الرئيسية > ما الصعوبات أمام الريفيات العاملات بالمدن؟

ما الصعوبات أمام الريفيات العاملات بالمدن؟

الاربعاء, 09 حزيران 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
ما الصعوبات أمام الريفيات العاملات بالمدن؟
المرصد العمالي الأردني –  رزان المومني
يتحدث الكثير عن النساء الريفيات العاملات داخل الأرياف، وبصورة نمطية، لعملهن في الزراعة أو الصناعات اليدوية وغيرها من الحرف التقليدية، في حين يندر الحديث عن النساء الريفيات العاملات في المدينة وما يعانينه من مشاكل ويواجهن من تحديات.

في غالب الأمر، ولكي تحافظ على عملها في ظل ندرة فرص العمل وصعوبة التنقل وارتفاع كلفتها، ولتوفير الوقت، ينتقل العديد منهنّ للإقامة في المدينة، رغم رفض الأهل والمجتمع.

ساجدة الطرابشه (26 عاما)، التي بعد تخرجها وبحثها لسنوات عن عمل، عملت مساعدةً لطبيب أسنان في العاصمة عمان، وقررت، منذ ثلاثة أعوام، الإقامة في عمان بعيدا عن أسرتها التي تسكن في إحدى قرى لواء الكورة، لصعوبة المواصلات وعدم قدرتها على التنقل كل يوم بين عمان وقريتها القريبة من دير أبو سعيد".

واجهت ساجدة رفضا من أهلها في الإقامة وحدها بعيدا عنهم، لكنها استمرت في محاورتهم حتى نجحت في إقناعهم.

تتدرب أميمة الليمون (25 عاما)، منذ أشهر قليلة في مجال المونتاج، وتقول أنها عانت كثيرا خلال تنقلها بين عمان والكرك، فقررت أن تسكن مع مجموعة من الشابات العاملات، بعيداً عن أسرتها، "نفسياً الأمر متعب جدا؛ اعتدت وجودهم دائما إلى جانبي، أصبحت حياتي كلها عمل".

وتلفت أميمة إلى أن الفرصة التدريبية التي حصلت عليها غير مجدية ماديا، وتأمل بعد انتهاء التدريب أن تصبح من العاملين في الشركة، أو أن تبحث عن عمل آخر خلال إقامتها في عمان، رغم محاولاتها للتأقلم مع حياة المدينة.
  
كل تجربة تعيشها المرأة الريفية ستزيد من وعيها وخبراتها في الحياة، وبخاصة إذا كانت طموحة ستتجاوز كل التحديات وتستمر، تقول أميمة لـ"المرصد العمّالي".

عاشت مريم المرشد (35 عاما)، تجربة مختلفة قليلا عن قريناتها في السكن، فبعد انفصالها عن زوجها أرادت الخروج إلى إحدى قرى الأزرق للعمل من عمان، وهي تعمل منذ خمسة أعوام في التربية الخاصة.

 "بحثت كثيرا عن عمل فلم أجد إلا في عمان، ووجدت أنني اذا بقيت أتنقل من الأزرق إلى عمان فلن يكفيني الدخل، إذ كنت أدفع 6 دنانير بدل مواصلات كل يوم" توضح مريم لـ"المرصد العمّالي".

لا تحبذ مريم فكرة الخروج من المحافظة، لكنها توضح أنّ فرص العمل قليلة في المحافظات، وتكاد تندر في القرى، و"أغلب فرص العمل تتركز في عمان، الأمر الذي يزيد من الاكتظاظ السكاني والأزمات.

إسراء السعودي (28 عاما)، تصف نفسها بأنها من "المحاربات القديمات"، فمنذ أكثر من ستة أعوام وهي تعمل في مهنة المحاماة، بعيدا عن عائلتها، وتملك مكتبا خاصا بها في عمان، بعد بحثها طويلا عن عمل في محافظة الطفيلة.

في بداية الأمر واجهت إسراء مشكلة في إيجاد سكن ملائم لها، وأيضا اختلافا كبيرا في البيئة ونمط الحياة، وتعدد الجنسيات والأعراق، "منحتني هذه التجربة فرصة التعرف على أشخاص وثقافات مختلفة"، تقول لـ"المرصد العمّالي".

لم تختلف تجربة ياسمين عمر (26 عاما)، عن قريناتها في السكن، فهي تعمل في العاصمة، مساعدةَ طبيبِ أسنان منذ سبعة أعوام، وهي لاحظت أن النساء في عمان يتمتعن باستقلال أكثر من نظيراتهن في سائر المحافظات، والقرى بخاصة.

لكنها تؤشر إلى أن "أغلب النساء في إربد لا يلقين بالاً إلى جانب الاستقلالية، وهنّ يكملن التعليم الجامعي للحصول على شهادة فقط".

ولا تتوافر أرقام أو نسب، حتى ولو تقديرية، لأعداد الريفيات العاملات في المدينة، خصوصا أن مشاركة المرأة الاقتصادية منخفضة ولا تُجاوِز نسبتها (14%)، وفقا لأرقام دائرة الإحصاءات العامة لعام 2019.

تقول المحامية أسمى خضر، الناشطة في حقوق المرأة، أن النساء الريفيات يواجهن مشكلة بُعد المسافة، وصعوبة التنقل من الأرياف إلى المدينة، بإلاضافة إلى تكلفة التنقل مقارنة بالدخل الذي تحصل عليه.

فيما يخص جزئية السكن بعيدا عن العائلة، ترجِّح خضر أنه قد يفرض نوع من الانقسام بين العائلة، ويؤثر على لمّ شمل الأسرة ووضعها العائلي.

"هذا الأمر، اجتماعيا، صعب وخطير على المرأة، والعائلة أيضا" تشرح خضر لـ"المرصد العمّالي".

وتوضح أن المرأة الريفية لديها شغف النجاح، وتتحمل مشقة السفر، وتترك عائلتها للعمل بعيدا، لتبذل جهدا كبيرا ومضاعفا لما تبذله المرأة في المدينة. 

وتدعو خضر الجهات المعنية؛ كدائرة الاحصاءات العامة، أن تلتفت لمؤشرات عمل الريفيات من المدينة، وأن توفر أرقاما ونسبا لهذا النوع من التصنيف، لمحاولة فهم أوضاع هذه الشريحة من النساء والمشكلات والتحديات التي تواجهها، والآثار السلبيىة لابتعادها عن مقر إقامتها، والتعرف إلى مدى مساهمتها في الاقتصاد.

ينبه الاستشاري النفسي والتربوي الدكتور موسى المطارنة إلى أن المرأة الريفية تعيش في بيئة مغلقة، تكتسب منها كثيرا من العادات والتقاليد، وتنعكس آثارها على شخصيتها، وعند ذهابها إلى بيئة أخرى مختلفة، "سيكون هناك فجوة كبيرة". 

ويحذر المطارنة من تبعات هذه الظاهرة؛ لما تسببه للمرأة من الانفعال وإحساس بالنقص، ما قد يوصلها إلى الوحدة والانعزال؛ وينعكس بشكل سلبي على عملها وانتاجيتها.

ويلفت إلى أن كثيرا منهنّ، وبخاصة الشابات، يعانين من الصورة النمطية السلبية المتشكّلة لدى بعض الناس حيال المرأة التي تسكن وحدها في المدينة. وهو ما قد يعرّضهن في بعض الأحيان إلى مضايقات.