الرئيسية > الحمامات الشرقية.. قطاع بلا أرقام ومنشآت على "البلاطة"

الحمامات الشرقية.. قطاع بلا أرقام ومنشآت على "البلاطة"

الاربعاء, 26 أيار 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
الحمامات الشرقية.. قطاع بلا أرقام ومنشآت على
المرصد العمالي - أحمد الملكاوي/ سارة القضاة 
على مدار عام وشهرين أغلقت الحمامات الشرقية أبوابها بعد قرار حكومي لا يسمح لها بالعمل على الإطلاق كالأندية الرياضية ومنشآت صالات الأفراح وذلك للحد من انتشار فيروس كورونا.

تعرف الحمامات الشرقية على أنها مراكز تسهم بالعلاج الطبيعي بالتدليك والبخار أيضاً، ما يعني أنّ الإنسان قد يحتاجها بين فينة وأخرى، إلا أنّ كورونا أوقفت عملها على الإطلاق ما قاد إلى تسريح أعداد غير قليلة من العاملين فيها.

أكبر ما خسره القطاع بسبب الإغلاق التام هو صيف عام 2020 أي بعد ظهور الإصابات بالفيروس وقبل الموجة الكبرى الأولى له، ذلك لأنّ هذه المنشآت تعتمد في عملها على حفلات الزفاف والتخريج والأعياد وقطاع السياحة الذي أغلق أيضا منذ بداية الجائحة. 

دخل الفيروس المملكة في آذار عام 2020، وما كان إلّأ أن تعلن الحكومة إغلاق كافة المنشآت، ثم عادت لفتح بعض القطاعات خلال الفترة اللاحقة، الّا أنّ الحمامات الشرقية والتركية ظلت مغلقة "دون أدنى اهتمام حكوميّ" وفق بعض أصحابها، ذلك لأنها لم تقدم الدعم الكافي للقطاع المغلق. 

أعيد فتح قطاع الحمامات الشرقية في خطة الحكومة لعودة القطاعات بعد انتهاء الموجة الأولى للفيروس بين 15 كانون الثاني و1 شباط، إلا أنها لم تعمل بالقدر الذي كان متوقعاً لها، وما أن لبثت حتى أعيد إغلاقها في 12 آذار بعد ارتفاع منحنى الإصابات بالفيروس.

بعد البحث المطول من معدي التقرير حول قطاع الحمامات "التركية والشرقية" التي ورد ذكرها في كافة البيانات الحكومية للقطاعات المغلقة والأكثر تضرراً جراء الجائحة؛ لم يتم الوصول الى أي أرقام واضحة حول القطاع، سواء في تقرير الإحصاءات العامة الخاص بالمنشآت، أو ضمن مراكز التجميل والحلاقة أو الاستجمام والترفيه.

في الوقت ذاته، فإنّ القطاع لا يوجد له أي مرجعية أو مظلة تجمع العمال أو أصحاب العمل، فلا نقابة أو جمعية لكلا الطرفين. 

يشكو إسلام العبادي أحد أصحاب الحمامات "الشرقية والتركية" في عمّان، من عدم اهتمام الحكومة بهذا القطاع على الإطلاق وعدم الانتباه لمدى الضرر الذي تعرض له أصحاب هذه المنشآت، إذ تجاوزت ديون بعضهم الـ 30 ألف دينار.

ويستغرب العبادي خلال حديثه لـ"المرصد العمالي" من عدم إعلان الحكومة لأي حوافز حقيقية للقطاعات المغلقة خاصة وأنّ تخفيض التراخيص لن يسهم في الحد من الخسائر التي تجاوزت آلاف الدنانير فضلاً عن الحاجة إلى سنوات للعودة وضمان الاستمرار إن حدثت فعلاً. "سكرت وما حدا قلي وينك، لا فواتير كهرباء ولا أجارات حدا سأل".

ويبين أنّ المؤسسات الحكومية وشركات المياه والكهرباء لم تعفو أصحاب الحمامات من فواتير المياه والكهرباء وإيجارات المنشآت. 

ذلك لأنّ بعض أصحاب هذه المحلات عانوا من فصل التيارات الكهربائية لعدم تسديد الفواتير، رغم أن الحمامات مغلقة ولا تستطيع جمع دينارِ واحدِ لسد هذه الالتزامات. 

لم يساعد أصحاب العقارات والأملاك مالكي المنشآت ومؤسسيها في هذا القطاع حيث لم يخفضوا تكاليف الإيجار فما زال العبادي يلتزم بعشر آلاف دينار سنوياً كمبلغ مقابل إيجار المبنى لم يستطع دفع شيء منها بسبب الإغلاق.

ويبين العبادي أنّ الإعفاءات الحكومية لرسوم رخص المهن لم تخفف من الخسائر الكبرى، خاصة وأنّ بعض الإعفاءات جاءت على أمور صغيرة كمواقف السيارات.

تقول ريم صاحبة أحد الحمامات الشرقية في منطقة خلدا، إنّ الخسائر تجاوزت الـ 40 ألف دينار خاصة وأنّ الوضع كان متراجعاً قبل جائحة كورونا، حتى أنها باعت ذهبها الخاص لتسديد إيجار المنشأة والذي يقدر بـ21 ألف دينار سنويا.

تركت العاملات الحمام لعدم استطاعة صاحبة العمل إعطائهن الأجر خاصة قبل إطلاق مشروع استدامة الذي تكفل بدفع أجور العاملين والعاملات في القطاعات المغلقة ضمن الحد الأدنى للأجور على أنّ يكونوا مشتركين في الضمان الاجتماعي.

بعد إغلاق الحمام الشرقي، بات الاعتماد الوحيد لريم هو صالون التجميل الخاص بها والذي قد فتحت الحمام إلى جانبه كنوع من التوسعة لمشروعها.

كذلك فإنّ ريم ذاتها لديها 3 عاملات من الجنسية الفلبينية تتراوح أجورهن بين 350 – 500 دينار، لا ينطبق عليهن برنامج استدامة، الذي تكفلت فيه الحكومة ومؤسسة الضمان الاجتماعيّ بدفع رواتب العاملين والعاملات ضمن الحد الادنى للأجور في القطاعات المغلقة.

تتساءل ريم عن عدم السماح لهن بالعمل في الحمامات رغم التعليمات الخاصة بهذا القطاع قبل الجائحة، حيث تخصص غرفة واحدة لكل زبونة او اثنتين فقط، غير استخدام أساليب التعقيم المعتمد بين الجلسة والأخرى قبل وجود جائحة كورونا، و"لا يمكن للحمام في الداخل أن يشكل تجمعات أو بؤرة لانتقال الفيروس"، تقول ريم. 

اما زوج ريم، جمال النصر، المسؤول الإداري والمالي عن الحمام والصالون، يقول إن الجهات المسؤولة عن ترخيص الحمامات هي أمانة عمان ومحافظة العاصمة، تشترط أن يكون له باب واحد فقط كمنشآت الصالونات، وأن تكلفة الترخيص تزيد عن 300 دينار بقليل.

يستهجن النصر عدم محاولة الحكومة على الإطلاق خفض الإيجارات أو إصدار أمر دفاع ينظم التعامل بين المالك والمستأجر خاصة وأنّ الإيجارات تزيد غالباً عن 20 ألف دينار.


تعتمد العديد من الحمامات "الشرقية والتركية" في المملكة على العمالة المهاجرة، خاصة من دول شرق آسيا للقيام بعمليات المساج والخدمات العلاجية الطبيعية، إلا أن المشكلة تكمن في عدم إشراك هذه الفئة ببرامج الحماية الاجتماعية كبرنامج استدامة، وهو ما حدث بالفعل مع ثلاث عاملات يعملن لدى ريم في الحمام.

تستغرب ريم من عدم إشراك العاملات لديها في الضمان الاجتماعي، ما دفعها إلى وقف دفع اشتراكاتهن لعدم جدواه في برامج الحمايات الاجتماعية خاصة استدامة. 

على صعيد العمالة الأردنية، فقد أمتنعت العديد من العاملات الأردنيات عن الإدلاء بأي آراء حول الموضوع، بحجة خوفهن من المخالفات، بعض الحمامات والمراكز تعمل بالخفاء وتقدم خدماتهم بالحد الأدنى لضمان استمرارية عملها.

رهف الجبر، عاملة بعدة حمامات "شرقية" في الزرقاء، بنظام المياومة والعمل الجزئي، تقول لـ"المرصد العمالي" إنّ إغلاق الحمامات "الشرقية" جعلها تترك العمل فيها وتتجه إلى صالونات التجميل التي يقدم بعضها خدمات التدليك وغيرها.

يتراوح الأجر اليومي لرهف في الأيام العادية والمناسبات كالأعياد وحفلات الزفاف والتخرج بين 35 دينارا لليوم العادي و150 لأيام الذروة، "إذا كنتي ملتزمة بالعمل في نفس المكان ممكن تكسبي بليلة الوقفة (ليلة العيد) 100-150 دينار، خاصة إذا اشتغلت من الصبح لثاني يوم العيد".

انخفض الدخل من العمل لدى صالون التجميل بين 15-20% بالنسبة لها وأصبحت تتقاضى 25 دينارًا في اليوم، "بقدر أغيّر مكاني لأي حمام "شرقي" آخر وما بتقيّد بمكان واحد لأني بشتغل يومي".


أشارت رهف إلى أن عدداً كبيرا من العاملات في المجال يعملن بنظام المياومة، ولم يستفدن من الضمان الاجتماعي أو برنامج استدامة، لكون العمل في مكان واحد لا يسد حاجاتهن، لذلك يضطررن إلى العمل في عدة أماكن.

وتقترح في حال استمر إغلاق القطاع، إتاحة العمل في هذا المجال بإجراء الجلسات في المنازل للحفاظ على العمل والدخل والزبائن المعتادين على تلقي الخدمة.


وينتظر أصحاب وصاحبات الحمامات "الشرقية والتركية"، قراراً سريعاً بعودة عمل القطاع خلال شهر حزيران القادم خاصة وأن هذه الفترة ترتفع بها حالات الزواج وهو ما يزيد من أرباح هذا القطاع.