الرئيسية > النفايات.. مصدر قلق في الأردن يتحول الى فرصة ذهبية لسيدات في الشونة

النفايات.. مصدر قلق في الأردن يتحول الى فرصة ذهبية لسيدات في الشونة

الثلاثاء, 15 أيلول 2020
النشرة الالكترونية
Phenix Center
النفايات.. مصدر قلق في الأردن يتحول الى فرصة ذهبية لسيدات في الشونة
المرصد العمّالي الأردني – دعاء العجارمة ونديم عبد الصمد- يعاني الأردن من معضلة معالجة النفايات بشتى أنواعها، فبعد محاولات عديدة لحل هذه القضية، لم تتوانى السيدة (غدير الدخيل)، عن العمل في محطة فرز للنفايات في الشونة الشمالية. 
يعمل في المحطة، ما يقارب 60 سيدة من الشونة الشمالية: 20 سيدة يعملن داخل المحطة التحويلية ومحطة الفرز، و40 يعملن على جلب النفايات المراد تدويرها من المدارس والمنازل والمحلات التجارية في المنطقة، ووضعها في نقاط تجمع خاصّة تعرف لدى المجتمع المحلي بـ"نقاط خضراء". تجلب السيدات من المنازل الورق والحديد والألومينيوم والكرتون ليتم فرزها في محطة فرز متخصصة، ومن ثم كبسها في محطة تحويلية وبيعها لمصانع الكرتون أو الألومينيوم.
بنبرة إصرار وفخر، تقول غدير: "كنا نحن البنات نلف على البيوت والمحلات التجارية من أجل توعية الناس بأهمية فرز النفايات، ونقول لهم أنه يوجد "منطقة خضراء" في كل منطقة لتجميع النفايات"، تعاون بعض الأهالي مع الفكرة، وفضّل آخرون التخلص من نفاياتهم الصلبة بمقابل مادي. ما أثار الدهشة، أن غدير كانت على دراية تامة بحجم الانتقادات التي ستتعرض لها جراء عملها في هذا القطاع، إلا أنها أصّرت على العمل في هذا المجال "غير التقليدي" على حد تعبيرها.
في حين تكسب السيدات كل عشرة أيام "حوافز" تقدّر بـ 55 ديناراً؛ يحافظن في الجانب الآخر من عملهن على البيئة من خلال إعادة تدوير أنواع عديدة من البلاستيك، وتحويلها إلى قطع بلاستيكية (شكل اسطواني)، ثم بيعها (كمادة خام) للمصانع التي تقوم بدورها بإعادة استخدامها بأشكال مختلفة. 
وتتوزع تركيبة النفايات الصلبة في الأردن حسب المواد الأولية كالتالي: بلاستيك 16%، أوراق وكرتون 15% مواد عضوية 50%، معادن 4%، زجاج 4% بحسب المجلس الأردني للأبنية الخضراء عام 2012. 
ويعتبر قطاع إدارة النفايات الصلبة في الأردن واحدا من القطاعات الأكثر تعقيدا نتيجة لوجود مجموعات واسعة من أنواع وتركيبات مختلفة للنفايات الصلبة. تتم إدارة عملية النفايات الصلبة البلدية (المــواد الصلبــة وشــبه الصلبــة) وتشغيلها رسميا من خلال وزارة الإدارة المحلية، والتي تقوم بعملها من خلال جهات تنفيذية تابعة لها مثل البلديات ومجالس الخدمات المشتركة. 
تخلّت "غدير" عن الشهادة الجامعية في الجغرافيا، وعن عملها في التعليم، في سبيل عملها الجديد" فرز النفايات"، كان ذلك من أجل دعم أسرتها المكونة من خمسة أفراد، تحديدا، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها العائلة إثر جائحة "كورونا المستجد" التي عصفت بالمملكة. 
تخلق عمليــات جمــع وفــرز ومعالجــة وإعــادة اســتخدام النفايــات فـرص عمـل كبيـرة. والأهم مـن ذلـك، أن سلسـلة إدارة النفايـات تخلــق فــرص عمــل كثيرة للأشخاص الأقل كفــاءة أيضا. 
يتم إنتاج النفايــات الصلبــة البلديــة مــن المنــازل والتجمعــات الســكنية، بالإضافة إلــى نفايــات أخــرى شــبيهة لهــا مــن حيــث طبيعتهــا وتركيبهـا والناتجـة عـن أي نشـاط (المكاتـب، المؤسسـات العامـة والأنشطة التجاريـة وغيرهـا. النفايـات الخطـرة والضـارة لا تعتبـر ضمـن فئـة (النفايـات الصلبـة البلديـة).
عندما سمعت السيدات في الشونة الشمالية عن البدء بمشروع لفرز النفايات في المنطقة؛ كان هذا المجال باعتقادهن مجالا جديدا للعمل وغير مألوف. لاحقا، قدمت العديد من السيدات طلبا للالتحاق بالعمل في هذا المشروع التنموي، وتم اختيار ستين سيدة منهن ليلتحقن بعدها بدورات تدريبية حول اجراءات وأدوات السلامة العامة، وأهمية الالتزام بتطبيقها حفاظا على سلامتهن. كما تم الحاقهن بدورة تدريبية أخرى حول "مهارات التواصل" كونهن سيواجهن مجتمعا قد لا يتقبل فكرة عمل المرأة في هذا المجال، بالإضافة الى توعيتهن بأساليب الفرز الصحيحة، وتحديد الأنواع التي يمكن الاستفادة من بيعها بعد تدويرها، كالكرتون والبلاستيك والحديد.
تمر عملية تدوير النفايات الصلبة في خمس مراحل أساسية، نذكر منها ما يتعلق بعمل سيدات الشونة: مرحلــة منــع تولــد النفايــات: تقــوم هــذه المرحلــة علــى تشــجيع اســتخدام كميــات أقــل مــن المـواد واستخدام مـواد أقـل خطـورة، مـع الحفـاظ علـى استخدام منتجـات دائمــة وأكثــر أمانــا مــن أجــل إعــادة استخدامها لفتــرة أطــول وهذا ما قامت به سيدات في توعية المجتمع. 
يلي ذلك، مرحلــة إعــادة الاستخدام: فهــذه الطريقــة تشــجع علــى إعــادة استخدام المــواد (دون مزيــد مــن المعالجــة)، وهذا يصب في أساس عمل غدير ورفيقاتها، ثم مرحلــة إعــادة التدويــر: والتي تعنـى بمعالجـة النفايـات وتحويلهـا إلـى مـادة أو منتـج جديـد، وهذا ما تقوم به المصانع عند إعادة استخدام المواد الأولية التي يتم شراؤها من المحطة. 
تحدت غدير وصديقاتها بدعم من أسرهن وأزواجهن ثقافة العيب، وأصبح العمل في فرز النفايات مصدر رزق للعديد من السيدات المحتاجات في المنطقة، وأشارت العديد من السيدات العاملات في فرز النفايات الى أن العمل في هذا المجال لم يعد عليهن بالفائدة المادية فحسب، وانما عمل أيضا على تعزيز ثقتهن بأنفسهن، وتوسيع آفاقهن ومداركهن بضرورة الإعتماد على النفس، والإستقلال المادي بعيدا عن أي اعتبارات أخرى.
يذكر انه يوجد في الأردن 100 بلدية محلية و17 مجلس خدمات مشترك موزعة على المحافظات، كما وأن 17 مكبا يعمل في الأردن من أجل التخلص من النفايات الصلبة، وبحسب الإستراتيجية الوطنية لادارة النفايات الصلبة التي تم إطلاقها في عام 2015 سيتم تقليص عدد المكبات لـ 10 مكبات صحية وذلك حسب وزارة الإدارة المحلية عام 2020.