الرئيسية > بسطة فاكهة.. ملاذ "أبو محمد" وعائلته

بسطة فاكهة.. ملاذ "أبو محمد" وعائلته

الثلاثاء, 08 حزيران 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
بسطة فاكهة.. ملاذ
المرصد العمالي الأردني – سارة القضاة
في زوايا سوق إربد القديم، وأزقّته، تنتشر على مد النظر، بسطات الفاكهة الموسمية، بألوانها الزاهية، وتنسيقاتها المتنوعة.
وكلما اقتربت من دوار الساعة، تتعالى أصوات الموسيقى، وضجيج السيارات، ويتنافس التجار في رفع أصواتهم، يتخلل ذلك صوت أحدهم، ينادي: "توت.. توت.. شامي يا توت".
أبو محمد، رأفت الموسى، خمسينيّ، صاحب بسطة فاكهة موسمية، قرب دوار الساعة، بدأ عمله هذا منذ أن كان في الرابعة عشر من عمره، وامتهنها، لتصير مصدر رزقه.

إلى العمل..
"منذ أكثر من 35 عام وأنا على نفس المنوال"، هكذا يصف أبو محمد يومه لـ"المرصد العمالي"، يغادر منزله قُرب السوق المركزي عند السادسة صباحا، متجها إلى "الحسبة"، ليجلب بضاعته منها، أو من تجار لهم مزارعهم الخاصة.
بعد أن ينتقي بضاعته، يستقل سيارة "بيك أب"، لنقل الفاكهة إلى مكانه في السوق، ويدفع أجرتها 3 دنانير، يُخرج أدواته التي خبأها في اليوم السابق أسفل "بيت الدرج" القريب من الزاوية التي يجلس فيها، ويباشر عمله.

"الحمد لله.. مستورة"
"الأسعار في السوق المركزي غير ثابتة"، هكذا يبرر أبو محمد تباين الأسعار لديه، إلّا أن ربحه ثابت، يراوح بين ربع إلى نصف دينار للكيلوجرام الواحد.
ويبين أن الربح يعتمد على حركة السوق، فبعض الأيام "ما بتجيب همّها"، يكون فيها الربح قليلا جدا، وفي أيام أخرى يفوق الربح التصور، وقد يصل إلى 20 دينارا.
في المتوسط، يراوح ربح أبو محمد يوميا بين 10 و15 دينارا، وغالبا لا يستطيع تحديد المبلغ الشهري الذي يجنيه، فنمط معيشة "كل يوم بيومه" الذي يتبعه يجعل الأمر صعبا، لكنها "مستورة" كما وصف.

"الدعم" في كورونا..
توقف دخل أبو محمد مع فرض الإغلاقات في بداية أزمة جائحة كورونا، التي امتدت قرابة شهرين، ويضيف -نافضاً يديه بمعنى "لا يوجد"-: أول 50 يوم تقريبا كان الدخل صفر.
كان، قبل بدء الجائحة، قد قدم أوراقه للحصول على "دعم تكميلي" من وزارة التنمية الاجتماعية، لكنه لم يحصل عليه إلّا عند بدء موجة كورونا الأولى في شهر نيسان الماضي، ويتقاضى منه 169 دينارا كل ثلاثة أشهر.
يستغرب أبو محمد من طبيعة توزيع الدعم التكميلي وأسباب تفاوت المبالغ المتقاضاة، فبعض الأشخاص يصل مبلغ "الدعم" لهم إلى 300 دينار، وآخرون، كما أبو محمد، ما يقارب 170 ديناراً أو أقل.

عائلة وتكاليف..
يصرف أبو محمد نحو 90 دينارا على المواصلات من وإلى العمل، وغالبا ما تكلفه 4 دنانير في اليوم الواحد، لكنه في بعض الأحيان يفضل المشي، وبخاصة في الأجواء اللطيفة.
وعلى الرغم من ساعات العمل الطويلة، واعتماده في رزقه على هذه البسطة، إلّا أنه يتخذ الجمعة يوم عطلة له، ليجلس مع عائلته، "يوم الجمعة لراحتي وعائلتي".
يعيل أبو محمد أسرة مكونة من ثمانية أشخاص، يعتمدون كليّا على ما يجنيه والدهم من بيع الفاكهة، ويدفع شهريًا 150 دينارا أجرة منزلهم المتواضع. وهو يمضي 14 ساعة يوميا في العمل، إذ يعود إلى المنزل قرابة الثامنة مساء في أغلب الأيام.

أمنيات تمنعها "البلدية"..
"لست أنا فقط، بل جميع بائعي البسطات يتعذبون" يصف أبو محمد وضع أصحاب البسطات، الذين تعمَد بلدية إربد إلى إزالة بسطاتهم، التي هي مصدر الدخل الوحيد لأكثرهم.
يتمنى أبو محمد تحسن الأوضاع، والنظر إلى البسطات على أنها مصدر رزق، لا على أنها "مظهر غير حضاري"، والعمل على جعلها أكثر تنظيما حتى تسمح لأكبر عدد من الناس الذين لا يجدون عملا أن يجدوا رزقا لهم ولأسرهم.