الرئيسية > "المرصد العمالي" يرصد معاناة العاملين في قطاع النجارة... ركود يتبعه وباء فتعطّل

"المرصد العمالي" يرصد معاناة العاملين في قطاع النجارة... ركود يتبعه وباء فتعطّل

الثلاثاء, 01 أيلول 2020
النشرة الالكترونية
Phenix Center
المرصد العمّالي- هدى أبو هاشم
يُعتبر قطاع النجارة من القطاعات غير المنظمة، والتي يواجه عمّالها تحديات عديدة، تكمن في عدم استقرار مصدر رزقهم، واحتمال غياب هذا المصدر وانقطاعه إن أصاب القطاع ركود، أو تعرّض للتعطّل في حالة الوباء، وهو ما حدث مع العاملين في قطاع النجارة أثناء وبعد جائحة فيروس (كورونا المستجد).
سعى "المرصد العمّالي" في هذا التقرير، إلى التواصل مع عمّال المياومة العاملين في قطاع النجارة من محافظات مختلفة، وتوثيق شهاداتهم حول عمل القطاع ومعاناته.
(إبراهيم)، عامل في منجرة، في محافظة الزرقاء، يقول أن قطاع النجارة يُخيم عليه منذ سنوات حالة ركود، فإلى جانب الفوضى في وجود محلات غير مرخصة تمارس أعمال النجارة دون رقابة، فإن أسعار الخشب ارتفعت إلى مستويات قياسية، واتجه غالبية الزبائن إلى شراء الأثاث الجاهز أو المستعمل بدلًا من الأثاث المنجور المُفصّل.
حالة الركود ومعاناة عمّال المياومة، ومنهم النجارين، تعمّقت مع الحظر الشامل وإغلاق القطاعات الاقتصادية، وغيرها من الإجراءات التي كان هدفها الحدّ من انتشار فيروس (كورونا المستجد) في المملكة، وازداد الحال ضيقًا على عامّة الناس، مما جعلهم أكثر حرصًا على ترتيب أولوياتهم في الإنفاق والتركيز على الأساسيات.
فبحسب (إبراهيم)، لم يعد الناس بحاجة إلى الكماليات، ولا تُخاطر بطلب تفصيل غرف أو مكتبات، فيقتصر عمل النجارين على إصلاح ما عُطل من الأثاث، الأمر الذي ساهم مع فيروس (كورونا المستجد) في خفض الأجور.
يُبين (إبراهيم): "قبل فيروس كورونا المستجد كانت نسبة الإقبال جيدة، لكن مع ظهور أول حالة إصابة أُغلق المحل، وانخفض الراتب إلى النصف، فبدلًا من 120 دينار أسبوعيًا، صرتُ احصل على 60 دينار".
"العمل أصبح ضعيفًا، خفضّتُ الأسعار بشكل كبير حتى تتيسر أموري، ولم تتيسر"، يقول (ماهر)، نجّار متنقل في عجلون.
يعتمد ماهر على مركبته في التنقل بين الأحياء للعمل، مع الحظر الشامل تعطلّ عمله تمامًا لثلاثة أشهر، ومع رفع الحظر حاول (ماهر) أن يُقلل من أسعاره حتى يستطيع الوفاء بالتزامات منزله ودفع مصاريف مركبته.
يقول (ماهر): "تمر أيام دون ربح أو عمل، وأيام أخرى أعود إلى المنزل بـ 20-40 دينار، كيف يمكن لهذا المبلغ أن يُلبي الاحتياجات اليومية الأساسية؟".
(محمد)، عامل في منجرة، في عجلون، بيّن أن أوضاع سوق النجارة "تعيسة" في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن حجم العمل انخفض بنسبة لا تقل عن 60 بالمئة مقارنة بالعمل قبل 3 سنوات، إضافة إلى "تذرع" بعض الزبائن بضيق الحال لتخفيض الأسعار.
"الزبائن يستغلون وضع كورونا، يطالبون بتخفيض السعر بحجة الحظر والضائقة المالية، رغم بساطة الأسعار، وعلمنا بإمكانية بعض الزبائن بدفع المبلغ كاملًا".
يستلم (محمد) راتب 100 دينار أسبوعيًا، يتحمّل تكاليف إيجار منزله، إضافة إلى إعالة أسرته، وفواتير المياه والكهرباء، حاول مرارًا التقديم على دعم عمّال المياومة، الذي طرحته الحكومة، دون فائدة.
بينما (أسعد)، الذي كان يعمل في منجرة في محافظة إربد، سُرّح من عمله في شهر أيار، بعد تراكم فواتير الكهرباء والمياه على صاحب المحل، إلى جانب إيجار المحل، مما دفع الأخير إلى إغلاقه نهائيًا.
تعطّل عمل (أسعد) في شهري أيار وحزيران، انتقل في مطلع شهر تمّوز إلى الغور ليعمل في نقل وتحميل الخضار.
"بعد التسريح اضطررت للاستدانة، وطلب المعونة من الأقارب والجيران حتى أستطيع أن أصرف على أسرتي، الآن في الغور يتراوح دخلي يوميًا بين 20 إلى 50 ديناراً، حسب كمية وعدد الحمولة"، يقول (أسعد).
منذ 40 عامًا، يعمل (أحمد) نجارًا في العاصمة، لكن هذه الصنعة، وكل السنوات التي قضاها، لم تساعد على تأمين مستقبله متابعًا: "لم اشترِ أرض، ولا بيت، المال الذي نحصله من العمل، ننفقه على طعامنا" 
يرجع (أحمد) ضعف القطاع إلى المشاكل والمعيقات التي تواجه مهنة النجارة، منها ارتفاع أسعار الأخشاب والمواد الأولية، إضافة إلى ارتفاع أسعار الماكينات المستخدمة بعمل النجارة، خصوصا تلك التي تمتلك مواصفات وتقنية عالية في نظام العمل.
أما هذه السنة وما فيها من مستجدات، جعلت العمل في القطاع "الأسوء على الإطلاق" عند (أحمد)، بسبب تعطّل العمل في موسم الصيف، الموسم الذي تعتمد عليه غالبية القطاعات لزيادة أرباحها.
وكان يعمل لدى (أحمد) ثلاثة عمّال، تترواح رواتبهم الأسبوعية بين 50 – 150 ديناراً، لكن لصعوبة الظروف وضيق الحال، وعجزه عن دفع الرواتب سرّح أحمد اثنان منهم، وأبقى على الأخير.
وبحسب وزارة العمل فإن قطاع النجارة يفتقد إلى نقابة خاصة، تنظم القطاع وتسيّر أعماله.
ويُقدر عدد العاملين في القطاع 7 آلاف إلى 8 آلاف عامل، يعملون في ما يُقارب 2000 إلى 3000 محل في المملكة.