الرئيسية > عمال البلديات.. غياب الوعي يهدد بفقدان تعويضات إصابات العمل

عمال البلديات.. غياب الوعي يهدد بفقدان تعويضات إصابات العمل

الاربعاء, 28 نيسان 2021
النشرة الالكترونية
Phenix Center
عمال البلديات.. غياب الوعي يهدد بفقدان تعويضات إصابات العمل
المرصد العمّالي الأردني-

يقف علي أبو الرب كل يوم على السلم الخلفي لكابسة النفايات التابعة لبلدية اربد الكبرى، ويرتكز في وقفته على قاعدة حديدية تجعله متماسكا أثناء جمع النفايات. 
لكن في منتصف أحد ليالي شهر أيلول عام 2018، وأثناء جولة ليلية لجمع النفايات من سوق اربد المركزي، لاحظ أبو الرب عدم وجود القاعدة التي اعتاد الوقوف عليها، ليقوم بإخبار السائق بخطورة ذلك، ويجيبه الأخير "هسا لازم نكمل الشغل، امسك حالك منيح وكمل". 
سقط أبو الرب ثم اصطدم بالكابسة، ودهسته على ساقه اليسرى، وظل ملقى على الأرض فاقدًا للوعي. 

أدوات وقائية رديئة 

تكثُر إصابات العمل والأمراض المهنية بين العديد من فئات العاملين في البلديات، نتيجة عملهم في بيئات غير آمنة، خاصة، جامعي النفايات. 
يُقدر عدد القوى العاملة في بلديات المملكة ب (50) ألف عامل، (6) آلاف منهم عمّال مياومة، وهذا العدد يرتب على البلديات التزامات بتوفير كافة حقوقهم العمالية، بما في ذلك شروط السلامة والصحة المهنية، وخاصة عمّال الوطن.
في عام 2017 وثق المرصد العمالي الأردني حالات عديدة لإصابات عمل بين العاملين في بلديات الشمال، وذلك بسبب عدم تقيدهم بأبسط معايير السلامة والصحة المهنية أثناء العمل. 
ويرجع سبب عدم تقيدهم بأدوات السلامة المهنية بأنهم يحصلون على أدوات ذات نوعية رديئة جدا تتلف بمجرد استعمالها لعدة أيام، مما يجعلهم يحتفظون بها لتجنب دفع ثمنها في حالت تلفت.

بالعودة إلى أبو الرب، بعد مرور أكثر من نصف ساعة ظل فيها فاقدا للوعي، نقله مراقب البلدية من موقع الحادث إلى مستشفى الأميرة بسمة بالقرب من السوق المركزي في اربد. 
وبعد محاولات عديدة من موظفي البلدية لاقناع الطبيب تجبير ساق أبو الرب فقط واخراجه من المستشفى، إلا ان الطبيب رفض إخراج المصاب. 
بعد وقت قليل، أخذ مندوب الحوادث في المستشفى إفادة أبو الرب، وهو في وضع صحي سيء، مستفسرًا منه ما إذا كان يريد تقديم شكوى أم لا؟ 
أراد أبو الرب الذي يعاني من عسر في القراءة والكتابة تقديم شكوى، لكنه تفاجأ بعد ذلك بتغيير أقواله التي أصبحت تفيد بأن الحادث "قضاء وقدر"، وهنا فقد ما يثبت إصابته أثناء العمل. 

حاول المرصد العماليّ التواصل مع رئيس بلدية إربد السابق حسين بني هاني، الذي حدثت إصابة أبو الرب خلال شغله المنصب، الّا أنّه لم يرد على مكالماتنا. 

شكاوى عمال البلديات مستمرة 

ومن ناحية قانونية، يقول المحامي معاذ المومني، "الأصل اذا حدثت إصابة عمل أن يقوم العامل بإبلاغ إدارته، وتقوم الإدارة بتبليغ المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وإذا حدث تقصير من الإدارة أو حتى العامل بالتبليغ، فإن المقصر أولى بالخسارة". 
ويشير المومني إلى أنّ الجهة المعنية تعويض العمّال غير المشتركين في الضمان الاجتماعي، وفق الجداول والملحقات الموجودة في قانون العمل، ويكون ذلك حسب درجة الإصابة. 
ويضيف المومني أنّ درجات إصابة العمل متفاوتة، فعلى سبيل المثال بتر عضو يختلف تمامًا عن الكسر، وفي حال الوفاة يكون التعويض (1200) يوم عمل ما يقارب راتب (4) سنوات. 
وحول ظروف عمل عمال البلديات، يؤكد أحمد السعدي، رئيس اتحاد النقابات المستقلة للعاملين في البلديات، أن العمل في البلديات يصنف من المهن الخطرة، وأن الظروف الصحية للعاملين فيها صعبة، وأن المعدات والآليات التي يتم تجهيزها من أجل الوقاية الصحية ذات نوعية رديئة. 
ويردف السعدي بأنه في عام (2018) طالب عمال البلديات باستحداث قسم خاص للسلامة المهنية في كل بلدية، من مهامه توفير أدوات ومعدات للسلامة والصحة المهنية، وتم توقيع قرار لاستحداث القسم، ولكن لم يتم تفعيل القرار لغاية هذه اللحظة.
ولفت إلى أن شكاوى العاملين في البلديات مستمرة خاصة فيما يتعلق بعشوائية توزيع أدوات ومعدات السلامة والصحة المهنية في البلديات، مضيفا بأن هناك إصابات كثيرة في صفوف العاملين لم تسجل في الضمان الاجتماعي، لأنها لم ثوثّق في مدتها القانونية. 
ويشير السعدي إلى عدم وجود إحصائية واضحة في البلديات للإصابات جرّاء عدم التقيد بإجراءات السلامة والصحة المهنية، ولكن في بلدية إربد الكبرى، وصل عدد الإصابات في عامي (2019 -2020) إلى (127) إصابة.
وتأكيدا على ذلك، انتقدت ورقة تقدير موقف أصدرها "المرصد العمّالي الأردني" في اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية، والذي يصادف 28 نيسان من كل عام، عدم توفر قواعد بيانات إحصائية شاملة ودقيقة حول حوادث وإصابات العمل والأمراض المهنية المختلفة التي تحدث في الأردن، باستثناء الإحصائيات الصادرة عن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، التي تغطي إصابات العاملين المسجلين لديها في المؤسسة. 

عودة على عكازة 

بعد (16) يوم مبيت في المستشفى، وبحالة صحية يرثى لها، أوشك أبو الرب عل دفع تكاليف العلاج على نفقته الخاصة، بعدما فقد إثبات إصابته أثناء العمل، إلا أن إحدى عضوات البلدية قامت بتوثيق حالته في فيديو ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لتجبر البلدية بعد ذلك على تحمل مسؤولياتها تجاه علاج العامل.
أقرت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي أن نسبة العجز لدى أبو الرب (25%)، وعوضته مبلغ (1400) دينار، لكنه أصبح بعد هذه الإصابة غير قادر على العمل إلا في أماكن لا تطلب منه الحركة بشكل كبير. 
عاد أبو الرب إلى البلدية حاملا عكازته ووظيفته الجديدة، حارس في قسم الآليات، وهذا بعدما حصل على أبسط حقوقه بسبب دعم أحد الأشخاص له، لكن ما زال آلاف العمال في البلديات يجهلون بحقوقهم وغير قادرين على تحصيها بقوة القانون.