الرئيسية > أم عمر.. تصنع العطور لتبعد رائحة الفقر عن عائلتها

أم عمر.. تصنع العطور لتبعد رائحة الفقر عن عائلتها

الثلاثاء, 22 كانون الأول 2020
النشرة الالكترونية
Phenix Center
أم عمر.. تصنع العطور لتبعد رائحة الفقر عن عائلتها

المرصد العمالي الأردني- مراد كتكت
في أحد أحياء منطقة الزهور في عمان، تقطن (الأربعينية) أم عمر التي تعمل بكل شغف في صناعة وتركيب العطور يدوياً في منزلها، لتنتشل أسرتها من براثن الفقر الذي بات يهدد مستقبل أولادها في ظل جائحة فيروس كورونا "المستجد" وتداعياتها.
"الحظر ما رح يخليني أوقف شغلي، وهذا المشروع بطعمي منه ولادي وبساعد فيه زوجي"، كلمات رددتها أم عمر بكل شغف وإصرار وهي منغمسة بعملها أثناء زيارة "المرصد العمالي" لمنزلها، فهي من اتخذت هذه المهنة ملاذاً لها منذ ما يقارب السنتين لتعيل طفليها وزوجها المتعطل عن العمل.
زوجها الذي كان يعمل سائق باص في إحدى المدارس، هو أحد المتضررين في هذه الجائحة والذين انضموا الى صفوف المتعطلين عن العمل بسبب إغلاق المدارس وتحويل التعليم الى "أونلاين".
"زوجي صار له سبع اشهر متعطل عن العمل، ولحد الآن مش لاقي شغل يساعدني فيه"، هكذا وصفت أم عمر حال زوجها الذي كان يحدوه الأمل بإيجاد فرصة عمل يعيل بها زوجته وأولاده، فهو لم يكن يتوقع أن قرار إغلاق المدارس سيطول الى هذا الحد.
ظروف زوجها وتعثره مالياً جراء إغلاق المدارس دفعته مؤخراً للإنضمام الى زوجته ومساعدتها في عملها، فهو أصبح يتعلم منها كيفية تركيب العطور لتأمين لقمة العيش لأولادهم وتسديد الديون المتراكمة عليهم وأجرة المنزل البالغة 180 ديناراً.
وتقوم أم عمر هي وزوجها كل شهر بقصد محلات تجهيز العطور التي تبيع بسعر الجملة بمنطقة وسط البلد وجبل الحسين لشراء المواد اللازمة لتركيب العطور مثل الزيوت العطرية "الأصنصات" ومادة "المثبت" التي تُستخدم لتثبيت رائحة العطر على الملابس.
وتختلف جودة وتكلفة الزيوت العطرية "الأصنصات" من نوع لآخر بحسب أم عمر، فهي تستخدم نحو 5 أنواع من الزيوت "رجالية ونسائية" وذلك على حسب الطلب والنوع المفضل لدى الزبون.
وتبيع أم عمر الزجاجة بحجم 50 مل بدينارين ونصف، وال 100 مل بأربعة دنانير، مشيرة الى ان سعر "الأصنص" الواحد بحجم 100 مل من محلات تجهيز العطور يتراوح سعره ما بين ال 20 وال 25 ديناراً، و10 دنانير سعر مادة "المثبت".
ان تكلفة هذه المواد وشرائها لم تشكل عبئاً على ام عمر، فهي تعتبر ان هذا المشروع مربحاً وناجحاً بالنسبة لها وخصوصاً في ظل جائحة كورونا وحظر التجوال، حيث كونت خلال الأشهر الماضية زبائن دائمين لها من قبل معارفها وجيرانها، إذ أن دخلها الشهري حالياً يتراوح ما بين ال 350 وال 400 دينار.
واتجهت مؤخراً الى التسويق الإلكتروني بمساعدة جيرانها من خلال عرض عطورها عبر وسائل التواصل الإجتماعي مثل "الفيسبوك" و "الإنستغرام"، لتزيد الطلب على منتجاتها وتسويقها.
جائحة كورونا وتبعاتها وتعطل زوجها عن العمل.. كلها لم توقف إصرار ام عمر في الاستمرار بعملها، بل أن هذه العوائق دفعتها الى التفكير باستئجار محل في المنطقة لتبيع فيه العطور التي تقوم بتركيبها في المنزل، "رح أكمل في هاي المهنة وما رح أخلي اشي يعطلني عنها، وقريباً رح استأجر محل صغير في المنطقة وأبيع فيه منتجاتي".
أم عمر واحدة من بين عشرات النساء اللواتي يعملن في الاقتصاد غير المنظم أو ما يسمى بـ "اقتصاد الظل"، هذه الظاهرة انتشرت بين الأشخاص ذوي الدخل المحدود الذين لا يجدون أي حماية اجتماعية يحتمون تحت ظلها مثل الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.
فهم يعتمدن دائماً على العمل في المهن البسيطة مثل العمل بالحرف اليدوية أو الطبخ في المنزل بغرض بيعه للمطاعم أو الخياطة والتطريز وغيرها من المهن التي تشكل لهن دخلاً وافياً لتأمين لقمة عيشهن.
تفتقر هذه الفئة الهشة من الأشخاص العاملين بالاقتصاد غير المنظم لمظلات الحماية الاجتماعية بينما هم بأمس الحاجة لها وخاصة ممن يعيلون الأطفال، الأمر الذي شكل بالنسبة لهم عائقاً إضافيا وصعوبات كبيرة في حياتهم العملية والأسرية.