الرئيسية > بين تهديدات وشكوى.. خالد ضحية العقد الشفوي

بين تهديدات وشكوى.. خالد ضحية العقد الشفوي

الثلاثاء, 17 آب 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
بين تهديدات وشكوى.. خالد ضحية العقد الشفوي
المرصد العمّالي الأردني – رزان المومني
لم يدرك خالد قنديل أنه بعد ثلاث سنوات من العمل في إحدى الشركات الأجنبية سيتعرض للتهديدات، أو تُرفع بحقه دعوة "كيدية".

بتاريخ 25/6/2017 انتهى عقد عمل خالد في شركة بناء محطة تحويل كهرباء في منطقة الكرامة - الشونة الجنوبية، وعن طريق الصدفة وفي نفس المنطقة، التقى بشخص أجنبي، 
أخبره أنه مدير مشروع أبراج الضغط العالي ويبحث عن سكن ومكتب.

وأسهبا في الحديث، وأخبره المدير أنه سيبدأ في أعمال مشروع لأبراج الضغط العالي؛ لتوصيل الكهرباء من منطقه الكرامة إلى الهاشمية في الزرقاء، مروراً بعدة محافظات وقرى بين الجبال الخالية، سوى من "الزعران".

 ولأن خالد يتحدث الإنجليزية، ويعرف مناطق تنفيذ المشروع جيداً، في اليوم التالي تواصل معه المدير، وطلب منه المساعدة، "شعرت كأنني أنقذته من الغرق"، يقول خالد لـ"المرصد العمّالي"، وبعدها اتفقا على موعد المقابلة دون تردد.

ذهب خالد إلى المقابلة يحمل بيده السيرة الذاتية، وعرضها على المدير للعمل بالمشروع، فأبدى إعجابه، وطلب منه أن يقابله في مكتب إدارة الشركة الواقع في خلدا بعمان، وبحضور المدير العام أيضاً.

بتاريخ 7/7/2017، بدأ خالد العمل في الشركة، كسائق وموظف علاقات عامة، بعقد شفهي سنوي، وبأجر (1100) دينار، و(100) دينار، تصرف نقداً من مستودع الشركة في الشونة الجنوبية.

وطلبت الشركة أن يكون لديه "بيك أب"، فاشترى "بيك أب متسوبيشي موديل 2016"، بقسط شهري (500) دينار.

في السنة الأولى لم يكن هناك ضغط عمل، ولكن في السنة الثانية بدأ الضغط، فكان يعمل  (24 ساعة)، وسبعة أيام في الأسبوع، في مسميات وظيفية أخرى.

"أصبحت في الواجهة في كل أعمال الشركة، حتى صار لي عداوات من زعران وخاوات وتهديدات من أشخاص يرفضون وجود شركات أجنبية في الأردن"، يوضّح خالد لـ"المرصد العمّالي".
    
بتاريخ 23/7/2020، استلم خالد رسالة عبر البريد الإلكتروني مفادها إيقاف العقود بينه وبين الشركة، وحظر المراسلات ومنعه من دخول الشركة، ليس هذا وحسب، بل رفعت الشركة "شكوى كيدية" ضده، واتهمته بسرقة كمية كبيرة من حديد الأبراج، وفق ما أفاد لـ"المرصد العمّالي". 

 وعلِم خالد فيما بعد أن هناك اتفاقا بين اثنين ممن هددوه سابقاً والشركة، بالتخلص منه وتسليم جميع أعمال الشركة إليهما، وتبليغ جميع الآليات بالتعاقد معهم إجبارياً.

يقول جمال الناصر، مستشار إداري في الشركة، كنّا نرى خالد يتردد بين فترة وأخرى على الشركة، وحين نسأل الإداريين كانوا يجيبون بأن بينهم عقود تأجير سيارات "بيك أب" ومعدات باسم شركة الختام.

ويوضح جمال لـ"المرصد العمّالي"، أنه في بعض الأحيان كانت الشركة تفوض خالد بحكم عمله في الميدان.

كانت الشركة تنفذ مشاريع أبراج ضمن أراضٍ في منطقة نهر الزرقاء، وكان أسامة القرعان يمتلك قطعة أرض في المواقع، يقول: "خالد هو من تفاوض معي لاستكمال المشروع، وأعطاني تعويضا عن الأشجار التي قطعت من أرضي". 

يؤكد القرعان، والذين يؤجرون السيارات للشركة، بأن خالد كان موظف علاقات عامة في الشركة بعقد شفوي، ويأخذ كل شهر راتب عن طريق الفواتير. 

"خالد مسؤول عن المعدات والآليات، عن الشقق للعمّال، الجميع يعرف أن خالد المفوض للشركة، كان الكل بالكل." يقول القرعان لـ"المرصد العمّالي". 

محامي الشركة عمرو الرواشدة يقول إن خالد لم يكن عاملا في الشركة وإنما صاحب عمل، يؤجر سيارات "بيك أب"، "كان شخصا شجاعا، تطوع من تلقاء نفسه للدفاع عن الشركة وحل مشكلاتها".

ويوضح الرواشدة بأن العقد الوحيد بين الشركة وخالد هو عقد تأجير معدات وسيارات "بيك أب" مع سائقيها بقيمة محددة وبالتعاون مع شركة الختام.

ويشير الرواشدة إلى أنه كان يحصل على مبلغ رمزي (25 دينارا)، مقابل كل عملية تفويض أو قضية تواجه الشركة. 

ولم تكتف الشركة بذلك، بل ولم تعطه رواتبه المستحقة خلال جائحة كورونا؛ لإجباره على توقيع مخالصة نهائية.

 لم يستطع خالد تحمل الضغط المادي والنفسي، الأمر فاضطر إلى توقيع مخالصة، دون الحصول على حقوقه العمّالية، وأصبح عاطلاً عن العمل.

"توقيع مخالصة بمثابة اغتصاب، عن طريق الضغط النفسي والإكراه؛ وبخاصة في مثل هذه الظروف"، يؤكد خالد لـ"المرصد العمّالي".

تقدم خالد بشكوى لوزارة العمل أكثر من مرة، لكن لم يستطع المفتش الحصول على إثباتات من ملفات الشركة، تثبت أنه يعمل لديها، ونفت الشركة ذلك أيضاً، مدعية أنها تتعامل معه لتأجير سيارة الـ"بيك أب".

وبعد أن كان خالد يحل مشاكل العمّال في الشركة، صار يحتاج من يحل مشكلته، وهو يحمّل مسؤولية ما حدث له لمكتب تفتيش العمل، ويقول إنه "كان بإمكانه التحرّي بطريقة أفضل للوصول إلى الحقيقة".

الإطار القانوني
عرّفت المادة 2 من قانون العمل الأردني "عقد العمل" أنه "اتفاق شفهي أو كتابي صريح أو ضمني يتعهد العامل بمقتضاه أن يعمل لدى صاحب العمل وتحت إشرافه أو إدارته مقابل أجر. ويكون عقد العمل لمدة محدودة أو غير محدودة أو لعمل معين أو غير معين".

يقول حمادة ابو نجمة، الخبير في القضايا العمّالية، إن العقد الشفوي والخطّي هما بنفس القوة القانونية، والعامل يستطيع أن يرفع قضية ضد الجهة التي يعمل لديها لإثبات حقه وعقد عمله. 

ويوضح أبو نجمة أن القضاء يتعامل مع مثل هذه القضايا من خلال وسائل الإثبات المستطاعة؛ كالشهود، وكشوفات الرواتب في حال كانت الشركة كبيرة، واستدعاء الشخص المنظِّم لهذه الكشوفات، أو أي وسيلة تثبت أنه يعمل مع الشركة.

من جانبه، يوضح مدير مديرية تفتيش عمل عمان هاني الزبون أن المديرية تابعت قضية العامل خالد، ونظرت في كشوفات الموظفين في الشركة، ولم يثبت أنه يعمل لدى الشركة، ويؤكد لـ"المرصد العمّالي" أن مديرية التفتيش ليست قضاء، والقضية بحاجة إلى القضاء. 

فيما يخص اتهام خالد مديرية التفتيش بالتقصير، يؤكد الزبون أن باستطاعته تقديم شكوى ضد المديرية، "ونحن مستعدون لتقديم شروحات الشكوى العمّالية للقضاء".