولعائلتها المؤلفة من سبعة أفراد، فمنذ عام 2019 وهي تستأجر أرضا وتزرعها وعائلتها بالقمح، تحصده وتطحنه بنفسها، لتُعد المخبوزات المختلفة (زلابيا، قسماط..الخ)، وتطور المشروع فيما بعد ليصبح مأكولات شعبية أيضاً.


توضح أم سمير لـ"المرصد العمالي"، أنها تبحث عن جهات داعمة، أو قروض ميسرة، تضمن لها استمرار المشروع وتطويره، خصوصا وأنه يشغّل خمسة من أفراد الأسرة، ويساهم في تحسين أوضاعهم المالية.
 

يقول أبو سمير أن زوجته تستيقظ الساعة الثالثة صباحاً "بدري"، كي تعجن العجينة، لتخبز "القسماط" عند السادسة، "أحيانا الوضع الصحي لأم سمير لا يسمح لها أن تصحو باكرا وتعجن، آمل أن تشتري عجّانة آلية بدل من الطريقة التقليدية التي تأخذ من وقتها وجهدها". 


تتنوع أحجام المشاريع من (متناهية الصغر، صغيرة، متوسطة وكبيرة)، ولكل نوع فرص وتحديات مختلفة، وتمر جميع هذه المشاريع بمراحل مختلفة من بدء التشغيل والاستدامة إلى مرحلة النمو. وقد تكون في بدايتها مشروعات صغيرة جداً تشغّل شخصاً واحداً، لتتطور إلى متوسطة أو تصل إلى مشروعات كبيرة.


 وتختلف معايير تصنيف المشاريع من دولة لأخرى ومن قطاع لآخر، ولكن ما تعتمده وزارة الصناعة والتجارة الأردنية، هو أن المشاريع التي يعمل فيها (4 عمال فما دون) هي مشاريع متناهية الصغر، وما بين (5 و 19) عاملاً مشاريع صغيرة، وما بين (20 و99) عاملاً مشاريع متوسطة، وما فوق ذلك مشاريع كبيرة.


يعتبر مشروع أم سمير وعائلتها في بداية انطلاقه من المشاريع متناهية الصغر الذي أصبح فيما بعد من المشاريع الصغيرة، التي تسعى إلى تطويره واستمراره رغم عدم وجود دعم من أي جهة، وفق قولها لـ"المرصد".


يعتمد العديد من سكان محافظة عجلون على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مصدر دخل رئيس، وتشكل (28%) من الوظائف، وبنسبة نمو واستقرار لا ُتجاوز (32%)، وفق دراسة أعدتها منظمة ميرسي كور، ومقرها المملكة المتحدة، بعنوان "تقييم سوق العمل" عام 2018، الأمر الذي يشكل تحدياً لاستدامة هذه المشاريع وتطويرها.

تلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة دوراً حيوياً في الاقتصاد الأردني، ولها دور كبير في إيجاد فرص العمل للأردنيين، حيث تشكل (70%)  من فرص العمل، وتساهم في (40%) من الناتج المحلي الإجمالي، وفق ما أكده دليل صادر عن البنك المركزي الأردني عام 2017.


وكان الملك عبدالله الثاني أكد في شباط الماضي خلال لقائه شخصيات من محافظات عدة، أهمية التركيز على إقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة والزراعية، لدورها في التنمية وتوفير فرص العمل.


يقول علي المومني، الخبير في إدارة المشاريع ودراسة الجدوى، إن عددا كبيرا من المشاريع الصغيرة والمتوسطة تفشل ولا تستمر، لعدة أسباب؛ منها: سوء إدارة هذه المشاريع، وعدم إعداد دراسة جدوى للمشروع. 


ويلفت إلى أن هناك جهات داعمة للمشاريع تقدم تدريبات واستشارات؛ كبرنامج تعزيز الإنتاجية الاقتصادية الصادر عن وزارة التخطيط من خلال مراكز "إرادة"، وعادةً ما تُعِد دراسة جدوى مجانية لأصحاب المشاريع.


ويشير إلى أن هذه المشاريع تساهم في تحقيق الأمن الغذائي في عجلون، من خلال إعادة تصنيع المنتجات الغذائية؛ كالمرَبيات وتجفيف الفواكه والأعشاب الطبية. 


ويلفت المومني إلى أن الحل لاستمرار المشاريع وتطورها، يكمن في توسيع تمويلها، وتقديم التدريبات اللازمة لأصحاب المشاريع وإتاحتها من خلال حاضنات الأعمال، وعمل الأسواق العامة والمعارض وبخاصة في المواقع السياحية.


يقول ثائر القدومي، الباحث في الميدان الاقتصادي، إن المشاريع الصغيرة في الدول النامية بخاصة، تلعب دوراً مهما في الحد من البطالة وفي المناطق الريفية تحديدا، باعتبار أن الشركات الكبرى والصناعية، التي تعتمد على المناطق الحضرية، قد "فشلت في لعب دور مميز في معالجة البطالة".


ويرى أن نجاح أي اقتصاد في العالم ونموه يعتمد على المشاريع الصغيرة والمتوسطة بنسبة تصل إلى (90% - 95%) من إجمالي المشاريع، وهو ما يستدعي من الحكومة "تشجيع الناس على إنشاء هذه المشاريع".


ولاحظ القدومي عدم وجود تشريعات وسياسات حكومية واضحة ومحددة لدعم وتنظيم المشروعات الصغيرة، وافتقارها إلى الخطط والاستراتيجيات والهياكل التنظيمية السليمة التي تضمن نموها واستمرارها، واعتمادها على المهارات التقليدية وبخاصة في التسويق، وانخفاض مستوى التكنولوجيا في إدارة أعمالها.


ويقترح تأسيس جمعيات أهلية تُعنى بالتمويل والإشراف على هذا النوع من المشاريع على مستوى المنطقة أو المحافظة، بحيث تُدار من قبل أعضاء منتخبين يملكون المهارة والكفاءة العالية للإشراف على هذه المشاريع على مستوى المنطقة أو المحافظة.