أحمد عوض
في الوقت الذي ترسل فيه الحكومة رسائل غير مباشرة عن عدم وجود نوايا لديها لإيقاف العمل بقانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 على المدى القصير، تجري العديد من الحوارات والمناقشات حول جدوى استمرار العمل بأوامر الدفاع المتعلقة بسوق العمل.
وفي ضوء انعكاسات بعض أوامر الدفاع على سوق العمل، نرى أن هنالك ضرورة ملحة لتعديل أو إلغاء بعض أوامر الدفاع المتعلقة بتنظيم علاقات العمل بين العاملين وأصحاب الأعمال في القطاع الخاص.
فقدان عشرات آلاف العاملين بأجر في القطاع الخاص لوظائفهم، يشير إلى أن أوامر الدفاع 6 و9 و14 لم تحقق الأهداف التي أعلنتها الحكومة عند إصدارها، وتمثلت في منع فصل العاملين من أعمالهم.
إن سوق العمل لا يتحرك بالتعليمات والقرارات والنوايا الطيبة، بل يتحرك وفق دينامياته (أدواته) الخاصة، ولأن أصحاب الأعمال هم أصحاب اليد الطولى في بقاء العاملين أو إنهاء خدماتهم، كانت النتيجة هذه الأعداد الضخمة من المفصولين من أعمالهم.
هذا الوضع لم يأت من فراغ؛ إذ إن السياسات الرسمية وعلى مدار عقود مضت، عمقت الاختلالات في علاقات العمل بين العاملين من جهة، وأصحاب العمال من جهة أخرى.
مفاعيل أوامر الدفاع في ظل وجود هذه الاختلالات، كانت نتيجته -رغم إنكار وزارة العمل- فقدان عشرات آلاف العاملين والعاملات في القطاع الخاص لوظائفهم، وأكدت ذلك مختلف الدراسات المسحية التي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية ومركز الفينيق للدراسات الاقتصادية. إن عودة الغالبية الكبرى من القطاعات الاقتصادية لممارسة أنشطتها، يزيل مبررات العمل بموجب هذه الأوامر، لأن غالبية العاملين الذين تعطلت أعمالهم، عادوا الى المؤسسات التي كانوا يعملون فيها. وبخصوص العاملين في المؤسسات التي ما تزال أعمالها متعثرة، يمكن أن يستفيدوا من المادة 53 من قانون الضمان الاجتماعي الخاصة بالمتعطلين عن العمل حتى تعود منشآتهم للعمل بشكل تسمح بعودتهم. ويمكن للحكومة في هذا المجال أن تتدخل باتجاهين؛ الأول يتمثل في تقديم الدعم المالي اللازم للمؤسسات التي تضررت أعمالها للحفاظ على استمراريتها والحفاظ على العاملين فيها، والثاني دعم صندوق التعطل عن العمل؛ إذ إن المادة 48 من القانون ذاته، تؤكد أن دعم الحكومة لهذا الصندوق يعد أحد موارده لتغطية أي نواقص فيه، بسبب سماح الحكومة بصرف جزء من موجوداته للعاملين الذي لا تنطبق عليهم صفة التعطل في النصف الثاني من العام 2019. وفي هذا السياق، لم يعد مبررا السماح بخصم ما قيمته 30 % من أجور العاملين في القطاع الخاص، وخصم 50 % أو 60 % من أجور العاملين غير الملتحقين بأعمالهم بسبب الإجراءات الحكومية الوقائية لمنع انتشار فيروس “كورونا المستجد”.
كذلك لم يكن هنالك أي مبرر منطقي أو اقتصادي لتعطيل العمل بالمادة 53 من قانون الضمان الاجتماعي، والتي تنظم أحكام تأمين التعطل عن العمل، وتكييف حالة الذين توقفت أعمالهم جراء حالة الإغلاق الاقتصادي، باعتبارهم “متعطلين مؤقتا عن العمل”، بديلا عن اعتبارهم “متعطلين عن العمل”، فلا فارق جوهريا في الحالتين يبرر حرمانهم من حقوقهم التأمينية وفق المادة 53 من قانون الضمان الاجتماعي وتمكنهم من الحصول على 75 % الى 45 % من أجورهم مباشرة من صندوق التعطل عن العمل. وفي هذا الإطار، نريد التأكيد أن دعم الاقتصاد (منشآت وأفرادا) لا يمكن أن يتم بدون أن تقوم الحكومة بتوفير مخصصات من موازنتها لدعم المؤسسات والعاملين بأدوات متعددة، ودعم صندوق التعطل إحدى هذه الأدوات.
صحيفة الغد الأردنية، 2020/7/1