الرئيسية > قطاعات "الأفراح" وتجهيز "المناسبات".. استمرار الإغلاق يُعمّق الضرر ويزيد المعاناة

قطاعات "الأفراح" وتجهيز "المناسبات".. استمرار الإغلاق يُعمّق الضرر ويزيد المعاناة

الثلاثاء, 29 أيلول 2020
النشرة الالكترونية
Phenix Center
قطاعات
المرصد العُمّالي الأردني - هدى أبو هاشم
"يبدو أنّ وباء (كورونا) سيظلّ مستجدًا". ليست عبارة تشاؤمية بل هي حقيقة استفتح منظّمو الأعراس وحفلات الزفاف وغيرهم من العاملين في قطاعات مساندة حديثهم لـ "المرصد العمّالي الأردني" بها. حديث استتبع بأحاديث عن أزمة طالت أكثر من 30 قطاع اقتصادي مُتعثر منذ ستة أشهر بسبب الإجراءات المتخذة للحدّ من تفشي الوباء.
يأتي هذا التقرير استنادًا إلى تقارير سابقة أعدّها "المرصد العُمّالي" حول قطاع صالات الأفراح والقطاعات المساندة له، والذي رصد تبعات أزمة وباء "كورونا المستجد" على أعمالهم، إذ كانت مطالب القطاعات تتمحور حول إعادة فَتح صالات الأفراح والقبول بأي شروط صحية تفرضها الجهات المعنية لإعادة فتح القطاع.
اليوم؛ لم تتغير مَطالب أصحاب الصالات سوى أنها تمددت وأصبحت هاجسًا يرافقهم، خاصّةً، أن الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الوباء حالت دون سداد التكلفة باهظة الثمن لدفع الإيجارات لمستحقيها، وأضاعت موسم الصيف الذي يُعتمد عليها في هذا القطاع.
تُشغل صالات الأفراح عمّال المياومة (غير منظمين/غير مشتركين في الضمان الاجتماعي)، حيث تعمل بكثرة في الصالات: السّيدات اللواتي يعتمدنّ اعتمادًا كليًا على دخلهنّ من العمل اليومي في حفلات الزفاف كمشرفات قاعات، أو منَظمات حفلات، أو موظفات (كاجوال/ سيرفس)، أو عاملات نظافة، واللواتي أيضًا يواجهنّ ظروفًا معيشيةً صعبةً.
تحدّث (أحمد)، صاحب أحد صالات الأفراح لـ "المرصد العُمّالي" قائلًا: "نحن منكوبين .. الحجوزات معظمها ألغيت منذ بداية الأزمة.. والزبائن استرجعوا العربون المدفوع لحفلاتهم، وهنالك صالات لا تملك إعادة العربونات للزبائن، وتراكم عليها الديون".
استمرار إغلاق صالات الأفراح؛ واحتمالية استمراره لوقت أطول مع زيادة عدد الإصابات في المملكة هذه الأيام، دفع (أحمد) إلى التساؤل حول مستقبل قطاع صالات الأفراح، "كأنه هاي المهنة انتهت".
تعتمد (سارة) اعتمادًا كليًا على عملها كمشرفة في إحدى صالات الأفراح منذ أربع سنوات، "لا أملك أي مصدر دخل آخر يُمكنني من مصاريف البيت". تحصل (سارة) على 20 ديناراً كأجر يومي تستحقه على الحفلة الواحدة، ومنها تعيل أطفالها.
من جهته أشار ممثل أصحاب قاعات الأفراح (مأمون المناصير)، إلى أن قاعات الأفراح بالمملكة يصل عددها إلى 1200 قاعة وفرت ما يقارب 35 ألف فرصة عمل، مُقدرًا خسارتها بنحو 100 مليون دينار منذ بداية الأزمة، مطالبا بمنح حزم إنقاذ تتعلق بالضرائب واشتراكات الضمان الاجتماعي والتراخيص والإيجارات.
الكثير من القطاعات المرتبطة بقطاع صالات الأفراح والمناسبات توقفت عن العمل، وبانتظار من ينتشلها من أزمتها المادية، إذ يعتمد نحو 40 قطاعًا بشكل كلي أو جزئي على تقديم خدمات أو مواد لصالات الأفراح، مثل: المجوهرات، محلات الحلويات، النقل، الصالونات، الورود، محلات تأجير السيارات، بدلات الأعراس، الزفات، منظمي الأعراس، التصوير، وغيرها.
(سليم)، صاحب أحد مكاتب تنظيم حفلات الزفاف تحدّث لـ"المرصد العمّالي" قائلًا: "الأوضاع سيئة جدًا، هذه المرة الخطر مصيري، خصوصًا، أن كثيرًا من أصحاب مكاتب تنظيم الحفلات والأعراس اشتروا معدات من الصين قبل الأزمة، وهذه المعدات لم يتمكنوا من إحضارها إلى عمّان، لذلك هم اشتروا الخسارة فقط".
ويضيف مستكملًا: "لا نريد من الحكومة تعويضات مالية، حتى لا نبالغ بمطالبنا، لكن نريد من الحكومة أن تضمن لنا حقوقنا وحقوق الآخرين، وأن تنظّم العلاقة بين المالك والمستأجر، لأنّ كثيرًا من المالكين يطالبوننا بدفع الإيجارات، ونحن لا نستطيع دفعها، وأيضاً هم لديهم التزاماتهم".
الخلافات بين المالك والمستأجر كانت ولا تزال من أبرز المشاكل التي عانت منها القطاعات المتعثّرة جرّاء الإغلاق والتعطّل، الأمر الذي دعا مؤخرًا غرفة تجارة عمان لإنشاء مركز للتحكيم والوساطة بهدف المساعدة في حل النزاعات التي قد تنشأ بين التجار بأقل وقت وكلف بعيدا عن أروقة المحاكم.
أما (ميساء) صاحبة محلّ بدلات الأعراس ترى أنَّ الحال "كارثي" في ظل الإغلاق المستمر للصالات، مبينةً أن عودة محلّها للعمل لن يعوّض الخسارات التي تراكمت عليها، خاصةً أن الأعراس مرتبطة بموسم الصيف الذي انتهى؛ بينما عدد الحفلّات في الشتاء قليل جدًا.
ومع استمرار الإغلاقات تغيّر شكل الحفلّات والمناسبات خلال جائحة فيروس "كورونا المستجد"، يصرّ الزبائن على تخفيض قيمة إيجار البدلات، توّضح (ميساء) قائلة: "صارت العروس تطلب البدلة التي كان سعرها 200-500 دينار بـ 50 أو 100 دينار باعتبار أن الحفلة بالبيت، والبدلات التي كانت ما بين 50-150، أصبحنا نؤجرها بـ20 دينار".
في ذات السياق، يقول صاحب شركة للمناسبات والأفراح (يوسف)، أن الحكومة لم تؤمن مستقبل محلات المناسبات والأفراح ولم تلتزم بتعويضها الذي وعدت به، يقول (يوسف): "الحكومة لم تُسندنا وقت الضيق، ولم تعطينا بوادر أمل وفرج قريب".
وتابع: "نحن رزقنا كلّه في الصيف، نعمل بالصيف حتى نستطيع بالشتاء أن نقف على أقدامنا".
الأضرار تمادت حتى وصلت لمحلّات بيع الورود، يؤكد (سند) صاحب محل ورود في عمّان "أن محال الورود هي من أكثر القطاعات المتضررة، لأن إنتاجنا من الورود والأزهار إذا لم نتمكن من بيعه فإنّه يصبح تالفًا، هذا إذا لم نتحدث عن القروض والالتزامات والضرائب التي ندفعها، سواءٌ التي ندفعها لبورصة الأزهار أو لأمانة العاصمة وغيرها من الضرائب".
وبيّن (سند) أن 60 بالمئة من دخل محلات الورود يعتمد على موسم الصيف وحفلات الزفاف فيه، "نحن شغلنا موسمي، نعمل في الصيف، من عيد الأم للأعراس لحفلات التخرج، وكل هذا التغى، بالشتاء لا نعمل ولا يُطلب فيه الورد فيه"، يقول (سند).
فيما يصل عدد محال الورود والأزهار يصل إلى 517 محلًا يعمل فيها 1200 عاملًا.
ترتبط الحفلات بالصالات بفئة العاملين في فرق الزفات الشعبية، والتي تعتبر من أبرز فئات قطاع الأفراح؛ تحدّث "المرصد العمّالي" مع (إبراهيم) مسؤول إحدى فرق الزفات والاستعراضات، التي تتكون من عشرة شباب، 90 بالمئة منهم لا يملكونَ مصدر دخل آخر، وتراكم عليه إيجار البيت وفواتير الكهرباء والمياه. مؤكدًا أن العمل في موسم الشتاء "لا يُعول عليه أبدًا".
يرفض (إبراهيم) دعوات عديدة لإقامة "زفة عرس" صغيرة أمام إحدى المنازل خوفًا من غرامات قد يتعرض لها بسبب مخالفة أوامر الدفاع، "أنا إذا قبلت أزف عريس وتخالفت راح يدفعوني 110 دنانير، الزفة كلها ما بطّلع منها 110 دنانير، وهذا المبلغ بدوّر عليه هالأيام، يعطوني إياه وبظل سنة قاعد بالبيت"، يقول (إبراهيم).
في هذا السياق، يقول (مأمون القيسي) رئيس نقابة أصحاب محلات الأفراح والمناسبات والمهن المساندة لها "أن القطاع منكوب أساسًا، وكانت جائحة فيروس (كورونا المستجد) هي الضربة القاضية له"، منتقدًا فتح الحكومة لقطاعات كثيرة وحصر الخطر بقطاع المناسبات والأفراح.
يدرك (القيسي) أن عودة القطاع للعمل في هذه الفترة شبه مستحيل مع زيادة عدد الإصابات، لذلك استبعد في حديثه مطالبة الحكومة بالفتح الكامل أو التدريجي للقطاع، وإنما إعفاءات من رسوم التراخيص وإيجارات المحال وتخفيض اشتراكات الضمان الاجتماعي. وبحسب إحصاءات النقابة فإن عدد محلات القطاع 3000 محل في المملكة، 1500 منها مرّخص.
يُذكر أن وزارة العمل أعلنت الأسبوع الماضي قائمة بالقطاعات الأكثر تضررًا لشهر أيلول، وكان من ضمنها منشآت صالات الأفراح ومنشآت تأجير لوازم الأفراح والمناسبات.
وسمحت الوزارة، بموجب قانون الدفاع، لأصحاب العمل في القطاعات الأكثر تضررًا، الاتفاق مع العامل الذي يؤدي عمله من مكان العمل أو عن بعد بشكل كلي على تخفيض أجره الشهري لشهر أيلول بنسبة تصل إلى 20 بالمئة كحد أعلى.
وفيما يتعلق بأجور العاملين غير المكلفين بعمل في القطاعات الأكثر تضررًا، سُمح لصاحب العمل بتخفيض أجورهم الشهرية بنسبة تصل إلى 50 بالمئة للشهر الحالي شريطة أن لا يقل أجر العامل بعد التخفيض عن 220 ديناراً.