الرئيسية > العطلة البرلمانية توفر الفرصة لفتح ملف قانون العمل

العطلة البرلمانية توفر الفرصة لفتح ملف قانون العمل

الاحد, 13 حزيران 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
العطلة البرلمانية توفر الفرصة لفتح ملف قانون العمل

المرصد العمالي الأردني – أحمد الملكاوي

ترافق الجدل الدائر شعبيا حيال برنامج الإصلاح السياسي والاقتصادي الذي تحدث فيه الملك عبدالله الثاني أخيراً، وتشكيل لجنة تحديث المنظومة السياسية ، مع فض أعمال الدورة غير العادية لمجلس النواب التاسع عشر.

فضّ الدورة حمل بطياته تأخير مناقشة مشروع القانون المعدل لقانون العمل، الذي يُتوقع انتهاء اللجنة النيابية المختصة من مناقشته ورفعه للمجلس قريبا جداً. وربما يمتد هذا التأخير إلى الدورة العادية المقبلة المزمع انعقادها (دستوريا) اعتباراُ من تشرين أول المقبل.

لم تكن الشهور الماضية سهلة على الأردنيين، إذ مرت البلاد بتوتر على الأصعدة كافة، ما يتطلب اليوم رفع سقف الحريات وإجراء إصلاحات اقتصادية جذرية تشمل العمال.

وهذا يستدعي مراجعة أذرع الإصلاح، على مستوى التشريع، وتطبيق البرامج التشغيلية، والسماح بتشكيل النقابات والجمعيات دون خلق ضغوطات تحرمها ممارستها حرية الرأي والتعبير.

وأحد أبرز هذه الأذرع هو قانون العمل، وهو من أهم القوانين المعمول بها في المملكة؛ فنسبة العاملين في القطاع الخاص تتجاوز 50% من مجموع المشتغلين في المملكة، في ظل بطالة مرشحة لمزيد من الارتفاع، إذ وصلت إلى 24.7%، نهاية العام الماضي. 

يعد قانون العمل من أبرز قيم الإصلاح والسبيل إليه، حيث تتميز الدول المتقدمة سياسيا واقتصاديا بوجود قوانين عمل قوية تضمن حقوق العامل بالمعايير الدولية لذلك يصل أمن مجتمعي، فالقانون الذي يحفظ هيبة العمال وحقوقهم ويعطيهم حق التجمع وتشكيل الجمعيات والنقابات وممارسة ما يريدون، يقود إلى سلم المجتمع وتحصيل الحقوق دون اللجوء إلى العنف.

إلّأ أنّ قانون العمل الأردني شابهُ الكثير من التشويه، وبخاصة خلال العقدين الماضيين؛ فقد تم تعديله  12 مرة منذ عام 1996 ونحن اليوم على باب التعديل رقم 13، دون استقرار تشريعي لمنظومة العمل التي تمس الملايين العاملين والعاملات في الأردن.

منذ كانون الثاني الماضي، تتشاور لجنة العمل النيابية وتجتمع مع مختلف الجهات، لمناقشة مشروع القانون المعدل لقانون العمل، المكون من 9 موادّ، لا يراها المجتمع المدني المهتم بالقطاع العمالي، مجدية كثيراً، والأحق اليوم إعطاء حقوق التمثيل النقابي وتشكيل الجمعيات دون رقابة أو موافقات مباشرة من الحكومة، فبتنا نلقى سطوة على النقابات العمالية.


رفضت منظمات عديدة التعديل المقترح على قانون العمل، وطالبت بسحبه من مجلس النواب وفتح القانون كاملاً، لتعديل كل ما تشوّه، للوصول إلى المعايير الدولية للعمل، الّا أنّ اللجنة النيابية أصرت على موقفها بعدم رد المشروع واستكمال النقاش مع بعض المنظمات، دون تغيير على ما ورد من الحكومة.

ووفق رصد "المرصد العمالي الأردني" فقد تركز النقاش على تعديل المادة 29 من القانون الأصلي وإضافة "التحرش" إلى الحالات التي يحق للعامل فيها ترك العمل دون إشعار صاحبه، فضلاً عن حذف المادة 69 من القانون الأصلي التي تحدد الأعمال والأوقات التي تعمل فيها النساء.

كان مزمعا أن ترفع اللجنة المشروع إلى المجلس بعد إقراره، الّا أنّ ذلك تأخر ولم يحدث، ودخل المجلس في تداعيات قضية النائب المفصول أسامة العجارمة منذ أسبوعين، وبعد ذلك صدرت الإرادة الملكية بفض الدورة غير العادية للمجلس قبل أن ترفع اللجنة المشروع وتوصياتها إليه.

وإذا لم تنه اللجنة مناقشاتها لمشروع القانون في الأيام القليلة القادمة وتوصي بإعطائه صفة الاستعجال، بما يفتح الباب على إدراجه على جدول أعمال الدورة الاستثنائية المتوقعة، فلن يُعرض على المجلس قبل أربعة شهور من الآن (على الأقل).

ويقول مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، إنّ المجتمع المدني أمام فرصة مهمة لفتح مختلف مشكلات قانون العمل والمطالبة برد مشروع القانون المعدل، وبات عليه اليوم فتح مشاورات واسعة مع برلمانيين ووزراء سعياً لإعادته إلى الحكومة.

ويؤكد عوض لـ"المرصد العمالي الأردني" أنّ على المجتمع المدني التوجه إلى لجنة الإصلاح المشكلة أخيرا، لإقناعها بأنّ قانون العمل جزء لا يتجزأ من منظومة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويجب أخذه على محمل الجد في مختلف الجوانب، فالعمال اليوم يجب أن يحصلوا على حقوقهم لنصل إلى مرحلة التماسك المجتمعي.


ويشدد على ضرورة  أن يخضع القانون كاملاً للتعديل وبخاصة ما يتعلق بمواد حرية التشكيل النقابي، لأنّ القانون الحالي يسمح للوزير بحلها دون انتظار قرار قضائي.

ويشير عوض إلى ضرورة الوصول إلى القائمين على لجنة الإصلاح واستثمار الفرصة حيث قد يغيب مجلس النواب عن الاجتماع أربعة أو خمسة شهور قادمة، ما يعني أنّ الوقت كافٍ للضغط على الجهات الحكومية لسحب مشروع المعدل لقانون العمل أو اللجنة النيابية للتوصية برده.

من جانبه يقول رئيس جمعية بيت العمال، حمادة أبو نجمة إنّ موقف المجتمع المدني لم يتغير لضرورة رد المشروع قبل إقرار التعديل، والأفضل أنّ يفتح القانون كاملاً لمراجعته وتعديل ما يلزم.

ويؤكد أبو نجمة لـ"المرصد العمالي" أنّ المجتمع قد يستغل فرصة عدم اجتماع النواب خلال الفترة القادمة، والعمل على فتح حملة سحب القانون مجدداً.

ويبين أنّ الموقف لم يتغير من قبل منظمات المجتمع المختصة بشأن العمل، رغم تغير الحكومة ووزراء العمل، حيث شهدنا 4 وزراء عمل خلال عام مضى.

ويشير إلى أنّ مختلف فئات المجتمع يجب أن تنظر إلى قانون العمل، على أنه لا يفرق بين ذكر أو أنثى، وليس التركيز على تحقيق منافع لأغراض جندرية فقط.

وتتفق ليندا الكلش مديرة جمعية تمكين للمساندة القانونية، مع عوض وأبو نجمة، بأنّ الشهور القادمة قد تكون فرصة للمجتمع المدني في الضغط على الحكومة لسحب مشروع معدل القانون، خصوصا وأنّ عدة تشوهات تشوبه بالوضع الطبيعي.

وترجّح الكلش أنّ يتحرك المجتمع المدني خلال الفترة القادمة في سبيل الضغط لسحب مشروع القانون والعودة إلى القانون الأصلي وفتح حوار شامل حوله.

وكانت قد طالبت منظمات مجتمع مدني في شباط الماضي، مجلسي الأعيان والنواب برد تعديلات قانون العمل، التي تناقشها حاليا لجنة العمل النيابية، او أن تقوم الحكومة بسحبه وإعادة مراجعته بهدف إجراء عملية إصلاح شاملة لأحكامه، وفتح حوار وطني فعال على قاعدة المعايير الدولية ذات الصلة التي التزم بها الأردن، والمبادئ والمنهجيات الواجب اتباعها في عملية الإصلاح، بما يضمن أن يحظى بأوسع قبولٍ ممكن من الشركاء الاجتماعيين والمجتمع المدني قبل عرضه.