الرئيسية > ما معيقات توجه الشباب للتعليم المهني؟

ما معيقات توجه الشباب للتعليم المهني؟

الخميس, 10 حزيران 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
ما معيقات توجه الشباب للتعليم المهني؟
المرصد العمالي – سارة القضاة
أظهرت ورقة سياسات أعدها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية في نيسان 2020، بعنوان "تجاوز المعوقات الاجتماعية والثقافية في اختيار التخصصات المهنية" أن نظم وبرامج التوجيه والإرشاد المهني التي تنفذها وزارة التربية والتعليم تعاني من ضعف شديد.

وأضافت الورقة أنه على الرغم من أن الوزارة تقدم عدداً من برامج التعليم المهني، إلا أنه لا يوجد تمويل كافٍ لبرامج الإرشاد المهني، إذ خصصت الوزارة فقط 5000 دينار لبرامج الإرشاد المهني لجميع مدارس المملكة، وهذه الميزانية المتدنية تعيق تطوير دور المرشدين التربويين في توجيه الطلاب نحو المشاركة في سوق العمل.

وهدفت ورقة السياسات هذه إلى استعراض وتحليل مجموعة متنوعة من المحددات الاجتماعية والثقافية التي تؤثر على اختيار الشباب والشابات لمساراتهم التعليمية والمهنية.

وأوضحت الورقة أن أسباب نفور الشباب من اختيار المسارات المهنية تتسع لما هو أبعد من ضعف قدرات الاقتصاد الوطني فقط، حيث أن هنالك اختلالات هيكلية أخرى جلُّها مرتبط بالسياسات العامة التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة.

ولفتت الورقة إلى أن السياسات في الأردن لا تتوافق مع نظرة الحكومة لتحسين نسبة مشاركة الشباب في سوق العمل، حيث أن الأجندة الوطنية وعددا من الخطط الاستراتيجية الأخرى المطبقة حاليا لا تتناسب مع القضايا ذات الأولوية، مما يجعلها تفشل بمواجهة مشكلة البطالة ومشاركة الشباب في سوق العمل.

ولاحظت الورقة أن من عيوب سياسة الحكومة التعليمية "عدم وجود خطة منظمة وشاملة لبرامج إرشاد وتوجيه عملي في المدارس الأردنية"، مما يعيق الجهود لتمكين الشباب الأردني في سوق العمل.

 بالإضافة إلى عدم وجود قواعد بيانات وطنية عن الاختصاصات والمهن، والمهارات المطلوبة لها، ما يعيق الطلبة عن الحصول على المعرفة بالخيارات المناسبة لمستقبلهم.

وأشارت الورقة إلى أن معاهد التدريب في الأردن تواجه تحديات عديدة؛ منها مشكلة نقص التمويل، وعدم التنسيق مع القطاع الصناعي، بالإضافة إلى عدم وجود عدد كاف من المَرافق والمدربين. 

ووفق الورقة، فإن عدم وجود رقابة على معايير العمل في جميع القطاعات في الاقتصاد الأردني وعدم تطبيق قوانين العمل يفرز بيئة عمل غير آمن للعاملين.

 فالنطاق الشاسع للعمل بدون رقابة يسمح بالعديد من الخروقات لمعايير العمل وحقوق الانسان الأساسية، وعدم توفير عقود عمل منصفة يترك العديد من العاملين بلا تأمين صحي أو حماية اجتماعية.

كما أن عدم وجود سياسات تحاكي المشاكل المتعلقة بالنساء تعرِّض المرأة لبيئة غير سليمة في العمل، مما يؤدي إلى انخفاض عدد النساء العاملات. بالإضافة إلى أن ضعف الرقابة لا يضمن بيئة آمنة وسليمة للشباب الداخلين إلى سوق العمل.

ومن ناحية أخرى، عزت الورقة عزوف الشباب عن قطاع التعليم المهني إلى عدم وجود إرشاد طلابي مناسب خلال فترة الدراسة يترك للعائلة الدور الأساسي في توجيه الطلاب نحو اختياراتهم المهنية. 

ولفتت إلى أن خلفية الطالب/ة الاجتماعية والاقتصادية تصبح ذات أهمية حاسمة في تحديد خيار الطالب/ة لطريقه التعليمي، كما أن تأثير الأهل والمجتمع يشكّل عاملا مهمّاً في تكوين نظرة الطلاب للمجالات التعليمية المهنية.

وأشارت إلى أن وجود ثقافة مشتركة مرتبطة بـ"الهيبة" تتعلق بالتعليم الأكاديمي مرتبطة بـ"وصمة" عامة تجاه التعليم المهني بأنه تعليم منخفض المستوى، مما أولى اهتماماً أكبر بالوظيفة الحكومية والوظائف ذات المسميات العالية مثل الأطباء والمهندسين والمحامين والمديرين وغيرهم.

وبيّنت أن تعزيز التحيزات الاجتماعية بين المسارات التعليمية المختلفة في شروط التسجيل ومعايير القبول للجامعات وسياسات وممارسات الحكومة أوجدت فصلاً واضحاً بين المسارين الأكاديمي والمهني، تستثني خريجي المسارات المهنية من التعليم العالي، لكنه يتطلب إنهاء التعليم التقني.

إذ يحوَّل الطلبة الذين يخفقون في تجاوز مرحلة التعليم الأساسي (الصف العاشر) بنجاح الى التعليم المهني إلى معاهد مؤسسة التدريب المهني أو مدارس التعليم المهني التابعة لوزارة التربية والتعليم.

 كما عدّت الورقة النوع الاجتماعي (الجندر) أحد أهم العوامل الاجتماعية المسببة للثغرات والتناقضات، ليس فقط في توزيع الشباب بين المسارات التعليمية، بل أيضا في توزيع القوى العاملة في الأردن. فنسبة الطالبات في الجامعات تزيد عن 10% من الطلاب، بينما الطلاب يمثلون 20% أكثر من الطالبات في مراكز التدريب المهني.

ولاحظت الورقة أن الزيادة الكبيرة في عدد المؤسسات التعليمية الخاصة جاءت على حساب المعاهد المتوسطة والمهنية، ما وسّع من دائرة المقبولين في التعليم الجامعي على حساب التعليم المهني والمتوسط، مما يزيد من بطالة الشباب المرتفعة وبخاصة بين خريجي الجامعات.

وقدمت ورقة السياسة توصيات لحل المشكلات الهيكلية التي تغذي هذه العوائق الاجتماعية والثقافية التي تؤثر على اختيار الشباب للتخصصات الوظيفية المستقبلية، وتعزيز تطوير التدريب العملي وقطاع التعليم والتدريب المهني والتقني، والعمل اللائق وتمكين الشباب.

إذ أوصت الورقة بتحديث وتطبيق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل والاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ووضع سياسات ملائمة لمواجهة مشكلتي البطالة ومشاركة الشباب في سوق العمل وتنظيم العمل في جميع القطاعات لضمان حقوق العمال والحماية الاجتماعية، وإعادة هيكلة التمويل الوطني وتوسيع ميزانية الارشاد المهني.

كما أوصت بوضع سياسات عمل تراعي الفوارق بين الجنسين وتطبق في جميع أماكن العمل. لأن السياسات التي تركز على سلامة ومصالح النساء والفتيات ضرورية لضمان بيئة عمل آمنة لهن.
وحضّت على إنشاء قاعدة بيانات وطنية عن فرص العمل المتوفرة، وتطوير البحوث والدراسات حول اتجاهات التوظيف والقطاعات الواعدة في الأردن.

وأوصت الورقة بتعديل آلية القبول في المؤسسات التعليمية للسماح للطلاب باختيار التخصص الذي يفضلونه بحرية، وإعادة النظر جذريا بآليات القبول في الجامعات وكليات المجتمع والمدارس المهنية ومعاهد التدريب المهني.

كما أوصت بتطوير المعاهد المهنية من خلال تزويدها بمرافق حديثة وأدوات ومختبرات مناسبة، والعمل على إيجاد تنسيق فعال بين المعاهد المهنية وسوق العمل، وتشجيع التوسع في التعليم المتوسط والتعليم المهني.

ودعت المجتمع المدني إلى تنظيم حملات توعوية حول "ثقافة العيب" فيما يتعلق بالتدريب المهني واحتياجات سوق العمل الحالية، وزيادة فرص تمكين الشباب في اكتشاف اهتماماتهم وكيفية مواءمتها مع الوظائف المناسبة لهم.