الرئيسية > "كورونا" و"فصل الشتاء".. يعمقان من فجوات المئات من عمال الإنشاءات

"كورونا" و"فصل الشتاء".. يعمقان من فجوات المئات من عمال الإنشاءات

الثلاثاء, 08 كانون الأول 2020
النشرة الالكترونية
Phenix Center
المرصد العمالي الأردني- مراد كتكت 
في الوقت الذي يشهد فيه قطاع الإنشاءات والإسكان ركوداً بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا "المستجد"، وأيضاً حلول فصل الشتاء الذي يزيد من أعباء القطاع بشكل عام، تعطل المئات من العمال الذين يعملون في قطاع الانشاءات مثل (الدهان، والقصارة، والتبليط وغيرها... ) عن عملهم، في حين أنهم يعتمدون بشكل كلي على المشاريع الإسكانية وورش البناء. 
وقام "المرصد العمالي الأردني" بمقابلة عدد من هؤلاء العمال في أكثر من منطقة في العاصمة عمان، حيث أكدوا أن حالة الركود التي يشهدها قطاع الإنشاءات انعكس عليهم سلباً، فمنهم من توقف عمله بشكل كلي، ومنهم من أصبح يعمل بشكل متقطع وبأجر متدني. 
(الأربعيني) أبو جاسر الذي يعمل في مجال "الدهان" في منطقة حي نزال، واحد من بين مئات العمال في هذا القطاع، الذي اعتبرته وزارة العمل من ضمن القطاعات "الأكثر تضرراً"، تحدث عن معاناته في ظل جائحة كورونا وقدوم فصل الشتاء اللذان تكالبوا عليه وفاقموا من أوضاعه المعيشية، "الي خمس أشهر ما بشتغل وقاعد بالبيت، فش حدا راضي يشغلني بأي ورشة في المنطقة"، وتابع "فصل الشتاء رح يزيد الطين بله لأنه بقل فيه شغلنا".
يحاول أبو جاسر مراراً الحصول على ورش عمل في منطقته، إلا أنه رُفض من قبل أصحاب هذه المشاريع بسبب أجرته اليومية التي اعتُبرت مرتفعة والتي تبلغ 25 ديناراً بحسب قوله.
وأضاف أن معظم أصحاب المشاريع يفضّلون تشغيل العمالة الوافدة على العمالة المحلية نظراً لتدني أجورهم وقدرتهم على العمل لساعات أطول، مشيراً الى أنه اضطر الى تخفيض أجرته بنسبة 35% أملاً في حصوله على عمل يسد فيه احتياجاته والتزاماته.
لم يختلف حال أبو جاسر عن حال (الثلاثيني) ابو عامر الذي يعمل في مجال "التبليط" إذ يقول أن عمله مقتصراً حالياً على الطلب الحر من قبل معارفه في المنطقة وبشكل متقطع، "بشتغل يوم أو يومين وباقي أيام الأسبوع بضلني قاعد بالبيت"، الأمر الذي جعله غير قادر على تأمين احتياجات أسرته التي تتكون من أربعة أفراد.
وأشار الى أن دخله الشهري أصبح لا يتعدى ال 300 دينار بينما بلغ دخله قبل جائحة كورونا 1000 دينار، ما أدى الى تفاقم سوء أوضاعه المعيشية من حيث تراكم الفواتير وأجار بيته البالغ 220 دينار شهرياً.
(الثلاثيني) ابو منير الذي يعمل في "القصارة" قال إنه كان متفقاً مع العديد من أصحاب ورش البناء قبل جائحة كورونا، ولكن تم تأجيلها بسبب الركود الذي لحق بالقطاع من جهة، وقدوم فصل الشتاء من جهة أخرى.
وأضاف "جزء كبير من عملنا مرتبط بقطاع الإنشاءات"، مشيراً الى أن العديد من "الصنايعية" اصبحوا متعطلين عن العمل.
يقول طارق براهمة أحد المستثمرين في قطاع الإسكان لـ"المرصد العمالي" إن عدم الإقبال على شراء الشقق السكنية في الوقت الراهن وخصوصاً مع حلول فصل الشتاء انعكس سلباً على هؤلاء العمال الذين يعملون بنظام "المياومة" وعلى دخلهم اليومي، مشيراً الى ان الطلب على العمالة سواء كانت محلية أو وافدة انخفض بشكل كبير في القطاعات الإنشائية بنسبة 50% تقريباً.
وأوضح أن بعض المقاولين يفضلون العمالة الوافدة على العمالة المحلية كونها تتقاضى أجراً رخيصاً مقارنة بالعمالة المحلية، وأيضاً قدرتها على العمل لساعات أطول.
وأضاف أن عدداً كبيراً من العمال يحاولون يومياً التواصل مع المقاولين في سبيل حصولهم على فرصة عمل يستطيعون من خلالها تأمين دخلهم الذي أصبح شبه معدوم، مؤكداً أن معظمهم أصبحوا يقبلون بأي أجر يفرضه المقاول أو صاحب الورشة.
 رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان الأردني كمال العواملة قال لـ"المرصد" إن أكثر من 50 ألف عامل في قطاع الإسكان تأثروا خلال جائحة فيروس كورونا "المستجد".
وأشار الى أن تراجع الإستثمار في المشاريع الإسكانية أدى الى ركودٍ حاد في القطاع ككل وبالتالي توقفه بشكل تام، مشيراً الى أن هذا القطاع يشغل ما يقارب 180 ألف عامل من عمال "المياومة".
وأضاف انه إلى الآن تم توقيف ما يقارب ال 600 مشروع سكني هذا العام بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا، وأيضاً نتيجة التعليمات في نظام الأبنية الجديد في العاصمة عمان، لافتاً الى أن هذا النظام ما زال قاصراً عن خدمة قطاع الإسكان وتشجيع الإستثمار فيه رغم إقراره من قبل الحكومة قبل سنوات.
ولفت العواملة الى أن ايقاف هذه المشاريع تسبب في تعطل الآلاف من العاملين في هذا القطاع سواء كانوا محليين أو وافدين، مشيراً الى أن البناية الواحدة كانت تشغل ما يقارب ال 30 عاملاً.
ومن جهته، قال نقيب العاملين في البناء محمود الحياري لـ"المرصد" أن العدد الأكبر من العمال في هذا القطاع سواء كانوا محليين أم وافدين غير مشمولين في الضمان الإجتماعي كونهم يندرجون تحت العمل غير المنظم، وبالتالي ليس لديهم أي حماية اجتماعية أو دعم يستطيعون من خلاله توفير احتياجاتهم في حال تعطلوا عن العمل، مشيراً الى أن نسبة هذه الفئة من العمال تبلغ نحو 49% من القوى العاملة في الأردن.
وأضاف أن نسبة كبيرة من هؤلاء العمال غير قادرين على الانتساب في الضمان الإجتماعي نظراً لعدم قدرتهم على دفع الاشتراكات والرسوم التي يفرضها الضمان في حال الاشتراك فيه.
وتابع أنه كان من المفروض دعم هذه الفئة من خلال صناديق الحماية الاجتماعية التي تم تخصيصها من قبل الحكومة خلال فترة الجائحة مثل صندوق همة وطن وصندوق التنمية الاجتماعية وصندوق المعونة الوطنية التي طالت فقط العمال المسجلين في الضمان، لافتاً الى أن النقابة قامت بتقديم مساعدات لعدد قليل من عمال هذا القطاع ولكن بمبالغ ضئيلة جداً.
ودعا الحياري الى توفير قاعدة بيانات مفصلة لدى الحكومة لمعرفة عدد العمال الذين تقطعت بهم السبل في هذا القطاع وتعزيز مظلات الحماية الإجتماعية لهم في ظل هذه الأزمة، واستهدافهم بالدعم من صناديق الحماية الإجتماعية.
 وأشار الى أن أكثر من 70% من هؤلاء العمال غير منتسبين في النقابة كون الانتساب في النقابة اختياري وليس إجباري، الأمر الذي أدى الى صعوبة معرفة حجم العاملين في هذا القطاع وأعدادهم ومستويات دخلهم الشهري وحالاتهم الوظيفية فيما اذا كانوا يعملون بصورة منتظمة أو متقطعة وما اذا كانوا على رأس عملهم أم فقدوها.